مقالات

"بلقيس" لا تطفئ الشموع

04/05/2024, 07:08:51

ربّما زهرة العمر قضيتها في قناة "بلقيس"، كنتُ قادماً من عملٍ في وسيلة إعلام رسمية ممتلئة بالمحاذير إلى وسيلة شعارها "صوت كل اليمنيين"، كان ذلك بمثابة انتقال بين عالَمين.

تجمع هناك نخبة من الصحفيين المتحمّسين للعمل، وكان عليهم مواجهة مجموعة من القتلة الجُدد المتحمّسين للسلطة، تشبه تلك المواجهة مواجهة رجل يحمل بندقية مع من يحمل قرطاسا وقلما عائداً من مدينة قصدها للتعلّم، وقد كانت "بلقيس" ذلك القرطاس.
يسقط الضحية فيعلو في شاشتها، يجد فيها مساحة تمنح أقاربه نوعاً من الإحساس بالوجود والتضامن.

تضامنت القناة الجديدة مع الضحايا حتى أصبحت جزءاً منهم، قُتل من مراسليها من كانت تنتظر تقاريرهم عصر كل يوم.
اختفى صوت أديب الجناني وهو متحدثاً على الهواء، وقتها قالت نضال -المذيعة المباشرة على الهواء-: "أديب هل تسمعني؟".

صنع ذلك فارقاً في حياتها المهنية، كان على أحد القلبين أن يتوقّف.
أن تفقد زميلك على الهواء فتلك مصيبة لا يشعر بها غيرك، تدريجيا تدفع ثمن ذلك من خلال أيامك واهتماماتك، وتلاشي الغيوم فوقك.

وضعت الأغلال على أبواب "بلقيس"، لكنها لم تكن تقبل ذلك، وكلّما أُقفل مكتبٌ لها على الأرض، فُتحت لها نوافذ عبر الأثير، كان أول باب أُوصد إغلاق مقرها قُرب شارع الزبيري، وكان لذلك معنى وخيم، تولّى ذلك أحد جيرانها وهو الحباري، وقد دار اسمه في شريطها الإخباري طيلة أعوام، ولم يزده ذلك إلا نفورا.

أرسلت الأخبار إليها، وسار النهر نحوها.
حُكم على الناس؛ لأنهم تحدّثوا لبلقيس، أو ظهرت صورهم في نشراتها.
أتت الترندات، لكنها لم تنجرف صوبها، حافظت على توازنها.

للحقيقة ثمن باهظ، وفي أحيان كثيرة لا ينظر الناس نحوك؛ لأنك تقول لهم الحقيقة، بل يخشونك عندما تخبرهم عن مصدر النيران لا عن النيران وحدها.

"بلقيس" اليوم تحتفل بعيدها التاسع، وستحتفل بكل كلمة حُرة تُقال.

تركتها، لكن فيها الزملاء الممسكون حد السيوف بأكفهم، وذلك الثمن الذي علينا دفعه هو رؤية دمائنا على رؤوس رماح الآخرين.

وللأسف يكون الآخرون دوماً
هم من كنا نظنهم الأقرب إلينا.
لكن: هل علينا دائما أن نتذكّر
لماذا اخترنا السير نحو هذه الجهة الوعرة، أو الوجهة الموحشة، ولولا أنها كانت كذلك لما سرنا صوبها.

"بلقيس" لا تطفئ الشموع
 بل توقد المزيد منها..

كل عام وأنتم بخير يا خير رفقة وخير سبيل.

مقالات

شمال الحوثي .. جنوب الانتقالي

لا تكمن المشكلة في تصرفات المجلس الانتقالي، بل في الذين يتوقعون منه أن يكون كيانًا عاقلًا ومسؤولًا لديه التزامات تجاه أتباعه وشركائه. النقطة الحرجة التي تدحرج منها الانتقالي، ليكون هذا الذي هو عليه الآن، ليست قرارات عيدروس في 10 سبتمبر الجاري، بل قرار الفاعل الإقليمي برعاية الانقلاب الثاني في 10 أغسطس 2019.

مقالات

ما بعد القمتين؟

في الرابع عشر والخامس عشر عُقِدت في الدوحة قمتان: عربية إسلامية، وقمة خليجية، كردٍّ على الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر في التاسع من هذا الشهر.

مقالات

أزمة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وانعكاساتها السياسية

تشهد الساحة اليمنية منذ أسابيع تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، الذي شُكّل في أبريل 2022 بدعم سعودي–إماراتي، ليكون مظلة سياسية وعسكرية لإدارة المرحلة الانتقالية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، غير أن تضارب الأجندات الإقليمية وتباين مصالح القوى اليمنية المشاركة سرعان ما انعكس على أدائه، لتتحول مؤخرًا إلى أزمة تهدد تماسك المجلس نفسه.

مقالات

ثلاثُ ليالٍ بقيتُ ضيفًا على جُنودِ المظلّات

كنتُ صباح كلّ يومٍ أذهب إلى الكليّة الحربيّة لأداء امتحانات القبول، وقبل إعلان النتائج بيومين كان المبلغُ الذي جئتُ به من الحُديدة قد تسرَّبَ من جيوبي. حتّى إنني في صباحِ اليومِ الذي ذهبتُ فيه لمعرفةِ النتيجة، ذهبتُ وأنا بلا عشاءٍ ولا صَبوح.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.