أخبار محلية
حين يصبح الموت أهون من الجوع.. نازحون منسيون يشكون معاناتهم وسط تلاشي المساعدات
«الحياة هنا قاسية وصعبة على الجميع، ولكننا نصبر من أجل أطفالنا، لأنهم لا يملكون سوانا»، هكذا وصفت جميلة ربيعة معاناتها، وهي تجلس وسط أطفالها الخمسة وبنات أخيها في مأوى مهترئ من القماش والخشب شرق مدينة المكلا اليمنية.
تضيف: «في كثير من الليالي أنام جائعة كي يأكلوا هم، والأمور تزداد سوءًا».
و استعرضت مأساة آلاف العائلات النازحة التي تتكدس في مخيمات عشوائية على أطراف المكلا، وسط تمدد الجوع والفقر وتراجع المساعدات الدولية.
وذكرت لصحيفة غارديان البريطانية أن بعض النازحين في هذا المخيم — أحد عدة مخيمات تحيط بالمدينة — أقرّوا بأنهم فكروا بجدية في إنهاء حياتهم لعجزهم عن إطعام أطفالهم.
فبينما تُعد المكلا منطقة آمنة نسبيًا وبعيدة عن الغارات التي تضرب الحوثيين شمالًا وشرقًا، فهي ملاذ لليمنيين الفارين من أهوال حرب تجاوزت عقدًا من الزمن، لكنها تعجز عن توفير ما يسد رمقهم.
تقول جميلة إن زوجها وابنها يجمعان البلاستيك والخردة من الشوارع، بينما تخرج هي وابنتها الصغيرة لبيع الحطب، لكن هذا الجهد بالكاد يدرّ ما لا يتجاوز دولارين في اليوم، وهو مبلغ لا يكفي سوى شراء بعض الدقيق والطماطم والأرز.
وتستطرد بأسى: «كنا نحصل على سلال غذائية من برنامج الغذاء العالمي تكفينا شهرًا، والآن لا نستطيع حتى شراء علبة فاصولياء».
ويعتمد آلاف مثلها في هذه المخيمات على الخبز والماء، مع ترف نادر بوجود الأرز والبصل.
ووفقًا للتقرير، يعاني نحو نصف سكان اليمن — أكثر من 17 مليون شخص — من سوء تغذية حاد.
فيما أفاد برنامج الغذاء العالمي أن نسبة الذين يواجهون الجوع الحاد قفزت هذا العام إلى 33% مقارنة بـ21% في العام الماضي، مع حصول الوكالة الأممية على ربع التمويل المطلوب فقط لتغطية احتياجات اليمنيين في 2025.
وفي مدينة تعز جنوب اليمن، يرسم المعلم ياسين الخليدي صورة أخرى لا تقل إيلامًا. راتبه الشهري، البالغ 80 ألف ريال (نحو 330 دولارًا حين يُصرف)، لا يكفي أساسيات أسبوع واحد.
يقول: «نعيش على الخبز والشاي أغلب الأيام. أحيانًا أتوقف عن الأكل في منتصف الوجبة كي يكفي أطفالي».
ياسين، الذي يعيل أيضًا والديه المسنَّين، يشكو من أمراض في المرارة والكلى والقولون يعتقد أنها نتيجة سنوات من الاكتفاء بالخبز والماء. يروي كيف أن بعض زملائه اضطروا لتطليق زوجاتهم أو مغادرة منازلهم لعجزهم عن تحمل المسؤولية.
ويضيف بأسى: «لم أستلم راتبي منذ شهرين. طلبت من زوجتي العودة إلى أهلها، وبقيت أنا في غرفة صغيرة كانت دكانًا قديمًا هربًا من دفع الإيجار».
ويختتم الخليدي كلامه بعبارة تختصر المأساة: «هناك لحظات تمنيت فيها الموت من شدة اليأس. نعيش في بؤس كل يوم، نكافح للحصول على الطعام والماء وغاز الطهي والكتب المدرسية والدواء… وحده إيماننا بالله هو ما يجعلنا نصبر على هذا البلاء».