مقالات
في ذكرى مذبحة التهاميين
في الثامن عشر من سبتمبر قبل أربع سنوات أعدمت مليشيا الحوثي تسعة مواطنين من أبناء تهامة علنًا بحضور حشد من أنصارها في صنعاء، لاتهامهم بالضلوع في قتل القيادي الحوثي صالح الصماد عام ألفين وثمانية عشر.
عدسات الكاميرا وثقت مشهدًا لا يُنسى.
أحد الضحايا التسعة محمولا إلى ساحة الإعدام، مشلولا بعدما أنهكه التعذيب في زنازين المليشيا.
أما ما لم توثقه الكاميرات فهو الضحية العاشر، مات تحت التعذيب قبل ذلك، فقد غاب جسده عن المشهد لأنه لم يصمد تحت سياط الجلادين، وفارق الحياة خلف جدران السجن.
على مقربة من ساحة الإعدام كان يقف مزهوًا القيادي الحوثي المدرج على قائمة العقوبات والمتهم بارتكاب جرائم انتهاكات أبو علي الحاكم.
أفرغ القتلة المليشاويون الذين يعملون تحت إمرة عبدالملك الحوثي أحقادهم على أجساد اليمنيين التسعة، ثم تركوا لحشد من مسلحيهم الرقص على جثث الضحايا، في استعراض وحشي غير مسبوق.
المليشيا ادّعت حينها أن الضحايا ضالعون في اغتيال القيادي الحوثي الصماد، الذي لقي حتفه بغارة لطيران التحالف، وساقت ضدهم اتهامات بالتجسس ونقل المعلومات لمن تسميه "العدوان"، لكن الحقيقة أن ما جرى لم يكن سوى محاكمة صورية افتقدت لأدنى معايير العدالة والإجراءات القانونية، إذ لم يُتح للضحايا حق الدفاع ولا محامٍ مستقل، وصدرت الأحكام بإملاءات سياسية وانتقامية بحتة.
لقد أثارت الحادثة صدمة وغضباً عارماً في اليمن وخارجه. بيانات الشجب والتنديد صدرت عن منظمات حقوقية، وأكدت أن ما جرى يُصنف جريمة إعدام جماعي خارج نطاق القانون، وانتهاكاً صارخاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر بشكل قاطع التعذيب والإعدام بعد محاكمات جائرة.
حادثة ستبقى محفورة في الذاكرة، كواحدة من أبرز المشاهد التي جسدت حقبة المليشيا وسلوكها الدموي.
أسر الضحايا لا تزال تعيش الفاجعة حتى اليوم؛ أطفال يتامى، وأمهات ثكلى لم تجف دموعهن، وذاكرة شعبية مشبعة بمشاهد الجريمة التي ستبقى رمزاً لطبيعة مشروع المليشيا القائم على العنف وإرهاب المجتمع.
هذه الجريمة وغيرها ليست سوى جزء من أداوت إدارة التوحش التي أتقنتها مليشيا الحوثي وبرعت في ممارستها، لتكون بمثابة رسالة رعب تبعثها لليمنيين جميعاً: أن مصير كل من يعارضها سيكون الموت المذل.
لكن هيهات أن تنال من عزم اليمنيين ورغبتهم في الخلاص من كابوس الحوثية مهما كانت التضحيات.