تقارير

أكاديمي يهدد بحرق مؤلفاته.. معاناة وانتهاكات تطال العلم والمعلمين

10/05/2024, 16:15:11

الأكاديمي اليمني والمؤلف الأستاذ الدكتور عبد الواسع الحميري يعلن اعتزامه إحراق مؤلفاته التي يبلغ عددها أربعين مؤلفا؛ ردا على تجاهل تسليم حقوقه المالية من قِبل الحكومة.

تتصاعد معاناة الأكاديميين اليمنيين في ظل استمرار الحرب، حيث يتعرضون للاستهداف بالإقصاء والتهديد بالقتل والتعذيب، مما يجعلهم يعيشون في حالة من الخوف وعدم الاستقرار، بعيدا عن حقوقهم الأساسية، وكرامتهم الإنسانية.

بين تجريف المليشيا وتجاهل الشرعية لهم، يعيش الأكاديمي اليمني حالة من التغييب القسري بعيدا عن جامعته ومواقع عمله، بل وموقعه الاجتماعي والمعرفي؛ واقع يكشف ما خلفته الصراعات، وما فعلته الحرب باليمنيين.

- البحث عن حياة كريمة

يقول الأكاديمي والمؤلف الأستاذ الدكتور عبد الواسع الحميري: "إن ما حدث -لا شك- أنا كتبته في منشور في صفحتي، وخلاصته أنني دخلت الستين، وأريد مني أن أخرج من عالم الحياة، هذا ما أحسست به".

وأضاف: "أنا كنت أستاذا للدراسات العليا والبحث العلمي، تقريبا لأكثر من ثلاثة عقود، يعني طلابي معظمهم دكاترة الآن يقودون حركة العِلم في دول الجزيرة واليمن، وأنا كرَّست حياتي للعِلم والبحث وما أزال، لكن حين شعرت بأن متطلبات الحياة اليومية بدأت تأخذني بعيدا عن مشروعي، وتصرفه عنّي، شعرت بأن المسألة صارت صعبة".

وتساءل: "ما الذي يملكه الباحث غير كُتبه؟"، مضيفا: "أنا بالنسبة لي هي الكتب، أنا هويتي هي كتبي، حقيقتي تجدينها في كتبي، وحملت هذه الكتب كي أهديها للجهات المعنية حتى تكون ناطقة باستحقاقي من جهة، وبمعاناتي من جهة أخرى".

وتابع: "ظللت أحمل هذه الكتب، أنا لن أحرق مشروعي، مشروعي لن يحرق؛ كونه محفورا في ذاكرة الأجيال، لكن النسخ التي حملتها كي أهديها لمسؤولين يفترض أنهم يقدّرون هذه الهدية، ولم أجد إليهم سبيلا، قررت أن أحرقها بدلا أن تذهب إلى غير مكانها، هذا كل الأمر".

وأردف: "مشكلتنا في اليمن أن من يصلون إلى مواقع السلطة لا علاقة لهم بالثقافة، في الغالب، لا أعمم على أي حال، ولكن هذا ما جعلوني أشعر به، وقد يكون شعوري هذا غير موضوعي".

واستكرد: "أعترف وعلى الملأ بأنني أنا قلت وكتبت بأن ذوي الحاجة حمقى حتى تقوى حوائجهم".

وزاد: "الإنسان حين يفقد الأمن الغذائي ماذا ننتظر منه أن يكون؟ لا شك أنه سيلقى تنازله، وأشعر بأن كل هؤلاء الذين يمتلكون القرار أُميين مع احترامي لهم، لو لم يكونوا كذلك".

وقال: "حين تحمل لمسؤول كرتون كتب، أي ما لا يقل عن ثمانٍ وثمانين كتابا، ثم لا يعيرك اهتماما، لذلك كانت هذه ظاهرة، أنا شخصيا صدمت، ولذلك أرجو أن أكون مخطئا".

وأضاف: "أنا أريد أن أعرف ما هي الأسباب التي جعلتهم فعلا لا يأبهون، لا يكترثون، لا يلتفتون، تتصل، تتواصل، ما من أحد يرد عليك، وكأنك عبارة عن شحاذ تتسول".

وتابع: "عندما أشعر أن هناك متسولا أنظر ماذا يريد؟ عفوا أنا حقيقة جعلوني أشعر بخيبة أمل، وأشعر بأن هذا البلد العظيم اليمن، أرض التاريخ والحضارة، أصبح فعلا بلدا يسير باتجاه المجهول؛ لأن هؤلاء الذين يقصدونه لا يقدرون ذوي العقول".

وأردف: "ما فعلته أنا، أو ما قلته، لم يكن بسبب شعوري أيضا بوضعي أنا، لكن زملاء لي أنا أعرف كثيرا من الزملاء  الذين فقدوا مواقعهم، فقدوا بيوتهم، شُردوا وأصبح الواحد لا يمتلك قوت يومه".

وزاد: "على كل الأطراف أن تعي بأن هذا البلد ليس ملكا لها، بل ملك لخمسة وثلاثين مليون يمني؛ من حق هؤلاء الملايين أن يتنفّسوا، وأن يتركوا الناس يعيشون حياتهم".

وقال: "خطفوا البلد وحوّلوه إلى حلبة صراع أعمى، وبات مصيرنا تحت أقدامهم، وهذا كلام لكل القوى، وهذا سياق الحديث ليس عن من تسبب، ونحن نعرف من كان السبب، وتكلمنا وكتبنا كثيرا عن السبب الذي جر البلد إلى ما وصلنا إليه".

وأضاف: "على هؤلاء جميعا الآن أن يعوا بأنهم امتهنوا الحرب، والناس يريدون أن يعيشوا، يريدون أن يتواصلوا، يفتحوا الطرقات، دعوا الناس يعيشون حياتهم، كفى حروبا إلى ما لا نهاية، اليمنيون يريدون أن يأكلوا ويشربوا".

وتابع: "هم يظنون بأنهم سيأدبون عبدالواسع الحميري، لماذا يرفع صوته؟ أنا بالنسبة لي حقي سأنتزعه بطريقتي، فإذا أنا استطعت أن أكتب أربعين كتابا فلا كان بي إن لم أكن قادرا على انتزاع حقي في الحياة الكريمة".

- ليس حالة منفصلة

يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، الدكتور حمود العودي: "ما أريد أن أقوله، أو أعلِّق عليه، في هذا الأمر الجلل هو أن الدكتور عبد الواسع لم يكن مجرد حالة منفصلة، أو منفردة، أو استثنائية، ولكنه بما يعانيه، وما يتحدث عنه هو، مجرد عيّنة لواقع يعاني منه العِلم والفِكر والبحث العلمي في اليمن ما لم يعانِه أي بلد ربما على وجه الأرض، للأسف الشديد".

وأضاف: "الدّمار الذي لحق بمعنى العِلم والمعرفة قد أوصل اليمن يكاد أن يعيدها إلى ما قبل التاريخ؛ لأننا وأنقل لكم معلومة بأن الجامعات الحكومية الرسمية، وأنا شاهد على ذلك، فقدَت منذ العام ألفين وأربعة عشر حتى الآن أكثر من ألفين وخمسمئة كادر؛ أستاذ وأستاذ مشارك ومساعد، كلهم مؤهلون".

وتابع: "هذا الرقم الخيالي بُني على مدى ستين عاما منذ قيام الثورة المباركة، فإذا كنا فقدناهم فهل ننتظر ستين عاما أخرى؟ بل إننا لا نرى أي بداية لإمكانية هذا الاستئناف، كيف ضاع منا هذا العقل والعِلم؟ ضاع بأساليب مختلفة".

وأردف: "لم تكن حالة الزميل عبد الواسع هي النموذج الوحيد، ولكن هناك نماذج كثيرة؛ فكثير من الناس من فقَد وظيفته، وكثير من الناس من قضى حياته ثم لم يجد معاشه وقوته، وما ادَّخره للتقاعد، وهناك من تم إزاحته ووضعه في موضع الشبهة والمطاردة، إذا لم يكن الطرد من الدنيا والآخرة".

وأوضح أن "هذا الوضع المشين هو الذي أوصلنا وأوصل الجامعة اليمنية والتعليم في اليمن إلى ما وراء الرقم الصفر".

وزاد: "كل شيء له ثمن في هذا البلد اليمن إلا العِلم والعقل ليس لهما ثمن ولا قيمة، وهذه هي الكارثة التي يمكن أن تجعل من بلدنا -مع الأسف الشديد- بعد ما كان قد قطع مسافة كبيرة في البناء للعقول والبحوث والجامعات الرسمية وغير الرسمية يرجع إلى ما قبل ليس ما قبل الثورة وإنما ما قبل التأريخ".

وقال: "لا يؤصل أو يجبر اليوم في حياتنا -للأسف الشديد- إلا الخرافة والدهشة والعنف والكراهية، وبالتالي نحن نرفع صوتنا مع زميلنا العزيز الدكتور عبد الواسع، وأنا أعرفه عن قُرب، وقعدنا أياما في مصر، وفي الرياض التقينا، التي تقابلنا قبل ذلك، وأعرف تفاصيل محنته كما هي محنة الكثيرين".

تقارير

الدولار الواحد بـ 1720 ريالاً.. ملامح أزمة اقتصادية جديدة تهدد اليمنيين

سجل الريال اليمني انخفاضا كبيرا أمام الدولار ليتجاوز مستوى 1720 ريال للدولار في عدن ومحافظات جنوب وشرق البلاد، وذلك حسب تجار ومتعاملون بشركات صرافة، وجاء ذلك وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع أسعار السلع ما ينذر بكارثة اقتصادية ومجاعة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.