مقالات

هذه الثورة

17/02/2022, 19:20:45
المصدر : خاص

كأيّ حدث في تاريخنا السياسي والوطني - الحديث والمعاصر - يحتدم الخلاف، وتتناقض المواقف تجاهه، بين مؤيّد ومعارض، غير طرف ثالث يقف في منزلة بين المنزلتين في غالب الأحيان.

حدث هذا كثيراً، ولا يزال يحدث، وسيظل، تجاه جُل - ان لم يكن كل - الأحداث والأشخاص والقضايا في سياق ذلك التاريخ.
 ولا أذكر حدثاً أو قضية أو شخصاً أو ثورة أو موقفاً أو فكرة أتفق الجميع بصددها سلباً أو إيجاباً.

حتى هذه اللحظة - على سبيل المثال - لا يزال الخلاف، وليس مجرد الاختلاف، قائماً بقوة في المناسبات بالذات، وعند حلول ذكراها، تجاه ثورتي سبتمبر وأكتوبر ووحدة مايو واستقلال نوفمبر. لم نتفق يوماً على حقيقتها وطبيعتها ومآلاتها.

الأمر ذاته تجاه الموقف من معظم - إن لم يكن مجمل - أحداث البلاد وقضاياها. وكذا تجاه جميع من حكم اليمن أو شارك في حكمها، قبل الثورتين وبعدهما.

ولذا، وعلى هذا المنوال، وفي هذا السياق، جاءت ثورة الشباب - التي تمر اليوم ذكراها الحادية عشرة - في ما عُرف حينها بالربيع العربي. إذْ لا يمكن القطع بأن رأياً أو موقفاً تسيَّد المشهد على نحوٍ واضح تجاه هذا الحدث، يميناً أو يساراً أو وسطاً، من قِبل جميع المشاركين أو المراقبين أو حتى اللامبالين و"اللا أدريين"، على حدٍّ سواء.

لقد عانى كثيرون جراء انخراطهم في أتون هذه الثورة ، بل فقد كثيرون حيواتهم أو حياة قريب أو رفيق أو عزيز، وكان هذا الفقد أشد مضاضة على النفس مما تقدر احتماله، لا سيما إذا كان العدم هو المقابل لهذا الفقد، وكانت هذه الخسارة العظمى من دون أدنى نتيجة أو فائدة أو قيمة.

فقد تأكَّد للكثيرين أن تضحياتهم وتضحيات رفاقهم وأعزائهم قد ذهبت هباءً منثورا، وهم يرون كذَّابي الزفَّة، وغانمي الفرص، وسارقي الفرح، يجنون الأرباح من وراء هذه التضحيات بشتى الصور والصُرَر.

لقد كان الشباب عبر التاريخ هم وقود الثورات وزادها وفتيلها. كان الشباب هم أطهر وأنبل وأقدس ما نادت به الثورات من قيم ومُثل ومبادئ. وفي هذه الثورة بالذات، كان الشباب الألف والياء، المبتدأ والمنتهى، الفاتحة والختام. فلندرس فاتحة الثورة... ولنقرأ ختامها.

لن يُنكر أحد أن هذه الثورة قد كشطت الصدأ عن جواهر نفيسة في الذات والموضوع معاً، في أشخاص النضال وقضايا التأزُّم، مثلما أضاءت النور على مناطق مُعتمة في الوعي والوجدان الجمعي لليمنيين. لكن ما يؤسف له - في الوقت نفسه - أنها أطلقت بالونات صفراء في سماء ملبّدة بالدخان، وصنعت شخوصاً من وحل ونصوصاً من سُخام. إذْ لم يكن أحد ليتصوَّر حينها أن ثورة الشباب ستشهد - غصباً عنها - ما تشهده دائماً ثورات الكهول من ازدحام بالعاهات والأقزام ولصوص الأحلام.

مقالات

أزمة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وانعكاساتها السياسية

تشهد الساحة اليمنية منذ أسابيع تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، الذي شُكّل في أبريل 2022 بدعم سعودي–إماراتي، ليكون مظلة سياسية وعسكرية لإدارة المرحلة الانتقالية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، غير أن تضارب الأجندات الإقليمية وتباين مصالح القوى اليمنية المشاركة سرعان ما انعكس على أدائه، لتتحول مؤخرًا إلى أزمة تهدد تماسك المجلس نفسه.

مقالات

ثلاثُ ليالٍ بقيتُ ضيفًا على جُنودِ المظلّات

كنتُ صباح كلّ يومٍ أذهب إلى الكليّة الحربيّة لأداء امتحانات القبول، وقبل إعلان النتائج بيومين كان المبلغُ الذي جئتُ به من الحُديدة قد تسرَّبَ من جيوبي. حتّى إنني في صباحِ اليومِ الذي ذهبتُ فيه لمعرفةِ النتيجة، ذهبتُ وأنا بلا عشاءٍ ولا صَبوح.

مقالات

الإمامة هي المشكلة والجمهورية هي الحل

قديماً، في زمن كل الحروب: حروب العرب والإسلام والصليبيين والمغول والتتار وغيرهم، كان المنتصر فيها هو من يكتب التاريخ، وتصبح جرائمه وانتهاكاته وحتى مذابحه ملاحم وبطولات وأمجاداً يورِّثها لمن بعده ومن يليه ولأحفاده بعده، ولم تكن هناك رواياتٌ مغايرة لما جرى إلاَّ لماماً ونادراً، طالما تعرَّض أصحابها لضرب الأعناق وجزِّ الرؤوس وهدم البيوت وحرق الكُتب ومحو كل أثرٍ لأصحابها، ولا داعيَ لذكر المزيد.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.