تقارير
التدهور الاقتصادي وانهيار العملة في اليمن .. ما الأسباب والمعالجات؟
بينما ينتظر الشعب حلولًا عاجلة وواقعية تنهي معاناته المستمرة منذ عشر سنوات، من شأنها أن تضع حدًّا للحرب وتداعياتها الكارثية، وتحركًا عمليًّا يوقف تدهور العملة، تتصارع القوى السياسية على الحصص والمكاسب، إذ يشهر كل طرف أوراق ضغطه في وجه الآخر، صراعًا لا صلة له بمصير الشعب وهموم المواطن.
ينهار الريال اليمني بشكل غير مسبوق، وقَرُب سعر الدولار الواحد من 2800 ريال، وبدأت كثير من المناطق تتعامل بالريال السعودي بدلًا عن اليمني، لأسباب تتعلق بعدم استقرار سوق العملة، بينما تكتفي القيادات في القوى والمكونات السياسية بإصدار البيانات لإخلاء المسؤولية، وتبادل الاتهامات، وتداول أنصاف الحلول.
التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية دعا في اجتماع استثنائي له مؤخرًا مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الانهيار الاقتصادي واستعادة الاستقرار.
وقال التكتل في بلاغ صدر عن الاجتماع إن البلاد تشهد تدهورًا اقتصاديًّا مقلقًا، وانفلاتًا أمنيًّا متصاعدًا، مشيرًا إلى الانهيار المتسارع للعملة الوطنية وارتفاع الأسعار، الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين وأشعل موجة احتجاجات شعبية في عدد من المحافظات، أبرزها الاحتجاجات النسائية.
وسيلة بين الشعب والسلطة
يقول أمين عام حزب البعث العربي وعضو المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الدكتور عبد الرحمن المشرعي، إن التكتل يعقد لقاءات مستمرة منذ حوالي شهرين، والتقى بالعديد من الجهات، سواء في الحكومة أو في مجلس القيادة، وأيضًا مع سفراء الدول الأجنبية والمسؤولين في السعودية، وناقش الوضع الاقتصادي والوضع في البلاد بشكل عام.
وأضاف: التكتل يعتبر الوسيلة ما بين الشعب وما بين القيادة والسلطة، بالتالي يتحمل مسؤولياته من هذه الناحية.
وتابع: جميع اجتماعاتنا ولقاءاتنا كانت تركز على الوضع الاقتصادي والمعيشي، والأمني والعسكري، في البلاد بشكل عام.
وأردف: هذا البيان لم يأتِ هو الأول، بل قد صدرت عدة بيانات عن التكتل حول هذه المواضيع، وحول الأوضاع الاقتصادية، ولكن عندما وصلت الأوضاع الاقتصادية وتدهور العملة، والوضع الأمني إلى ما وصل إليه، كان للتكتل موقف، وعقد اجتماعات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأصدر هذا البلاغ، ووضع فيه جملة من النقاط وأسباب المعالجات.
وأوضح أن التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية يضم الأحزاب السياسية الموجودة في اليمن، 22 حزبًا ومكونًا سياسيًّا، وتأسس في نهاية العام الماضي 2024، ولم يخرج منه سوى المجلس الانتقالي.
الحكومة لا تحتاج إلى مُطالب
يقول الخبير الاقتصادي والسياسي رشيد الآنسي إن الحل السياسي هو الأضمن والأسرع لحل المشكلة الاقتصادية، لكن في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية، أو عدم وجود حل سياسي في الأفق، لا بد من إجراء إصلاحات اقتصادية عاجلة، وعلى الحكومة ومجلس القيادة تنفيذها.
وأضاف أن الانهيار الحاصل هو نتيجة للانقسام النقدي وضعف أداء مؤسسات الدولة أو مؤسسات الحكومة الشرعية، وهذا مردّه إلى عدم استقرار النخب السياسية، أو الحكومة ومجلس القيادة، وتمديد كل السياسات المنوطة بإصلاح الوضع.
وتابع: لا أعتقد أن بيان التكتل الوطني للأحزاب هو بداية حراك سياسي، لأننا نشاهد تحركاته منذ فترة، ولم نجد له أي نفوذ في السلطة، أو نفوذ معين يستطيع من خلاله أن ينفذ مثل هذه السياسات، فهو مجرد مطالب.
وأردف: الحكومة لا تحتاج إلى مطالب، لا تحتاج إلى من يذكرها بواجبها أو إلى بيان، هي بحاجة إلى أداء، والتكتل الوطني للأحزاب لديه أعضاء في الحكومة وأعضاء فاعلون، فلماذا لا يوعز إلى أعضاء الحكومة وأعضاء المجلس الرئاسي الذين ينتمون إلى التكتل بالإصلاح؟
وزاد: رئيس التكتل هو رئيس مجلس الشورى، ونحن لا نحتاج إلى تبادل أدوار، أو إلى أن يلقي كل طرف الكرة في ملعب الآخر، نحن نريد حلولًا فعلية، نريد حلولًا واقعية، وليس جملًا إنشائية.
وقال: بيان التكتل جميل، وهو جاء في وقت مناسب، لكن إذا كان التكتل يضم كل الأحزاب، وغالبية أعضاء الحكومة ينتمون إليه، فلماذا لا يقوم التكتل بالإيعاز إلى أعضاء الحكومة التابعين له، بتقديم مقترحات حقيقية ومقترحات فعلية، وتنفيذ خطة معينة لإجراء الإصلاحات الاقتصادية؟