مقالات

من سيدفع الثمن؟

01/06/2024, 08:44:38

تبادل الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي قوائم الحظر للمصارف والبنوك في مناطق السيطرة وجغرافيا الصراع مؤشر آخر للجنون والمتاعب الاقتصادية وحروب الانتقام المتبادلة.

إن كان هناك من إيجابيات مثمرة للإجراءات الحكومية، فالكل متفق على أنها خطوات متاخرة لسنوات. هي كذلك، مؤشر على كمية الفرص المهدرة من قِبل الحكومة الشرعية.

خلال العشر سنوات، أتيحت للشرعية فرص عديدة لمحاصرة الجائحة الحوثية، وهي لا تزال جماعة هامشية منبوذة في ضواحي صعدة.
استدعاء طرق وأساليب تسمين الجماعة، حتى بدت كديناصور ضخم يهدد حياة اليمنيين في شتى مجالات الحياة، مثير للقرف.

يبدو حالة نادرة في تاريخ سقوط الدول أن تجد جماعة تختطف حياة الناس ،وكافة مصالحهم اليومية، لتحولها إلى دروع حماية لبقائها.

وللمرة الأولى، تبدو كل صفات القُبح الذميمة من انعدام المسؤوليات والوطنية والأخلاق نقاط قوة مستخدمة في المواجهة.

هذه جماعة مارقة لا تنتمي للحياة ولا لليمنيين بصِلة؛ جماعة منفلتة من كل قيد مسؤول عن حياة الناس؛ تصلح للنهب والغزوات ضد الخارج.

القرار الأخير للبنك المركزي ألقى الضوء، مرُة أخرى، على كمية الفرص المهدرة للقضاء على الآفة الحوثية في البلاد.
ردة الفعل الحوثية، والسعار المعلن، يبيّنان قدر الألم؛ ما يعني أن هزيمتها، لا تزال ممكنة، رغم هذه السنوات الأليمة.

في كل مرة، نشعر مثل آخرين بشيء من الإحباط حيال خطوات الحكومة، ومن حق قطاع كبير التعبير عن فقدان الثقة بأي خطوة بعد سنوات من تسرب الآمال.

البعض يبدو كمن يريد اللجوء إلى أي جهة في مواجهة هذه الجماعة المارقة. لكن، للأسف، الشرعية بكل هذا القبح والرخاوة تبدو أيضا هي الملجأ الوحيد.

ندرك الصعوبات وحجم الورطة، حيث أضحت الشرعية شرعيات مختطفة من عدة جهات إقليمية ودولية، وما يُقال في كثير من التصريحات عن تنازلاتها من أجل السلام ليس صحيحا.

ما قدَّمته الشرعية، خلال سنوات الحرب، لا يُعد بهذا المسمى الرقيق والعذب، بل تنازلات مخجلة عن سيادة بلد ومصير شعب؛ لا أحد يتنازل عن العاصمة الموحّدة لليمنيين بعد أن وصلت طلائع قواته إلى ضواحي صنعاء، استجابة للخارج.

الحديدة، أيضا، وموانئها، تُركت لصالح المليشيات، تحت ضغط اتفاق "ستوكهولم"، ومن أجل عملية سلام زائفة.

هناك قصص مخجلة وعارية عن المنطق. الشرعية في النتيجة، فرَّطت بفرص ثمينة لاستعادة مؤسسات الدولة، وتركت شعبا يتعرّض للمِحن والمصائب اليومية تحت حكم الحوثيين.

صحيح، لم يكن هذا خيارها؛ لقد دُفعت إليه بقوة، وتحت طائلة التهديدات والضربات الجوية أحياناً. لكن، ما الذي كانت تأمله من نتائج غير هذه الصورة الكلية البائسة؟!

من الجيِّد أن أطرافا كثيرا تدفع الثمن الآن. السعودية أدركت حجم الورطة، وتحاول الخروج من المشهد باستدعاء وساطات واتفاقيات منفردة؛ لكنها ستظل عُرضة للابتزاز في أي موقف طارئ، ولا تستطيع أن تغادر البلد للمرة الأخيرة دون ثمن.

وحسناً فعلت المليشيا بإعادتها إلى المشهد على خلفية قرارات البنك المركزي الأخيرة. قال الناطق باسم مليشيا الحوثي، محمد عبدالسلام، إن هذه الخطوة -يقصد بها قراررات البنك- "تهدف إلى توريط دول أخرى، ومنها السعودية، في حرب تجويع الشعب اليمني".

أيضا، ثمة تصريحات لافتة للسفير الأمريكي، ستيفن فاجن، حيث قال -في ندوة أقامها "معهد واشنطن للدراسات السياسية"- إن ‏الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى فيها.

تأتي تصريحاته على خلفية استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن ضد الملاحة الدولية.

أدرك السفير الأمريكي المعادلة المختلة للسلام الآن، مثله وآخرين، بعد أن تركوا ودعموا هندسة الساحة بالصراع، وفراغ الفوضى.

من المؤكد أنهم يتساءلون في غمرة هذا الإدراك: كم كانت هزيمة الحوثيين، وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي، سهلة وميسَّرة؟

بالنسبة لنا، وهو الحصاد الأسوأ: الشعب اليمني هو من يدفع الثمن الأكبر من كل هذه الحماقات التي ارتكبتها جميع الأطراف.

مقالات

أزمة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وانعكاساتها السياسية

تشهد الساحة اليمنية منذ أسابيع تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، الذي شُكّل في أبريل 2022 بدعم سعودي–إماراتي، ليكون مظلة سياسية وعسكرية لإدارة المرحلة الانتقالية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، غير أن تضارب الأجندات الإقليمية وتباين مصالح القوى اليمنية المشاركة سرعان ما انعكس على أدائه، لتتحول مؤخرًا إلى أزمة تهدد تماسك المجلس نفسه.

مقالات

ثلاثُ ليالٍ بقيتُ ضيفًا على جُنودِ المظلّات

كنتُ صباح كلّ يومٍ أذهب إلى الكليّة الحربيّة لأداء امتحانات القبول، وقبل إعلان النتائج بيومين كان المبلغُ الذي جئتُ به من الحُديدة قد تسرَّبَ من جيوبي. حتّى إنني في صباحِ اليومِ الذي ذهبتُ فيه لمعرفةِ النتيجة، ذهبتُ وأنا بلا عشاءٍ ولا صَبوح.

مقالات

الإمامة هي المشكلة والجمهورية هي الحل

قديماً، في زمن كل الحروب: حروب العرب والإسلام والصليبيين والمغول والتتار وغيرهم، كان المنتصر فيها هو من يكتب التاريخ، وتصبح جرائمه وانتهاكاته وحتى مذابحه ملاحم وبطولات وأمجاداً يورِّثها لمن بعده ومن يليه ولأحفاده بعده، ولم تكن هناك رواياتٌ مغايرة لما جرى إلاَّ لماماً ونادراً، طالما تعرَّض أصحابها لضرب الأعناق وجزِّ الرؤوس وهدم البيوت وحرق الكُتب ومحو كل أثرٍ لأصحابها، ولا داعيَ لذكر المزيد.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.