تقارير
الأحزاب السياسية تؤيد قرارات البنك المركزي.. هل اليمن أمام مرحلة جديدة؟
أجمعت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية، في بيان مشترك، على قرارات البنك المركزي، حيث عبَّرت فيه عن تأييدها للخطوة الأخيرة، ومؤكدة دعمها لإجراءات البنك المركزي لمعالجة وضع القطاع المصرفي والسياسة النقدية، والتصدي لمحاولات مليشيا الحوثي تقويض القطاع المصرفي واستغلاله.
وحذّرت الأحزاب والقوى السياسية من عواقب التراجع عن القرارات على المركز القانوني للدولة، وما سيمثله من حرمان السلطة الشرعية من مصادر شرعيتها الدستورية والقانونية والسياسية والشعبية والأخلاقية.
ودعا البيان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أن يقوّم تصرفات المبعوث الأممي، التي قد تنتهك قرارات مجلس الأمن، وتقوِّض حيادية الأمم المتحدة، وتشجِّع المليشيات الحوثية على رفض الانصياع للسلام، والسخرية من المجتمع اليمني والدولي.
- صيغة التمنِّي
يقول المحلل السياسي ياسين التميمي: "إن بيان الأحزاب السياسية ربما هو توافق مع إرادة الشعب، ومع حجم التفاؤل الكبير الذي سيطر على الشارع اليمني؛ نتيجة هذه القرارات".
وأوضح: "على مدى السنوات الماضية، اعتاد اليمنيون أن يروا الشرعية في الموقف الذي يفقد كل شيء تقريبا، والذي يتنازل عن صلاحيته، والذي يتخلى عن دوره التاريخي في المنعطفات المهمة، لكن قرارات البنك المركزي اليمني كانت استثنائية في الحقيقة، وأعادت الاعتبار للسلطة الشرعية، ولهذا جاء بيان الأحزاب متسقا مع هذا المناخ العام، ومع هذا الجو العام".
وأضاف: "لكن بيان الأحزاب كان يفتقد إلى الصرامة، كما لو كان يسقط واجبا، أو كما لو كانت الأحزاب أيضا لا تمتلك القدرة على ممارسة الضغط هي نفسها؛ لأنه في نهاية المطاف تكتل الأحزاب، الذي أصدر هذا البيان، هو نفسه الذي صنع هذه السلطة عمليا، أو من الناحية الصورية الشكلية".
وتابع: "في النهاية، الذين يشكلون مجلس القيادة الرئاسي ينتمون إلى هذه المكوِّنات السياسية، وبالتالي هذه الأحزاب تستطيع أن تمارس ضغوطا على ممثليها في السلطة الشرعية حتى تصبح هذه القرارات بالفعل نافذة، وغير قابلة للإلغاء، أو التراجع أو التعليق".
وأشار إلى أن "بيان الأحزاب جاء في صيغة التمنِّي والتحفيز، لا في صيغة التحذير".
وأردف: "حاول بيان الأحزاب أن يمرر شيئا لافتا، وهو أن هذا الاستفتاء، وهذا الالتفاف الشعبي حول قرارات البنك المركزي اليمني، في النهاية شكل حالة من حالة الاستفتاء على شرعية السلطة الشرعية نفسها، بما يعني أنه طيلة الفترة الماضية كانت السلطة الشرعية تفتقد إلى هذا النوع من الالتفاف الشعبي، وإلى هذا الحجم من الثقة".
وقال: "البيان مهم وذكي، وإذا كان لي من مأخذ آخذه عليه هو أنه لا يعكس إرادة سياسية لهذه الأحزاب، ولا يعطي انطباعا للشعب بأن هذه الأحزاب أيضا تمثل حصانة لهذه القرارات؛ لأنه في النهاية مجلس القيادة الرئاسي لا يمكن أن يتصرف بمعزل عن هذه الأحزاب".
وأضاف: "في النهاية، حالة التوافق التي تتم داخل مجلس القيادة الرئاسي هي حالة من التوافق الحزبي والسياسي على المستوى الوطني".
وتابع: "الشيء الآخر فيما يتعلق ببيان الأحزاب هو أن هذه الأحزاب تعطي إيحاء بأن مجلس القيادة الرئاسي، وهو أعلى سلطة في الشرعية، يمكن نتيجة ضغوط معيّنة أن يتنازل، وممكن أن يتراجع، وممكن أن يضغط على البنك المركزي اليمني، لكن السؤال لماذا يتراجع؟".
وأردف: "هذه الأحزاب تدرك أن هناك قوة قهرية ربما تجبر أعلى مستوى في السلطة الشرعية أن يتراجع عن قراراته، وفي النهاية هذا الطرف الذي يمكن أن يجبر السلطة الشرعية هو طرف إقليمي".
وزاد: "هناك مخاوف عبّرت عنها الأحزاب، وأنا لا أريد أن تكون في البيانات، التي تصدرها الأحزاب، هناك مخاوف؛ لأن في النهاية ينبغي أن تتشارك هذه الأحزاب مع الشعب اليمني الأمل والتحفيز والثقة".
ويرى أن "محاولة إظهار إسقاط الواجب في بيانات من هذا النوع مرفوضة من هذه الأحزاب، وعليها أن تكون على قدر كبير من المسؤولية، بحيث تقول إنه أي تراجع مرفوض، ولا يأتي الأمر في صيغة التمنِّي".
- خطوة حيّة
يقول سكرتير الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي في تعز، فهمي محمد: "إن البنك المركزي والقرار، الذي اتخذ بخصوص المصارف، وبسط السيادة للحكومة الشرعية على الجانب الاقتصادي والقطاع المصرفي والبنوك، وتوحيد العملة، وما إلى ذلك، هي معركة حقيقية بدأت تخوضها الشرعية في ظل هذه الظروف الجارية".
وأضاف: "صحيح أن مثل هذه الخطوات تأخرت كثيرا، لكنها أيضا ما زالت حيّة، في هذا الوقت، لذا فإن الأحزاب السياسية تدرك بأن المحيط الإقليمي والتعاملات الدولية ربما تتدخل وتمارس ضغطها السياسي وأدواتها على حكومة الشرعية، وعلى قيادة البنك المركزي اليمني لإجبارهم على التراجع".
وتابع: "نحن كأحزاب سياسية أدركنا، من هذه النقطة، أننا يجب أن نقوم أيضا بدورنا إلى جانب الحكومة الشرعية، وإلى جانب البنك المركزي اليمني لخوض معركة استعادة القرار الاقتصادي في البلاد".
وأردف: "يجب عليكم ألا تنظروا للبيان الذي أصدرته الأحزاب السياسية بمعزل عن التظاهرات الجماهيرية، فالأحزاب السياسية دعت إلى مسيرات في تعز، والاحتشاد الجماهيري؛ دعما للسلطة الشرعية، ولقرارات البنك المركزي اليمني".
وأوضح: "هذا البيان كان نتيجة للحراك الشعبي، الذي دعت إليه الأحزاب السياسية، واستجابت الجماهير لهذه الدعوة".
وقال: "هذا يعني أن كل المكونات السياسية والجماهير والأحزاب ترى أن القرارات، التي اتخذت في ما يتعلق بتوحيد القطاع المصرفي وبسط سلطة البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا على القطاع المصرفي وعلى الجانب الاقتصادي، شيء مهم جدا".
وأضاف: "المتضرر الوحيد من هكذا قرارات هي الحركة الحوثية، التي أسست اقتصاد الحرب في المرحلة السابقة، وتريد أن تستمر في هذه المعادلة، ولكي تتحاشى كل الضغوطات الشعبية الناتجة عن الجانب الاقتصادي في البلاد".
وتابع: "الأحزاب السياسية جزء من المعادلة في الواقع، وأنا أعتقد بأن الإرادة السياسية وجدت لدى الأحزاب بدعوتها للجماهير إلى الاحتشاد، ولدى الأحزاب السياسية القدرة على دعوة الجماهير أكثر من مرة إلى دعم قرارات البنك المركزي اليمني، وتوجيه رسائل للإقليم والخارج بأن الشرعية لا تمثل السلطة فقط، بل هي تمثل طموحات وأحلام الشعب اليمني بشكل عام، والمكونات والتعبيرات السياسية في هذا المجتمع".
وأردف: "الأحزاب السياسية ستستمر بممارسة دورها السياسي الداعم جماهيريا وسياسيا مع البنك المركزي اليمني، ومع الحكومة الشرعية، لخوض هذه المعركة الاقتصادية، التي نرى أنها تأخرت كثيرا، ولكنها اليوم تعبِّر عن طموحات الشعب اليمني بشكل عام".
- انسجام مع الإرادة الشعبية
يقول نائب رئيس الدائرة السياسية للإصلاح في أمانة العاصمة، عبدالله الضبياني: "لا شك أن هناك توافقا وانسجاما بين الإرادة الشعبية والبيان، الذي أصدرته الأحزاب السياسية، التي تدعم قرارات البنك المركزي، ولا شك أن إرادة الأحزاب هي نابعة من الإرادة الشعبية".
وأضاف: "لا بُد على هذه الأحزاب أن تواكب الحراك الشعبي والمجتمعي في دعم قرارات البنك، واستعادة القرار السيادي للسلطة الشرعية".
وتابع: "الأحزاب السياسية استطاعت أن تواكب هذا الحدث في وقته وبسرعة، بالذات عندما رأت أن هناك هبَّة شعبية لدعم قرارات الشرعية، وأهمها قرار البنك المركزي".
وأردف: "هناك استشعار من المجتمع اليمني والشعب أن المعركة مع مليشيا الحوثي الإرهابية بالدرجة الأولى هي معركة اقتصادية، وأن الذي أبقاها هذه الفترة بكاملها ربما التساهل في المصادر والتمويل الذي كانت تحصل عليه هذه الجماعة الإرهابية، سواء من الجبايات، أو من ميناء الحديدة، أو من الجمارك والضرائب، أو من المنظمات الدولية التي ساهمت كثيرا في دعم هذه المليشيا، وفي استمرارها وبقائها، وهي في الأساس حرب على الشعب اليمني".
وزاد: "بقاء هذه المليشيا يعني أن يظل الشعب اليمني في حالة انقلاب على الشرعية الدستورية، فهذه الجماعة لا تؤمن بالسلام، ولا تؤمن بالتعايش، وإنما تهدف إلى الحرب، وتسعى إلى زعزعة الأمن والسلام، سواء على المستوى المحلي، أو المستوى الإقليمي، وما وصلت إليه حتى على المستوى الدولي".