مقالات
مقامات الدهشة..
مقامات الدهشة تتصاعد في ردهات الوجدان، كلما اهتزَّ وتر أو علا لحن أو تردَّد صوت بشري - ملائكي.
الموسيقى من أسرار الله العليا. وإذا ما التقيت امرَأً لا يطرب للموسيقى، فأدرك أنه إما ملحد، أو مُختل، أو لا يدري أنه لا يدري على الإطلاق!
.
.
.
عندما تُقرَع أجراس القيامة.. ويتنادى العشاق إلى الصراط المُفترَق بين السلامة والندامة،
حينها اكتبي بدمي على الجدار الأخير في اِيوان الرب:
كان يتعبّد في محرابك
ويدقُّ مراراً على بابك
ولكن داهمه عسكر الليل بُغتةً، وألقوا من يديه قارورة التوبة
وصرخوا في وجهه: إنّ العشق أكذوبة!
.
.
.
عندما يأذن الله لصاحب الصرخة..
وتُزلزل الأرض بالأثقال.. وينشقّ البحر عن الأنفال.. ويصير المرء بلا ولدٍ ولا أموال .
حينها، اكتبي ما حفظتيه عني:
لم يكُ يوماً كذوبا،
لم يكُ يوماً نهوبا،
لم يكُ يوماً لعوبا،
وكانت الحمائم تحطُّ على كتفيه.. والعذارى تقطف التين من شفتيه.. وكان شعاع البدر يصبُّ في عينيه..
ومن كفَّيه ينداح شلال خمرٍ وماء.
لكنهم قتلوه في لحظةٍ فاصلةٍ بين شهوة الدماء ومغفرة السماء!
.
.
.
يا إلهي،
من أين هبطت هذه الدهشة المكثفة كقطرة روح في صحن الآلهة!
.
.
.
سيُقتلون واحداً واحداً..
لأن عزرائيل جنرال في جهاز الأمن،
ومساعد رئيس الحزب لشؤون المقابر الجاهزه.
سيُقتلون واحداً واحداً..
لأن الطوابير صارت سبعة، لا خمسة،
والطابور السابع هو الذي سيستحق الجائزة.
سيُقتلون واحداً واحداً..
لأن أركان الحرب أبناء عمومة، لا خصومة،
جدُّهُم من قبيلة غدر.. وجدَّتُهم من قبيلة ناشزة.
.
.
.
ليتكم تسمعون شيئاً من الموسيقى.. ليس بالضرورة ياني أو فالح حسن..
ليتكم تسمعون شيئاً من الطرب.. ليس بالضرورة فيروز أو تينا تشارلز..
المهم أن تستمعوا، حتى تستمتعوا، ثم تعوا معنى أنسنة..
الأنسنة مرتبة رفيعة جداً من مراحل تطور الجنس البشري.. قد تعثرون على كشافة مقطعية لها في آخر فصول نظرية "النشوء والارتقاء".. وقد تستطيعون التقاط صورة "سيلفي" معها إذا استمعتم إلى السيمفونية الخامسة لبيتهوفن أو قرأتم "عوليس" جيمس جويس أو "سونيتات" وليم شيكسبير..
لكن الانتماء إليها -ناهيك عن الارتباط العضوي بها- يحتاج إلى ممارسة جذرية تتجاوز تخوم القشريات إلى أعماق الجوهر.. وما تقترفونه بحقنا وحق بلدنا وتاريخنا لا يمنحكم الفرصة لتحقيق هذه الغاية على الإطلاق.
أنكم - اليوم - تعودون إلى مقدّمة الفصل الأول من نظرية تشارلز داروين!