مقالات

اليمن ونزعة الاستقلال (4)

12/09/2022, 06:49:10
بقلم : محمد صلاح

إن صرخة السيادة، والدعوة إلى الاستقلال في اليمن، ومواجهة الغزاة الأجانب خلال مراحل التاريخ المتفرقة، كانت تلغي الفوارق، والخلافات الثانوية بين اليمنيين، وتمنح القوى التي ترفع رايتها حضورا وقبولا واسعا داخل المجتمع، وبروزا يغطي رقعة الأرض اليمنية بكاملها.

مع بداية النهضة الأوربية، والثورة الصناعية، والاكتشافات الجغرافية الحديثة، والبحث عن أسواق جديدة، فإن أساطيل  القوى الأوروبية لم تتوقف عن تهديد اليمن، وسواحلها، ومحاولة السيطرة عليها واحتلالها، غير أن اليمنيين كانوا يتصدون لكل تلك الحملات ببسالة قوية.

تعرضت مدينة عدن مطلع القرن السادس عشر للميلاد لهجمات الاسطول البرتغالي، وكانت البلاد تخوض صراعات متعددة بين القوى المحلية على السلطة، ومع ذلك تمكنت المدينة من التصدي لأول حــمـــلة عسكرية برتغالية للسيطرة عليها سنة 919هـ/1513م حيث لاقت القوات البرتغالية "مقاومة عنيفة وتكبدت خسائر بشرية ومادية فادحة أرغمتها على الانسحاب من ميدان المعركة" [طارق نافع الحمداني: عدن بين مطامع البرتغاليين ومطامح العثمانيين خلال النصف الأول من القرن السادس عشر  ص171، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، عدد 42، الكويت، إبريل 1985م]

ورغم تفكك السلطة في اليمن، خلال أوقات متفرقة، وتناحر القوى فيما بينها على الحكم، إلا أن همّ الدفاع عن استقلال البلد، ظل حاضرا في أوساط اليمنيين، بحيث كانت تتداعى المناطق، والقبائل في تقديم العون، والمساعدة لأي منطقة يمنية تتعرض لمخاطر الغزو الأجنبي. وخلال جولات عديدة، من الصراع مع الخارج "أثبت اليمنيون - عبر هذه القرون - بوقوفهم متحدين أو متفرقين في وجه البرتغال والأتراك، ثم في وجه الانجليز - أثبتوا بذلك أن استقلال التراب اليمني ووحدة أبناء اليمن من المقدسات الني كانت لا تغيب ولا تسقط من قائمة الهموم الشعبية والرسمية.[عبدالعزيز المقالح شعر العامية في اليمن ص 127]  فقد استطاعت مدينة عدن الصمود، ومقاومة مدافع الاسطول البرتغالي، وجنود البوكيرك بفضل الدعم، والمساعدة التي تقدمت بها حضرموت، وابنائها حيث "تطوع الملاحون وملاك السفن من مدينة الشحر والموانئ المجاورة لها كالحامي بنقل المعونات المادية والنجدات العسكرية التي بعث بها السلطان بدر أبو طويرق  للسلطات الطاهرية في عدن سنة 922هـ/1516م والمكونة من ألف مقاتل أغلبهم من قبائل الحموم والمهرة للدفاع عن المدينة، كما ساهمت الأتاوات السنوية التي كان يبعث بها آل كثير للطاهريين في عدن والتبرعات المالية التي تم جمعها من الأهالي في حضرموت لصالح الدفاع عن مدينة عدن في إعادة بناء وترميم القلاع والحصون والدفاعات المحيطة بعدن وصد الهجوم البرتغالي عليها."

وحين تعرضت مدينة الشحر للغزو البرتغالي عام (942ه)، فإنها تصدت له ببسالة، واحرقت الاسطول الحربي الذي نزل على الشواطئ، وقد شارك إلى جوار قوات السلطان بدر بن أبي طويرق، وقبائل حضرموت ويافع، - كما يقول الطيب بافقيه في تاريخه - عدد من ابناء الجوف بقيادة أحد الاشراف، إضافة إلى بعض قبائل الزيدية. [انظر محمد بن عمر الطيب بافقيه تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر ص235، تحقيق عبدالله الحبشي]

إن نزعت الاستقلال المهيمنة على طبيعة الشخصية اليمنية، كانت من أهم الاسباب التي اعطت الامامة فرصة التواجد التاريخي، والحضور على مسرح الاحداث "ولعل في هذا الحرص من جانب الإمامة في استرضاء النزعة الاستقلالية عند اليمنيين يكمن السبب الأول للتواجد المتقطع للإمامة طوال ألف ومائتي عام." [عبدالعزيز المقالح شعر العامية في اليمن ص132] فقد كانت تستعيد انفاسها، ويبرز رجالها وقادتها مع أي غزو خارجي، أو حضور أجنبي إلى البلد، فبعد أن خمدت طيلة عهد الدولة الصليحية، فإنها عادت إلى مسرح الأحداث بصورة فاعلة، مع قدوم الأيوبيين (569ه) إلى اليمن، ببزوغ نجم الإمام عبدالله بن حمزة (ت614ه) الذي استغل وجودهم لتعبئة المجتمع ضدهم، وإن لم تتمكن الإمامة من الهيمنة على السلطة في البلد، إلا أنها حققت حضورا على الساحة اليمنية، وكانت الدولة الرسولية هي من نهضت بحكم اليمن، وتوحيدها، بعد خروج الأيوبيين.

كانت وما زالت راية الاستقلال، ومناهضة الأجنبي، وإخراجه، تمنح القوة المحلية، التي تنهض بأعبائه قبولا شعبيا واسعا في كافة أرجاء البلاد.

فطوال سبعمائة عام من تواجد الإمامة على مسرح الأحداث، وصراعها على السلطة، فإنها لم تتمكن من تجاوز مناطق المرتفعات اليمنية، وإيجاد موطئ قدم لنفوذها، فضلا عن الوصول إلى حكم البلاد بأكملها، إلا في عهد الإمامة القاسمية، وقد تحقق لها ذلك بسبب قيادتها للانتفاضات، والثورات ضد السيطرة العثمانية على اليمن (1535 – 1636م) والتي استمرت مائة عام.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.