تقارير

اللواء عبدالرب الشدادي.. سيرة قائد خالد في ذاكرة الوطن والتاريخ

08/10/2025, 10:41:56

قبل 9 سنوات في صرواح مأرب، كانت المعركة على مفترق الجمهورية والانقلاب الإمامي الحوثي، وكان اللواء عبدالرب الشدادي في الصف الأول يقول: لن نعود إلا مكللين بالنصر أو بالشهادة، وعاد محمولاً على الأكتاف شهيداً خالداً.

في 7 أكتوبر 2016، رحل الشدادي على تخوم مأرب بعد أن اخترقت شظية جسده وهو يقود رجالاً بنفسه، وحين سقطت الدولة بالخيانات كان الشدادي واحداً من أولئك الرجال الذين لم يملكوا شيئاً إلا شرفهم العسكري الذي لم يساوموا عليه وثبات موقفهم الوطني منذ الطلقة الأولى في مواجهة الميليشيا وتكوين الجيش الوطني، أولئك الذين وقفوا في الصف الأول دفاعاً عن الجمهورية يوم انقلبت الميليشيا الحوثية على الدولة.

رحل الشدادي كما رحل من قبله القشيبي واليافعي والحمادي وغيرهم، لتبقى سيرتهم في جلال التاريخ وذكرى عظيمة في هذه اللحظة الحرجة من عمر البلاد المحكومة بالتحالفات والمصالح العابرة للانتماء الوطني.

- أيقونة الجمهورية

في حلقة "المساء اليمني" على قناة بلقيس، والتي خصصت لذكرى رحيل القائد عبد الرب الشدادي، يقول الصحفي حفظ الله العميري إن عبد الرب الشدادي رحمه الله كان أيقونة للجمهورية الثانية وأيقونة للجمهورية اليمنية ككل، وأيقونة تاريخية للقادة ومثلاً للقادة الذين ظلمهم الإعلام وظلمهم حتى قادة البلاد.

وأضاف: الشهيد الشدادي، وإذا لم يكن من أكبر القادة على مستوى تاريخ اليمن الحديث الذين ناضلوا وضحوا، فقد وصلت تضحيتهم إلى أن سفكت دماؤهم ثمناً لهذه البلاد وفي مواجهة الإمامة التي حاولت أن تسيطر على اليمن كلها وتدخل مأرب. لكنه كان سداً منيعاً كسد مأرب، حفاظاً على هذه المدينة وحفاظاً على شرفه العسكري وحفاظاً على البلاد بكاملها في وجه هذه الجائحة الأخيرة.

وتابع: الشهيد الشدادي لم يكن فقط قائداً عسكرياً، بل كان مربياً؛ فعندما وصلت الميليشيا إلى حواف مدينة مأرب، لم يكن القائد الشدادي فقط قائداً عسكرياً، لقد ربّى آلاف القادة وربّى آلاف الجنود، ولا زالوا إلى الآن في الجبهات يسطرون أروع ملاحم البطولة.

وأردف: ونحن نشاهد الفيديوهات للشدادي لم يكن فقط قائداً عسكرياً، كان يخاطب الأمة كأب حنون للجمهورية، وليس فقط لمحافظة مأرب؛ لم يتكلم يوماً بشكل مناطقي لمحافظة مأرب مثلاً، إنما كان يتكلم باسم اليمن.

وزاد: أعرف أشخاصاً خدموا تحت قيادة الشدادي، ولم يشعروا يوماً أنهم جاؤوا من منطقة أخرى، لأنه كان يعامل الجميع مثل أبنائه، ولذلك عندما استشهد رحمه الله حدثت هذه الهزة، وكان الذين يخدمون تحت قيادته وكأنهم فقدوا أبا وليس قائداً عسكرياً.

- العقيدة العسكرية والشرف الوطني

يقول العميد ركن في الجيش الوطني طالب دركم المرادي، وهو رفيق الشهيد الشدادي: عندما نتحدث عن الذكرى التاسعة لاستشهاد القائد العظيم عبد الرب الشدادي، لا يعني أننا نستحضر شخصاً بعينه، بل نحيي قيم الوفاء والعقيدة العسكرية والشرف الوطني.

وأضاف: الشهيد الشدادي كان نموذجاً خاصاً في الانضباط الميداني والوفاء للقسم العسكري، وكان نموذجاً في القيادة، هو وغيره من القادة الذين استشهدوا وهم يقودون معارك أمام الصلف الحوثي؛ كانوا نموذجاً في مرحلة معينة، وفي مرحلة استثنائية ومنعطف تاريخي حديث.

وتابع: كان يفترض أن نفصل بين ما قبل سقوط صنعاء وما بعد سقوط صنعاء، لأن حقبة تاريخية قديمة قبل سقوط صنعاء وبعد سقوط صنعاء جمهورية حديثة استبسل فيها القائد عبد الرب الشدادي، وصدرها بشكلها الصحيح وأفرز نوعاً خاصاً من القيادة في مرحلة عصفت بالبلاد، أثناء تشتت الدولة وضياع القرار السياسي وغياب إدارة الدولة وانحلال المؤسسات وفي غياب أيضاً المؤسسة العسكرية التي ضاع دورها في حينه.

وأردف: الشهيد الشدادي هو الذي أنشأ نواة الجمهورية الثانية من خلال عوامل مساعدة أدت إلى نجاحه وأدت إلى المواجهة في الخط الأول للعدو وكسر عنفوانه، والذي كان يشكل ضغطاً قوياً في حينها ما يسمى بالمقاومة قبل أن يشكل الجيش الوطني.

وزاد: بعدها استطاع الشهيد الشدادي تأسيس الجمهورية وتأسيس الجيش الوطني مع غيره من القادة الذين كانوا في مرحلته، وكان هناك توأم للقيادة عبد الرب الشدادي واللواء سلطان العرادة، اللذان استطاعا بشكل عام أن يخلقا من مأرب مسرح عمليات مواجهة. بالإضافة إلى أن أبناء مأرب كان لهم دور رئيسي، والتفّوا حول الشدادي والعرادة، وخلقوا نموذجاً خاصاً استوعب الشرفاء من أبناء اليمن وصدروا ملاحم عكست المعركة من على مشارف مأرب إلى مشارف صنعاء.

وقال: الشدادي كان مؤمناً بالمشروع الوطني الجمهوري، وأن المشروع المعادي الذي أطاح بالبلد هو مشروع يجتث الحريات ويجتث الكرامة، ومشروع له أبعاد سياسية وعسكرية يعيد البلد إلى عام 1917.

وأضاف: لذا كان مقتنعاً بفكرة المواجهة مع هذا المشروع، مشبعاً بالجمهورية وبأهداف ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر.

- اليمن تبكي الشدادي

يقول قائد مقاومة نهم زيد الشليف: يوم استشهاد الشدادي ويوم دفنه كنت حاضراً في تشييعه، فكانت مأرب تبكي وكان أبناء اليمن جميعاً يبكون الشدادي والخسارة الفادحة والعظيمة، لأنه استشهد في منعطف تاريخي كبير تمر به اليمن، وبعد سقوط الدولة بأكملها في يد ميليشيا الحوثي.

وأضاف: عندما تهاوت قوات الجيش وتهاوت المحافظات اليمنية بيد ميليشيا الحوثي، بزغ الشدادي في مأرب وقال نحن هنا، وحمل بندقيته وكان معه عشرات الآلاف من أبناء اليمن من مأرب وغيرها من محافظات الجمهورية، الذين شردتهم الميليشيا الحوثية.

وتابع: مأرب هي جزء من النسيج اليمني، ومن دافع عنها أو قاتل في مأرب إنما يدافع عن اليمن وعن تراب اليمن كله، سواء في مأرب أو في صنعاء أو في عمران أو في سقطرى أو في كل محافظة من محافظات اليمن.

وأردف: اليمن هو نسيج واحد وجسد واحد، ولذلك وجدنا أن الشدادي كان يقاتل الميليشيا الحوثية في صعدة، ثم قاتلهم في عمران ثم قاتلهم في صنعاء، ثم واجههم في مأرب، وكانت قضية مواجهة الحوثي بالنسبة للشهيد الشدادي حاضرة دائماً حتى استشهد في صرواح مأرب.

وزاد: مثل هؤلاء القادة يحيون فينا روح المقاومة وروح استعادة الدولة، فالشدادي في كل المعارك التي خاضها وكل الهجمات التي كان يتقدمها كان يحمل البزة العسكرية، وهي إشارة إلى أن الدولة يجب أن تعود ويجب أن تكون الدولة موجودة، يجب أن نستعيد بناء الجيش اليمني، وبادر وسارع مع الكثير من الضباط الذين استشهد الكثير منهم، والكثير منهم ما زال على قيد الحياة، في تأسيس جيش وطني قوي حتى أصبح هذا الجيش اليوم يمتلك هياكل وألوية ووحدات وهيئات ودوائر عسكرية، وأصبح يمتلك مناطق عسكرية كاملة.

وقال: كل هذا بفضل هؤلاء القادة الذين حملوا هذه المهمة على عاتقهم وأصروا على أن يستعيدوا شرف البزة العسكرية وأن يستعيدوا شرف العسكرية اليمنية التي انتهكتها الميليشيا الحوثية، واستطاعوا فعلاً أن يفعلوا ذلك.

وأضاف: نشاهد اليوم أن الجيش الوطني متواجد في كل ربوع اليمن، وبإذن الله ومع الأبطال الذين ما زالوا موجودين في الميادين، أمثال الشدادي، وهم بالعشرات بل بالمئات ستستعاد اليمن وتستعاد صنعاء.

تقارير

الصراع في حضرموت.. بين مشروع الانتقالي ورغبة الحكم الذاتي

ظلت محافظة حضرموت بعيدة عن الصراع منذ بداية الحرب وانقلاب ميليشيا الحوثي، إلا أنها مؤخرًا تحولت إلى ساحة صراع سياسي وعسكري محتدم، تتقاطع فيه المصالح المحلية والإقليمية، وتتشابك فيه الولاءات بين الرياض وأبو ظبي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.