تقارير

ألغام في طريق المستقبل.. لماذا تدعم  الإمارات والسعودية الجماعات المتشددة في اليمن؟

27/02/2025, 06:17:27

طوال عقود ماضية، كانت الدعوة السلفية ملتزمة بالوسائل السلمية، وكسبت الكثير من الحواضن الشعبية التي كانت مستعدة ومتعطشة للأجواء الملتزمة، لكنها بعد الانقلاب الحوثي والتدخل العسكري للتحالف السعودي الإماراتي، بدأت مرحلة جديدة.

بعد انخراط مجموعة من الجماعة السلفية في العمل المسلّح وتحولها إلى حركة مسلحة تفرض سيطرتها وأفكارها بالقوة، فإن الخلاف الذي كان يدور بينها في الرأي والمساجلات لن يعود كما كان.

الألوية السلفية المدعومة من السعودية والإمارات تعدّ شاهدًا على هذا التحول، حيث انتقلت من حركة دينية سلمية إلى قوة مسلحة، في إطار خطة استراتيجية إماراتية طويلة المدى. بل إن هذا التمكين العسكري جعلها طرفًا رئيسيًا في المشهد اليمني المعقد، حيث تلعب الإمارات دور الوكيل الدولي الداعم لجماعات متطرفة سيكون لها تأثير عميق على مستقبل البلاد.

أصبحت اليمن، في ظل هذا التداخل، ساحة صراع إقليمي بين ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران والجماعات السلفية الممولة خليجيًا. فما مستقبل هذه الجماعات العقائدية المسلحة في اليمن؟ وكيف سيؤثر هذا الواقع على وحدة الدولة والمجتمع؟ وما هي انعكاسات استمرار تمكينها على الأمن المجتمعي وربما الأمن الإقليمي في المستقبل؟

تجنيد إماراتي

يقول الصحفي وديع عطا إنه بعد اغتيال اللواء سيف اليافعي، الذي كان قائد المنطقة العسكرية الرابعة، وكان من المفترض أن يؤسس لنواة جيش حقيقي يقود معارك التحرير ضد ميليشيا الحوثي في الساحل الغربي بعد تحرير مدينة عدن وما حولها، أُجهضت فكرة إنشاء جيش وطني حقيقي ينتمي للدولة، ويكون ولاؤه للدولة اليمنية، ويخوض هذه المعركة الوطنية تحت شعار واحد ولواء واحد ووطن واحد.

وأضاف: “المكونات الآن تداخلت فيما بينها، وفرضت الإمارات لونًا واحدًا بدعمها لفصائل معينة واتجاهات محددة، حيث تغولت قوات العمالقة والتيار السلفي بشكل كبير وتنامت بشكل واسع، من خلال التجنيد الشعبي في الكتائب والحشد الشعبي الذي تم جمعه بشكل شامل”.

وتابع: “كان الجميع تقريبًا يرغبون في قتال ميليشيا الحوثي، ففُتح باب التجنيد على مصراعيه، وكان من بين أولئك الكثير من الكتائب التي انتمت إلى هذا التيار من أبناء محافظة الحديدة وأبناء تهامة، وانضموا إليها في إطار ما كان يسمى بألوية المقاومة التهامية وألوية النخبة العسكرية، التي كانت تُعدّها الإمارات، كما فعلت في عدن وشبوة وحضرموت”.

مخطط بموافقة غربية

يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان، إن الجماعات السلفية والتحولات المرتبطة بوجودها في المنطقة تتعدد مرجعياتها. فالتيار المدخلي، مثلًا، يدّعي أنه لا علاقة له بالسياسة وأنه لا بد من اتباع ولي الأمر، وهناك التيار السلفي، والتيار الجهادي، والتيار القيادي.

وأضاف: “هذه التيارات السلفية تبرر التدخل الأجنبي لأنها تطيع الحاكم بكل قراراته، ومن هنا فهي تقابل التيار الحوثي، والتيارات الجهادية الممثلة بالجماعات المتطرفة”.

وتابع: “كانت هناك تيارات مدخلية في ليبيا، وتيارات مدخلية في اليمن ممثلة بأبو العباس، وهذه التيارات طالما أنها تطيع ولي الأمر، فإنه ينبغي أن تتوسع ويكون لها وجود، ولهذا فقد أُضعفت مؤسسات الدولة في اليمن، مثل رئاسة الجمهورية والبرلمان والقضاء والحكومة، ومُصِرت قدرتها على ممارسة السيادة”.

وأردف: “هذه التيارات أضعفت مؤسسات الدولة، ثم ذهبت نحو الجيش الوطني، حيث تم إيجاد أكثر من مكون، مثل الأحزمة والنخب والجماعات الجمهورية، مما أدى إلى تعدد المكونات العسكرية”.

وزاد: “أهم عنصر في البلدان العربية والإسلامية والدول المتحولة هو الجانب الديني، حيث تم استهداف الجماعات العقائدية التي تجمع بين السياسة والدين، مثل حزب الإصلاح، وتم إحلال الجماعات المدخلية مكانها”.

وقال: “للموازنة مع الجماعات الإيرانية أو الشيعية، ينبغي أن توجد أكثر من جماعة، فتم إيجاد الجماعة العقائدية الممثلة بالجماعات الإخوانية أو الإصلاح، وإيجاد جماعة عسكرية تواجه الاثنين معًا، مما يعني أن هناك تخطيطًا مسبقًا”.

وأضاف: “عندما يكون المجتمع منقسمًا، أي أن الجانب الاجتماعي والإنساني ضعيف اقتصاديًا، ومنشغلًا في همومه المعيشية مثل الغاز والمرتبات والحياة اليومية، يصبح مرهقًا، ويصبح الجانب الديني هنا في غاية الأهمية”.

وتابع: “استخدام الجماعات السلفية بدأ منذ حرب الخليج الأولى، حيث بررت التدخل الأمريكي في العراق، وتحالف دول الخليج في استهداف العراق، والوجود الأمريكي في المنطقة، وتم توظيفها منذ وقت مبكر”.

وأردف: “نحن الآن لدينا جماعات جهادية سلفية متطرفة، وجماعات سلفية، ومؤسسات دولة ضعيفة، وجيش متعدد، وكيانات منافسة له، ومرجعيات دينية متعددة، وجماعات لا تؤمن بتبعية الحاكم، وجماعات متمكنة وقوية تؤمن بذلك، ومجتمع منهك، وكل هذا مخطط له مسبقًا، وحتى المجتمع الغربي موافق عليه، لأنه منذ احتلال العراق، تم التخطيط لإعادة المنطقة إلى ما يسمى بالهويات ما قبل الدولة، ولدينا نموذج في العراق، حيث توجد سنة وشيعة وأكراد، وغيرهم”.

وزاد: “دول الخليج عندما تقوم بهذه الوظيفة، فإن ذلك يستجيب لما يتم الترتيب له في المنطقة”.

وأوضح أن الجماعات السلفية المدخلية، الممثلة بالسلف في المناطق المحررة، لا تعتبر التدخل الأجنبي الإماراتي أو السعودي أو الغربي مخالفًا للعقيدة الدينية، وبالتالي تبرر التدخل وتعتبر طاعة ولي الأمر واجبًا، سواء كان خليجيًا أو يمنيًا.

مؤهلة للتشدد

يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، سعيد الجمحي، إن التيارات السلفية التي نشهدها اليوم مرت بمراحل كثيرة منذ ظهور السلفية في اليمن، حيث كان مقرها الرئيسي في دماج، التي تعرضت لحرب استمرت عدة أشهر في عام 2013، وانتهت بتهجير الآلاف من السلفيين.

وأضاف: “أولئك الذين تم تهجيرهم كانوا ينتظرون الدولة وولي الأمر الذي كانوا لا يرون جواز مقاتلته، لكنهم تعرضوا لهزات عدة، مما أدى إلى تحول السلفيين من جماعات دعوية لا تؤمن بالتغيير إلى جماعات تمارس القتال، وانتقلت من ساحة الدعوة إلى المشاركة في الصراع المسلح”.

وتابع: “لكن هذا التحول السريع يكشف عن قناعات كانت تختبئ وراء النصوص الشرعية، بمعنى أن السلفيين في اليمن رغم أنهم كانوا تيارًا سلميًا ومدنيًا، إلا أن خطابهم الديني كان يتضمن تناقضات”.

وأردف: “في اليمن، رأينا أن مجدد الدعوة السلفية، مقبل الوادعي، كان يلقّن أتباعه بأن الكثير من القضايا محرّمة، مثل التعددية الحزبية، والعمل السياسي، والديمقراطية، والبرلمانات، والانتخابات، واعتبر المجتمع على ضلال تام، لكنه في الوقت ذاته كان يدعو إلى عدم الخروج على الحاكم، مما خلق تناقضًا أدى إلى ظهور السلفية الجهادية”.

وزاد: “عندما اندلعت الحرب في أفغانستان، كان السلفيون اليمنيون من أوائل المقاتلين هناك، وكان ذلك مشروعًا في نظرهم”.

وختم: “ما دامت السلفية الآن تقاتل تحت مظلة الشرعية، أو بحجة الدفاع عن أراضيها وحرياتها، فلا يمكن وصفها بالتشدد حاليًا، لكنها تظل مؤهلة لذلك، بسبب ضعف إدراكها للخطاب السياسي، ووجود عوامل قد تدفعها نحو التشدد مستقبلاً”.

تقارير

بن بريك يعود إلى عدن بخفي حنين.. هل نحن أمام حكومة مشلولة؟

عاد رئيس الحكومة، سالم بن بريك، إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد نحو شهر من تعيينه رئيسًا للوزراء، عاد بعد أن طال الانتظار في الرياض، حيث أعلن صراحة أنه لن يعود إلا بنتائج تحدث فرقًا في الوضع الاقتصادي والمعيشي المنهار، لكن عودته جاءت خالية من أي دعم أو حتى وعود، بينما تؤكد مصادر أن الزيارة مؤقتة لأداء صلاة العيد، قبل العودة مجددًا إلى المنفى الاختياري في الرياض.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.