تقارير
"أسواق اليمن" تغرق في تجارة السيارات المستعملة
ساهمت الحرب بين الأطراف اليمنية المتنازعة في نشر حالة الفوضى، وغيّبت كل ضوابط تنظيم نشاط حركة الأسواق في مختلف مدن ومناطق البلاد، إذ شجّعت على ازدهار ظاهرة تجارة السيارات المستعملة بصورة لافتة.
ونظرا لمراحل عملية استيرادها من السوق الإلكترونية، في أمريكا وبعض الدول الخليجية، تزدحم مزادات بيع السيارات المستعملة بأعداد كبيرة من اليمنيين، الذين يرتادون تلك الأسواق الإلكترونية للشراء.
- آلية استيرادها
تُعد المزادات الإلكترونية المنتشرة على تطبيقات تجارية، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، الوسيلة الوحيدة المتّبعة في عملية جلب السيارات المستعملة إلى اليمن من السوق الأمريكية، حيث تُعرض شتى أصناف السيارات بما فيها من مميزات وعيوب، حتى يتسنى تحديد سعرها النهائي في المزاد.
تستكمل عملية الشراء إلكترونياً، بعد ذلك يتم ترتيب إجراءات الدفع والشحن لتصل عبر بواخر تجارية، فيما تدخل السيارات الواردة من دول الخليج عبر بعض المنافذ البرية في البلاد، أهمها منفذ "شحن" بمحافظة المهرة، ومنفذ "الوديعة" بمحافظة حضرموت.
"عمار حسين" -أحد التجار العاملين في مجال استيراد السيارات المستعملة-
يقول لموقع "بلقيس": "نستوردها من مزادات السوق الأمريكية عبر الإنترنت، السعر بحسب موديل ونوع السيارة، الصدمات، التي فيها، والتحسينات، كم مسافة قطعت؟، نحدد الأصناف المرغوبة في أسواقنا ونشتريها، نستكمل عملية الشحن والاستيراد".
بعد الانتهاء من إجراءات الاستيراد المختلفة، تأتي مرحلة التسويق وتقديم العروض للزبائن المحليين عبر التطبيقات الإلكترونية بغرض بيعها.
أكد ذلك "نبيل جياش" -صاحب معرض سيارات في صنعاء- بقوله لموقع بلقيس: "نعرض السيارات المستوردة في جروبات واتساب وصفحات فيسبوك، يتواصل معنا الزبائن الراغبون بالشراء، نقدّم لهم مواصفاتها ومميزاتها والعيوب، ونتفق على السعر، الذي يضمن لنا مكسبا جيدا بعد كل سيارة".
تتفاوت أرباح المتاجرين بالسيارات المستعملة وفقاً للموديل والنوعية وحالة الاستخدام، حيث لا تقل عن 1000 دولار أمريكي، بينما بعض الموديلات تتجاوز أرباحها أزيد من 3000 دولار أمريكي.
- تجارة عشوائية
يثير هذا النوع المنفلت من الأعمال التجارية حالة استغراب واسعة في أوساط اليمنيين؛ نظراً للتدهور الحاد في اقتصاد البلاد، وكذلك الأزمات الإنسانية والمعيشية والمالية؛ بسبب عمليات النزاع المستمرة، منذ سنوات.
يقول الخبير الاقتصادي "علي سيف داؤود" لموقع بلقيس: "أصبحت هذه التجارة منفلتة، وتعمل بطرق عشوائية وغير منظمة، لأنها تستنزف أموالا ضخمة من احتياط البلاد من النقد الأجنبي، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة، هناك فئة صغيرة تنهب المال العام، وتستثمره لها، وبقية اليمنيين يموتون جوعاً، لا مصالح ولا خدمات يحصلون عليها".
يُدار مجال تجارة السيارات المستعملة بصورة عشوائية، يفتقر إلى أبسط لوائح التنظيم التي من شأنها تحقيق جدوى اقتصادية للبلاد، ولو بنسب ضئيلة، إذ يبدو المتاجرون في هذا المجال كأنهم يعملون على إدارة شبكة واسعة لغسيل الأموال.
أضاف الخبير الاقتصادي: " بالإضافة إلى التحويلات المالية للعملة الأجنبية إلى خارج البلاد، واستيراد سيارات مستعملة، تعتبر عملية غسيل للأموال المنهوبة من خلال استثمارها في هذا المجال، بينما الناس تعاني من الفقر والجوع".
بالرغم من انحدار مستوى الأوضاع الاقتصادية في اليمن، ازدهرت أنشطة تجارية مشبوهة بشكلٍ فعال، امتلكها موالون كُثر للمليشيات المسلحة التي تتقاسم النفوذ، فيما معظم فئات المجتمع لا يجدون وجبات التغذية اليومية، والفقر يتوغل بأدق تفاصيل حياتهم، وتنهش الأمراض أجسادهم المتعبة.
- مخالفات وخسائر
تتركز أخطاء هذا النشاط التجاري في عدد من الجوانب الهامة، التي صارت تشكل عبئاً مضاعفاً على مستويات حياتية مختلفة، إذ تعاني تلك السيارات التي يتم جلبها كثيرا من العيوب والرداءة؛ لما تخلفه من عوادم واستهلاك كبير للبنزين، إضافة إلى قِدمها والصدمات، التي تعرضت لها، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام؛ كونها أصبحت مصدرا لحوادث السير على الطرقات.
عدد من مستهلكي السيارات المستعملة أكدوا لموقع بلقيس: "السيارات، التي تعرضت لصدمات قوية لا تعود كما كانت، يصبح توازنها مفقودا، والسفر بها في خطوط طويلة خطرا كبيرا، لها عيوب كثيرة في قطع الغيار، تستهلك وقود كثيرة".
تضررت الوكالات المحلية العاملة في استيراد السيارات من الشركات الدولية المنتجة بصورة لافتة، مع توسع تجارة الأنواع المستعملة، التي يتم التخلص منها في السوق الأجنبية؛ لأسباب مختلفة، في ظل صمت السلطات المتنفذة؛ إزاء حصولها على عائدات جمركية مهولة من الرسوم المدفوعة.