مقالات

نظرية الفن والأدب من منظور اجتماعي عند حمود العودي !!

09/08/2025, 08:35:59

مازال الدكتور والبروفيسور حمود العودي يفاجئنا بإصداراته المثيرة للجدل، كعادته منذ بدأ حياته مع الكتابة والتأليف ومقاومة الأفكار المتخلفة، واقتحام المسكوت عنه وتحدي التابوهات، باعتبار الكتابة نوعاً من مقاومة الظلام والطغيان، ورصد مسيرة الفن والأدب الإنساني عموماً، باعتبارها فسحة في زمن القيود التي كبلت المجتمع عن ممارسة كل أشكال التعبير عن الحرية والتطلع نحو مستقبل أفضل.

ونحن هنا نحاول استعراضاً دقيقاً لهذا السفر العظيم الذي يتكون من مجلدين، والذي بمجرد الاطلاع على ملخصه تتملك القارئ الرغبة العميقة في قراءة هذا العمل الفخم، في هذا المجال، من أكاديمي متخصص في علم الاجتماع، أفنى سنوات طويلة في هذا الميدان الاجتماعي في مجتمع مليء بالتعقيدات عبر التاريخ السياسي والاجتماعي.

صدر الكتاب عن دار أروقة للدراسات والنشر بالقاهرة.
يتضمن الفصل الأول المفاهيم العامة للفن والأدب، وهي مفاهيم منطوقة وغير منطوقة وغير مكتوبة، وهي التي يطلق عليها الأدب الشعبي، ثم مفاهيم الأدب والفن المكتوب.

أما الفصل الثاني، المسمى بالأبعاد والدلالات المتعلقة بمفاهيم نظرية الأدب والفن، فيتناول الصورة والصوت وهما الجذر الجبري للتفكير الاجتماعي بصفة عامة، والفن والأدب بصفة خاصة، وكذلك اللغة المنطوقة كتصوير وتعبير عن علاقة الأنا بالآخر، ثم اللغة المكتوبة التي هي ارتقاء بلغة المعرفة والفن والأدب المنطوق.

أما الفصل الثالث، فقد خصصه لجدلية تطور الخيال البشري من السحر والخرافة والأسطورة إلى الفلسفة والفن، مروراً بمرحلة التفكير بالأنا من خلال الآخر الذي هو السحر والأسطورة والخرافة، وكذلك مرحلة التفكير بالأنا والآخر من خلال الأنا التي هي الفلسفة والعلم والفن حسب وجهة نظره، إضافة إلى جدلية العلاقة بين ما هو موضوعي وما هو خيالي في التاريخ الاجتماعي.

أما الفصل الرابع، فيناقش جدلية الخيال البشري من سلطة على الأنا إلى فلسفة وفن راقٍ لها، ثم دور فلسفة العلم في تحويل خيال الإنسان من الخرافة إلى الفن والأدب، وكذلك جدلية العلاقة بين ما هو فني وأدبي وما هو موضوعي.

أما الفصل الخامس، فيتناول جدلية العلاقة بين ما هو جماعي وما هو فردي في الفن والأدب من منظور اجتماعي.

ومن حيث المفاهيم غير المنطوقة، يذكر الصورة والصوت والحركة الإرادية واللاإرادية والرسم والإحساس. أما المفاهيم التعبيرية فهي تحويل الواقع إلى معنى، وكذلك الغناء الذي هو اللحن المعبَّر به عن المعنى الأرقى لمفردات اللغة، إضافة إلى الحكايات والأساطير التي هي صور العالم المنشود في خيال الإنسان، وكذلك الحكم التي تعبّر عن خبرة الإنسان العملية في أقل قدر من الكلمات.

في حين أن الأمثال لا معنى لها إلا في سياق القصة التي وردت فيها، بينما الأقوال هي عبارات مقتضبة تكتسب معناها من سياق موقف ما، والفكاهات هي لغة تعبر عن النكتة المثيرة للضحك ولا يمكن التعبير عنها بشكل جاد، والأحاجي هي مجموعة من الألفاظ المعقدة التي يراد تكرارها، بينما الألغاز والحزاوي هي عبارات مختصرة لاختبار الذكاء وسرعة البديهة عند الإنسان عامة.

أما مفاهيم الفن والأدب المكتوب، فهي ما يُعرف قائله وكاتبه، ويتمثل في القصة والرواية والمسرح والشعر والترتيل والإنشاد... إلخ.

وأشار المؤلف إلى الأبعاد والدلالات المتعلقة بمفاهيم نظرية الأدب والفن من خلال الصورة والصوت، التي قد تكون صورة واقعية أو متخيلة، وأولوية التفكير من الصورة، والدافع الذي يتكون منه الفعل ورد الفعل، في حين أن الصوت يعطي إحساساً ورد فعل سلباً أو إيجاباً تلبيةً لحاجة أو للدفاع عن النفس.

أما ما يتعلق باللغة المنطوقة، فهي صدى للواقع وتعبير معنوي عنه أو تحويل الواقع إلى معنى، وتشكل جدلية العلاقة بين الأنا والآخر أو الذات والموضوع، بينما مفردات اللغة المنطوقة هي محاكاة لأصوات وحركات الواقع المعطى. فالأطفال يبدعون مفردات لغتهم بأنفسهم، ولولا أننا نفرض لغتنا عليهم لاخترعوا لغة خاصة بهم تعبر عن مشاعرهم المختلفة. أما الكبار، فيبدعون مفردات لغتهم الصوتية المصورة لأفعالهم ومشاعرهم أيضاً. 

ويخلص المؤلف إلى أن اللغة المكتوبة هي ارتقاء بلغة المعرفة والفن والأدب المنطوق.

ويفصل المؤلف جدلية تطور الخيال البشري من السحر والخرافة والأسطورة إلى الفلسفة والفن، وهي مرحلة التفكير بالأنا من خلال الآخر الذي هو السحر والخرافة، ويقسّم ذلك في عدة نقاط: محدودية ما هو موضوعي في البداية، ثم صناعة الآخر الخرافي والاحتكام إليه، وتطور العلاقة بين الأنا والآخر الخرافي من التعددية الوثنية إلى التوحيد، ثم الانتقال إلى مرحلة التفكير بالأنا والآخر من خلال الأنا التي هي الفلسفة والعلم والفن، والتي تدل على فشل الآخر الخرافي والأسطوري في تلبية احتياجات الإنسان والدفاع عن نفسه.

وبعد اتساع ما هو موضوعي وحل الإنسان من خلال ذلك لكل مشاكله، صار كل ما لم يحتكم للعقل والعلم من تفكير وفعل الإنسان هو مجال فلسفة العلم. ومع ذلك، ما زالت هيمنة الخرافات والأساطير لدى بعض الجماعات الدينية وخزعبلات السلالات والدماء النقية.

أما ما يتعلق بجدلية العلاقة بين ما هو موضوعي وما هو خيالي في التاريخ الاجتماعي، فكلما تزايدت مساحات الحقائق الموضوعية وتطور ما هو موضوعي من متغير ثانوي جزئي، تراجع ما هو خرافي وأساطيري، وكثيراً ما يتسبب التطور الموضوعي في بروز مجالات وظواهر جديدة للخيال الأسطوري والفكري.

ويختتم المؤلف هذا العرض بمناقشة جدلية الخيال البشري بتوسع، من كونه سلطة على الأنا إلى فلسفة وفن راقٍ لها، من الفلسفة الميتافيزيقية إلى فلسفة العلم الوضعي كما عند ابن خلدون وكونت وماركس وغيرهم.

 وفي حين أصبحت الفلسفة العلمية مرتبطة بفهم الواقع وتغييره لا بشرحه وتفسيره نظرياً وخيالياً على النمط السوفسطائي، فإنها لم ولن تحول كل شيء إلى علم.

لقد قامت فلسفة العلم بتحرير العقل من قيود الخرافة والأسطورة والخيال المطلق. 

ويختتم الفصل الرابع بالتأكيد على أنه لا نهاية لتحول الفلسفة الوضعية إلى علم، ولا نهاية لتحول المادية والمعنوية إلى فن.

وفي الأخير، نشير إلى الفصل الخامس الذي خصصه لجدلية العلاقة بين ما هو جماعي وما هو فردي في الفن والأدب من منظور اجتماعي.

مقالات

الفساد كثقافة

في اليمن وحدها، يقدِّم لك التاريخُ والسياسةُ والاقتصادُ والسلطةُ والمجتمعُ نماذجَ متعددةً في ممارسة الفساد المكثف.

مقالات

دوار الحب ودوار البحر 7

في الاجتماع سألني المسؤول الحزبي عن البنت تغريد وهل وافقت على دخول الحزب؟ وحين قلت له بأنها لم توافق شعرت من تعابير وجهه كما لو أنه يدينني لعجزي عن استقطاب بنت أمية وغير متعلمة.

مقالات

الريال الهزيل

كثير من التفاؤل المخلوط بالمخاوف والمحفوف بالتكهنات عاشه اليمنيون خلال الأيام الأخيرة وهم يتابعون التعافي المفاجئ للريال أمام العملات الأجنبية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.