مقالات
عن دور الأمريكيين في الثورة اليمنية
بعد اعتقالي بأيام من اندلاع مظاهرات الثورة، التي كان لي الشرف الدعوة إليها والمشاركة فيها، مع طلاب جامعة صنعاء وعدد من الناشطين، اضطر المخلوع علي صالح للإفراج عني بسبب المظاهرات الاحتجاجية على الاعتقال، التي عمّت أكثر من محافظة، والتي رددت الشعارات ذاتها، التي أطلقتها أنا ورفاقي (طلاب جامعة صنعاء)، بالإضافة إلى الضغوطات المختلفة من قبل القوى السياسية والمكوّنات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني المحلية الدولية، التي أدانت اعتقالي، وطالبت بالإفراج عنّي.
وبعد أن تناولت وسائل الإعلام العالمية أخبار الثورة، وبدأت بالتعاطي معها بجدّية، طلبت منّي السفارة الأمريكية بصنعاء زيارتهم.
ذهبت والتقيت السفير ونائبته. كانت الجلسة طويلة، وكان النقاش حاداً جداً. الأمريكيون متخوّفون من المظاهرات الثوريّة، التي أدعو إليها، وأشارك فيها مع رفاقي.
لم يكونوا موافقين عليها، صحيح كانوا يساندون نشاطي الحقوقي والمدني، لكن ليس إلى حدّ إسقاط نظام علي عبدالله صالح.
بالحرف الواحد قالوا: "ستتحملين كامل المسؤولية والتبعات". وكنت أرد عليهم "لن نعود إلى البيت حتى نسقط هذا النظام الفاشل والفاسد والمستبد. خلاص انتهى الوقت، وفقد هذا النظام كل مبرراته في البقاء، ولا حلّ آخر أمامنا وأمام اليمنيين". قدّرت سبب رفضهم أنهم متخوفون على مستقبل شراكتهم في مكافحة الإرهاب، وآلياتهم التي أنجزوها مع نظام علي عبدالله صالح. أردت أن أكشف عن سبب تخوّفهم، وأطمئنهم ألاّ قلق في ذلك، فالثورة مدَنيّة وسلميّة وسوف تكافح الإرهاب كفكر وممارسة. لكنني فضلت أن أؤجل ذلك إلى وقت آخر، إذ كان المُهم عندي، قبل الإسراف بالوعود، أن تكبر مظاهرات الثورة، بالنضال والجسارة والاستعداد التام لتقديم التضحيات.
إنتهى الاجتماع، وغادرت بعد أن لم نتفق على شيء، أنا مصممة على رأيي، وهم مصممون على رأيهم.
استمرت المظاهرات، وكبُرت، حتى غدت ثورة شعبية شبابية، تعمّ جميع ميادين محافظات الجمهورية.
للإنصاف، الأمريكيون بعد ذلك غيّروا موقفهم من الثورة، بعد أن رأوها، وقد أصبحت ثورة شعبية شبابية غير مسبوقة، ملء السمع والبصر.