تقارير
الزكري وحنين.. انطلاقة فنية تتجاوز ظروف الحرب والحصار
خرج العازف محمد الزكري (16 عاماً)، وكذلك الصوت الغنائي الجذاب والعذب الفنانة العشرينية حنين الأغواني، من النطاق المحلي، واتسع جمهورهما بشكل عابر للحدود، ليصلا إلى العالمية.
جاء ذلك على إثر قيام منصة "TEDx Talks" العالمية بنشر أعمال هذين الفنانين الشابين، التي قدماها في فعاليات أعمال البرنامج عبر العالم للعام 2021، والتي تنوّعت بين شرح التجارب الإنسانية والإبداعية، وتقديم الابتكارات، والكشف عن مواهب جديدة، وغيرها.
ويعد "TEDx Talks"، الذي ينتمي لبرنامج "Ted"، الذي يجمع ملهمي العالم، برنامجا عالميا يُقدِّم من على خشبة المسرح ومنصاته الرقمية تجارب ملهمة، وابتكارات، وأنواعا مختلفة من الفنون، كما تمثل منصته الإلكترونية ملتقى دوليا للتعايش والسلام عبر العالم.
وكان الزكري وحنان قد قَدّما، في 25 ديسمبر الماضي، العديد من الأعمال، وذلك في فعالية "TEDx TAIZ"، التي نُظمت في محافظة تعز، واحتفت بعدد من الشباب الموهوبين في الفنون الموسيقية والغنائية والتشكيلية، والابتكارات والتجارب الملهمة، وحققت نجاحا ظل حديث الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، وما يزال.
ويُنظّم مؤتمر "تيدكس تعز" في تعز منذ العام 2014، بتصريح من "Ted" العالمي، الذي يُقام مرّة في كل عام، تحت شعار "أفكار تستحق الانتشار"، كما يهدف إلى إلهام عدد كبير من الناس حول العالم، من خلال عرض الأفكار الإبداعية والتجارب المبتكرة في عدة مجالات، بينها تقنية، وتصميم، وترفيه، وفنون، وأدب.
- خطوة أولى
ومثَّل الطفل العازف الزكري، وهو طالب في المرحلة الثانوية، وكذلك الصوت الغنائي الواعد حنين الأغواني، البلاد في فعاليات الموسم الماضي لتعز تيدكس، التي تغنّت فيها حنين بأغنيتي "وطائر أمغرب" للفنان أيوب طارش عبسي، و"ايش يفيدك" للفنان عبد الباسط عبسي.
وقدّم العازف الزكري معزوفتين أصيلتين من الطرب الشرقي العربي والتراث اليمني، تجسّدت المعزوفتان في رائعة الملحن المصري زكريا أحمد "غنيلي"، التي غنّتها كوكب الشرق أم كلثوم، ومعزوفة "يا مركب الهند أبو دقلين" وهي أغنية من التراث اليافعي.
العازف الزكري أشعل حماس الجمهور في مهرجان "تيدكس تعز"، وحظي بأطول فترة تصفيق، وذلك تكريماً من الحاضرين لأدائه الإبداعي.
- تجربة غضّة
في المقابل، يعتبر مهتمون بالشأن الفني العازف الزكري واحدا من الشباب الملهمين والموهوبين، وصاحب تجربة عصامية في عالم العزف، رغم حداثة سِنه.
وُلد الطفل العازف الزكري في العام 2006 بصنعاء، ونشأ وترعرع في محافظة تعز، وتحديداً في مديرية الشمايتين الواقعة في الريف الجنوبي للمحافظة.
يقول الزكري لموقع "بلقيس": "تعلمت العزف بجهد ذاتي، وبشكل فردي تماماً، وأجيد العزف بشكل أساسي ورئيسي على العود، ومن ثم يليه الأورج".
وفي حين لم يتأثر فنياً بأحد من أفراد عائلته أو محيطه المجتمعي، يدفعه شغفه وولهه بالموسيقى نحو تذوّقها والاطلاع على معزوفاتها المحلية والخارجية، والتأثّر بعمالقتها.
"ويعتبر التراث الموسيقي اليمني هوية وثقافة وتراثا وإرثا، في حين يعد الطرب الشرقي فضاءً أوسع، ومن الطبيعي أن أتأثر بعمالقة العزف في الداخل والخارج"، كما يذكر الزكري لموقع "بلقيس".
وفيما تمثل الفنون بالنسبة لجماهيرها، ومعشر المهتمين، لغة موحّدة وجسراً ورابطاً مشتركاً بين الشعوب، تبدو الموسيقى بالنسبة له لغة عالمية وعابرة للحدود.
شدَّه شغفه، في وقت سابق من العام 2021، نحو التقدم إلى المشاركة في فعالية "تيدكس تعز"، التي تلقى اتصالاً من القائمين عليها، أخبروه فيه أنه واحد من المرشّحين لحضور المقابلة الشخصية، التي سيتم فيها البت في موضوع إمكانية مشاركته في الفعالية من عدمها.
- تحقق الحلم
مُنح فرصة المشاركة في المؤتمر، فتحوّل الحلم، الذي كان يراوده، إلى حقيقة، لكن ذلك فتح أمامه نافذة جديدة على مشوار مكثّف من الجهد والعمل المتواصل، والاستعداد للعرض، الذي كان من المقرر أن يُقام في 25 ديسمبر من العام 2021.
يستطرد الزكري "كُنا مجموعات صغيرة متخصصة، وداخل فريق كبير ومتنوع المجالات والمشارب والتجارب، وخضعنا للإعداد خلال فترة قصيرة، كنا فيها أدوات التعبير عن ذواتنا ومواهبنا، كما حظينا خلف الكواليس بمدرّبين رائعين".
مثّلت تجربة المشاركة محطة مهمة في مسيرته الفنية، إذ عادت عليه بالكثير من الفوائد، وذلك على مستوى التشبيك، وتوسيع العلاقات، وتبادل الخبرات، وتنمية المهارات.
بدت الفعالية بالنسبة له ممتعة ورائعة جداً، كما استمدت بهاءها من التواصل المباشر مع جمهور واسع ونخبوي وشبابي، وهو ما يجعل المشارك يدرك فوراً المستوى الذي بلغه، ويقرأ ذلك في أعين الجمهور وتفاعله وردود فعله، التي جاءت إيجابية وواضحة، حسب الزكري.
بعد عدّة أشهر من الفعالية، نشرت "تيدكس توكس"، على منصتها العالمية، أبرز المواهب والتجارب الملهمة، التي من بينها معزوفات الزكري، الذي يرى أن الحلم تحقق.
وجد نفسه يسبح وسط شعور جميل، فحدث نشر معزوفاته على منصة عالمية ومهتمة بنشر الإبداع والتجارب الملهمة من مختلف أنحاء العالم يعني بالنسبة له أنه نجح ووصل إلى النجومية، وأصبح عالمياً، كما يقول لموقع "بلقيس".