مقالات

فلسطين نفير قتال ودعوة استشهاد

11/04/2025, 16:23:17

حدثت نكبة 48م في ريعان شبابه، وإزهار موسمه الفني، ثم فرَّ مع جماعة صغرى من الذين كانوا يعملون في إذاعة القدس، ولجأ إلى دمشق، من بعد سنة النكبة، وظل هناك إلى حين انتقاله إلى جوار ربه.

نال الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) جائزة اللوتس في عام 1940م، وقيل إنه أحق شاعر نضالي بها؛ لأن شعره كان نفير قتال ودعوة استشهاد؛ لأنه كان معموراً بالحضور الوطني؛ لأن فلسطين رحلت فيه وأقام في ظلها نازحاً ومقيماً.

سمَّى أول مجموعة أصدرها "المشرَّد"؛ لكي يزيح وصمة اللاجئ؛ لأن فراره كان مطوياً على أمل الرجوع تحت السلاح ذات يوم، كما كان يردد ذلك النشيد:

يا أخي أنت معي في كل دربي
     فاحمل الجرح وسر جنباً لجنب

قد مشيناها خطى دامية
       أنبتت فوق الثرى أنضر عُشب

نحن إن لم نحترق كيف السنا
            يملأ الدنيا ويهدي كل ركب
فامسح الدّمع وسر في
          موكب الحرية الحمراء يُصبي

يا أخي ما ضاع منا وطن
                  خالد نحمله في كل قلب

كان بينه وبين صابر فلحوط مناوشة عاطفية، كان يستكثر وقوف فلحوط على المنصة، فإذا سأله وافد: كم مرت عليه دقائق وهو هناك؟
قال: " من حين أصبحنا صابرين وهو فلحوط".

وكان ينسج القصيدة كإجابة عن سؤال مُرتقبْ، أو سؤال حدث ولم يجد الإجابة:
أتسألين الآن عن داري؟ وأين أحبابي وسُمَّاري؟
داري التي امتدَّت على غفوة تحلم بالمجد وبالعار

وكلما طال اغترابه كبر اشتياقه، حتى تماهت فلسطين في خلاياه، وتألقت في قصائده؛ لأنه يبثها من نفسه إلى نفسه.

وكان ينتمي إلى جيل من الشعراء الناريين؛ أمثال إبراهيم طوقان، وراشد حسين، وأبي إسحاق!!
وكلهم نشأوا في القدس، وفي ظل مكانه الميمون، ووجوده العامر بالقداسة.

وكان يجايل من شعراء العروبة "بشارة الخوري، وعمر أبي ريشة، وبدوي الجبل، وصفي قرنفلي، وعبد السلام عيونه سود".
وكان هذا الجيل امتداداً لفجر النهضة من جانب، ومن حواشي الرومانتيكية من جانب؛ لأن الفاجعة التي زلزلت الوطن العربي طوَّحت بالحلم الرومانتيكي والشفق الغيبي، وكانت له تجلية في كل المعاهد والمقاهي والمنابر؛ لأنه إلى رقة طبعه ودماثة خلقه يملك الإفادة، ويحسن استخلاص الموقف فيلوح سياسياً؛ لأنه زرع في أحد منابر السياسة في القدس، أو في أهم منابرها، وكان يرد اللوم كل اللوم على الفلسطينيين ثم على زعماء العرب الذين وعدوا ولم يفوا:

زعماء دنَّسوا تاريخكم وملوك شردوكم دون ذنب

وجيوش غفر الله لها سلَّمت أوطانكم من غير حرب

دول تحسبها شرقية وإذا أمعنت فالحاكم غربي

وكان يرى فقد الفلسطيني في الداخل أو في المخيم الخارجي فقد مجاهد منتظر، كما في رثائه إبراهيم طوقان:

كيف أبكي وكيف يبكي قصيدي ومضى اليوم طارفي وتليدي

أي أخي والحياة بعدك قفرٌ والفضاء الرحيب دار الحديد

اللظى ملء خاطري فؤادي وإهابي والعيش غير رغيد

أين تمضي لمن تركت القوافي والمروءات خافقات البنود

أنت يا واهب القلوب ضياء كيف تمضي إلى ظلام اللحود

أنت من علَّم الطيور غناء ما عهدناك صامتاً في الوفود؟!

وكان في المنتديات الثقافية لا ينشد إلا عن فلسطين، حتى في المهرجانات الأوروبية، وقلَّما روى نكتة غير فلسطينية؛ لأن استحضار الوطن، وإيقاظه في الذاكرة، يؤجج الاتقاد الثوري، فتتم العودة التي أعلنت بعد يوم الرحيل، وظلت الأمة العربية والشعب الفلسطيني في انتظار العودة، ومات صاحبنا قبل أن يشم روائح البرتقال الفلسطيني، ولا أشجار الزيتون!!

مقالات

التحالف القبلي–السلالي: البنية التاريخية لدوام الاستبداد

يُشكّل التاريخ السياسي لليمن مثالاً فريداً على تفاعل الدين بالقبيلة في بناء السلطة وتوارثها. فمنذ أن دخل الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى صعدة أواخر القرن الثالث الهجري، نشأت نواة نظام سياسي ديني استند إلى نظرية “البطنين” التي حصرت الحق في الحكم في سلالة بعينها من نسل الحسن والحسين، واعتبرت الإمامة وظيفة إلهية لا يحق لغيرهم تولّيها.

مقالات

إيران وغزة.. نهاية أم بداية نهاية

سواءْ اتفقنا أو اختلفنا مع ما جرى طوال ساعات يوم أمس الأثنين الـ 13 من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري، من تبادلٍ للأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، وسط مشاهد مؤلمة ومؤثرة، فإن ما حدث يعني نقطة تحولٍ بالغة الأهمية، رغم كل الصعوبات التي اعترضت سبيل الوصول ألىهذه النتيجة، بل والثمن الباهظ الذي دفعه سكان قطاع غزة وشعوب المنطقة كافة.

مقالات

الانتقالي والتطبيع.. مسار يعيد إنتاج الارتهان وينسف شرعية 14 أكتوبر

منذ انطلاقتها في 14 أكتوبر 1963، رفعت الثورة اليمنية في الجنوب هدفا استراتيجيا واضحا تمثل في انتهاج سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، انسجاما مع روح حركات التحرر الوطني التي سعت إلى بناء دول مستقلة القرار، بعيدة عن الاستقطابات الحادة بين المعسكرين الرأسمالي الغربي والشيوعي الشرقي.

مقالات

مؤتمر الباحثين والخبراء في إسطنبول... شمعة في وجه العتمة

تابعت جلسات مؤتمر الباحثين والخبراء في إسطنبول الذي انعقد مؤخرًا بمشاركة نخبة متميزة من الباحثين والخبراء اليمنيين من الداخل والخارج، الذين اجتمعوا على كلمة واحدة عنوانها الإخلاص للعلم وخدمة الوطن، فكانوا صورة مشرفة للعقل اليمني الباحث عن الحقيقة والمبادرة في زمن التشتت والصراعات.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.