تقارير

الأمية في اليمن.. إقبال بــ"شغف" على محوها وعثرات تراكمها سنوات الحرب

08/01/2024, 14:42:54
المصدر : بلقيس - خاص - نشوان علي

تحرص سعاد خصروف (43 عاماً)، بشكل يومي، على الحضور باكراً إلى مركز محو الأمية بالقرب من سكنها؛ لتعويض "الحرمان" من التعليم، الذي عاشته طويلاً بعد سنوات من انتقالها إلى العيش مع زوجها في صنعاء.

تقول سعاد -أم لخمسة أطفال- إنها "تقبل على التعليم بشغف"، حيث تعمل على إنهاء عملها المنزلي قبل أن تذهب إلى مركز محو الأمية لـتعلم أساسيات القراءة والكتابة في صفها الأول، الذي التحقت به، مطلع ديسمبر الماضي.

وبحسب منظمات حقوقية ومدنية، تشكّل النساء اليمنيات 95% من نسبة عدد الدارسين بمراكز محو الأمية وتعليم الكبار في كافة محافظات الجمهورية، معتبرة أن عادات وتقاليد المجتمع تمثل "حجر عثرة" أمام الراغبين بـ"التعلم"، وبشكل خاص بصفوف محو الأمية وتعليم الكبار.

تقول سعاد لـ"بلقيس": "لم تسمح لي أسرتي بـالتعلّم مثل كثير من قريناتي في الريف، رغم أن أمنيتي هي أن أستطيع القراءة والكتابة لأتمكن من تعليم أبنائي".

تستدرك سعاد: "لكن بعد أن تزوجت وانتقلت للعيش في المدينة، استطعت، وبمساعدة زوجي، من الالتحاق بأحد مراكز محو الأمية، وأحضر في وقت مبكر يومياً بعد أن أكمل التزاماتي في المنزل".

تؤكد سعاد أنها استطاعت في وقت قياسي اتقان وتهجئة حروف اللغة العربية، وتجيد كتابة العديد من الكلمات بشكل جيد، مشددة على أنها ستستمر في التعلم "حتى الحصول على الشهادة الثانوية، والالتحاق بالتعليم الجامعي".

ويصادف اليوم الاثنين، الثامن من يناير/كانون الثاني اليوم، العالمي لمحو الأمية وتعليم الكبار، حيث تعاني اليمن من حرب طالت آثارها جميع مناحي الحياة، وخاصة القطاع التعليمي، حيث تظهر الأرقام تزايد نسبة الأمية في البلاد؛ جراء استمرار الحرب.

وأدت سنوات الحرب، التي تسبب بها انقلاب مليشيا الحوثي وطال أمدها في اليمن، إلى نتائج يمكن وصفها بـ"الكارثية" على البلاد، خاصة في قطاع التعليم، حيث تعد نسبة الأمية في اليمن الأعلى على مستوى العالم.

-6.3 مليون أميّ وأميّة

وذكر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء -اطلعت عليه "بلقيس"- أن نسبة الأمية في اليمن تعد الأعلى على مستوى العالم؛ جراء استمرار الحرب، حيث طال الاستهداف المدارس والمنشآت التعليمية، ما أدى إلى تدني نسبة الالتحاق بالتعليم، وارتفاع نسبة المتسربين.

وأوضح التقرير أن عدد الأميين، ضمن الفئة العمرية من 10 سنوات وأكثر، بلغ 6.3 مليون أمي وأمية، أي ما يمثل 29.2% من إجمالي عدد سكان اليمن المقدر عددهم بـ30 مليون نسمة، مشيراً إلى أن ذلك يجعل "الأمية من أكبر تحديات مسيرة التنمية في البلاد".

ولفت التقرير إلى أن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد عن 60% في بعض المحافظات في اليمن، معتبراً أن الحديدة تعد الأعلى، حيث وصل أعداد الأميين والأميات فيها إلى أكثر من 1,2 مليون، 62% منها من الإناث.

بالمقابل، تكشف الإحصاءات الرسمية أن عدد الملتحقين بمراكز محو الأمية، لمرحلتي الأساس والمتابعة، ارتفع -خلال العام الدراسي 2019- 2020- إلى 209 آلاف و701 طالب وطالبة، منهم 10 آلاف و624 متدرّبة في مراكز التدريب النسوية، مقارنة بـ146 ألفاً و202 طالب وطالبة في العام 2014- 2015، منهم 7 آلاف و161 متدرّبة في مراكز التدريب النسوية.

ويتكون السلم الهرمي للتعليم في محو الأمية في اليمن من مرحلتين؛ الأولى هي مرحلة الأساس، وتتكون من مرحلتين: مرحلة أول أساس ومرحلة ثاني أساس، فيما تتكون المرحلة الثانية من مرحلة واحدة هي مرحلة المتابعة.

- محور كل مشكلة

وقال رئيس جهاز محو الأمية وتعليم الكبار، عائد صالح بدر بن مهري، في بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية: "الأمية تعد محور كل مشكلة مستعصية، وتحت ظلها يتكاثر الجهل، والفقر والمرض، والإرهاب".

وأضاف بن مهري في البيان -حصلت "بلقيس" على نسخة منه-: "كان العام 2023 عام حافلاً بالعديد من الإنجازات، وإن كانت متواضعة، ولكننا مصممون على النجاح ولو على مراحل متتالية مراعاة لوضع البلد العام، الذي ما تزال سحابة الحرب تطغى على كل الأجواء فيه، ما يقارب عقد من الزمن".

وحول أهم المشاكل، التي تعيق عمل الجهاز، قال بن مهري: "أهمها وأساسها تأخر صرف العقود الخاصة بالمعلمات، وكذلك الضعف الشديد في النفقات التشغيلية الخاصة بالديوان، وفروع المحافظات، وأيضا نفقات تشغيل مراكز التدريب النسوي والمهارات".

- عواقب بعيدة المدى

في السياق، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في تقرير صادر عنها بعنوان "تأثير النزاع على تعليم الأطفال في اليمن" -الصادر في العام 2021- إنها وثقت 465 اعتداء ضد المرافق التعليمية، واستخدامها لأغراض عسكرية، خلال الفترة ما بين 26 مارس 2015، و28 فبراير 2021.

وتؤكد المنظمة أن "مصدر القلق الأساسي -بشأن سنوات التعلم الضائعة والفجوات في القراءة والكتابة والحساب بين أوساط النشء في اليمن- يتمثل بأن هذه المشاكل يمكن أن تكون لها عواقب بعيدة المدى على مستقبل الأطفال والشباب".

تقارير

صراع جديد داخل مجلس القيادة الرئاسي.. هل يعكس الفشل في أداء الأعضاء؟

تغرق اليمن في أزماتها المعقدة، فتتجه الأنظار مجددا نحو مجلس القيادة الرئاسي؛ الكيان الذي تشكل في أبريل 2022، على أمل توحيد السلطة التنفيذية، وإنهاء حالة التشظي السياسي، وإخراج اليمنيين من حالة التيه.

تقارير

تحولات الصراع الإقليمي.. اليمن الحاضر الغائب

حتى عشية اندلاع الحرب الخاطفة بين إيران والكيان الإسرائيلي، كان الانطباع السائد بأنه في حال اندلاع المواجهات سيتحول الأمر إلى حرب إقليمية شاملة، إذ ستعمد طهران إلى تحريك أذرعها في المنطقة، وستغلق مضيق هرمز، وتُوجه الحوثيين بإغلاق مضيق باب المندب، وتهاجم القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج في حال تدخلت واشنطن إلى جانب الكيان الصهيوني، وأن أمد الحرب سيطول إلى أقصى مدة زمنية ممكنة، وستنتهي الحرب بانهيار إيران ومن بقي من وكلائها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.