تقارير
المأساة الفلسطينية والإجرام الإسرائيلي.. بين الصمت الدولي والتخاذل العربي
في ظل صمت دولي مريب وانحسار الاهتمام العالمي بما يحدث، يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة بوتيرة دموية مخلفا وراءه آلاف الشهداء والجرحى، عائلات بأكملها تباد.
يواصل الاحتلال إبادة الأرض الفلسطينية، مدن ومدارس ومشافي حتى مخيمات النازحين، تلك الأماكن، التي لجأ إليها المدنيون؛ بحثا عن الأمان، تحوّلت إلى أهداف مباشرة لآلة الحرب الإسرائيلية على مرأى ومسمع من العالم.
تمْعِن إسرائيل في استهتارها بالقانون الدولي والمؤسسات الحقوقية، التي يفترض بها حماية المدنيين، مستندة إلى غطاء سياسي ودعم عسكري من الولايات المتحدة، وهذا الانحياز الأمريكي المطلق لا يقتصر على تعطيل أي تحرك أممي لإدانة الاحتلال، بل إلى التهديد بمزيد من المذابح إذا لم يفرج عن الرهائن الإسرائيليين، بينما يغيب أي ضغط مماثل للإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال.
- سيطرة أمريكية
يقول المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور معاذ العمودي: "إن الاهتمام الدولي، منذ البداية، لم يكن متناسبا مع حجم الحدث، أن يكون الصراع في الأساس أنه فقط هجوم حماس في السابع من أكتوبر كسياق طبيعي لما يتعرّض له قطاع غزة على مدار سنوات طويلة، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف: "أنا أذكر ما تحدّث به نتنياهو، وقال إنه لا توجد أي علاقة ما بين التطبيع مع الدول العربية والإسلامية، وما بين القضية الفلسطينية، وأنه يمكن أن يتقدّم في مسألة التطبيع بعيدا عن القضية الفلسطينية، وبالتالي جاء السابع من أكتوبر على آلية أنه سياق طبيعي لما كانت تمر به الحالة الفلسطينية، لكن كان هناك مشروع صهيوني في الأساس بالتصفية".
وتابع: "أعتقد أنه إلى الآن لم يصل المجتمع الدولي، أو لم تصل المنظمات الدولية، إلى وقف إطلاق النار".
وزاد: "حتى مصطلح (وقف إطلاق النار، وقف قتل المدنيين، وقف الإبادة الجماعية، وقف المجازر، وقف الاعتداء على البنى التحتية المدنية) كل هذه الأشكال تدرج أنه لم يصل إلى هذه الحالة، نتيجة سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على المنظمات الدولية".
وأردف: "قرار هذه المنظمات الدولية أصبح قرارا متحيِّزا لمن يموّلها في الأساس، فالولايات المتحدة الأمريكية تموّل هذه المنظمات بكافة أشكالها وتصنيفاتها بمقدار جيّد من المال، 45 % من التمويل".
وزاد: "بالرغم من أن الشروط، التي توضع مثلا في الأمم المتحدة، مستوى التمويل يجب أن يكون بنسبة لا تتجاوز نسبة معيّنة، إلا أن الولايات المتحدة الامريكية تتجاوز هذه المسألة، في الأمم المتحدة، وتسيطر عليها".
وقال: "انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية سابقا من منظمة الصحة العالمية بعد فيروس 'كورونا'، وحاولت إرغام العالم بأن يعترف أن الصين هي وراء الأزمة حتى تدفع تكاليف ما حدث".
وأضاف: "وكذلك اليوم هذه الانسحابات المتكررة من مجلس حقوق الإنسان في ولاية دونالد ترامب، ثم قبل ذلك في ولاية باراك أوباما، الانسحاب من اليونسكو؛ لأن اليونسكو اعترفت بأن القدس عاصمة للفلسطينيين، وأنها مدينة إسلامية في الأساس، وفق التراث العالمي".
-إهمال ونسيان
يقول المحامي والناشط الحقوقي، عبد الرحمن برمان: "لاحظنا عندما كانت المظاهرات مشتعلة في جميع أنحاء العالم، وحدث هناك تحرك دولي، وإن لم يكن بالمستوى المطلوب، لكنه شكل ضغطا على عدد من حكومات العالم، مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية تم إيقاف عدد من شحنات الأسلحة التي كانت تستعد لشحنها إلى إسرائيل".
وأضاف: "لكن، في الوقت الحالي، بعد مرور ما يقارب 15 شهرا، من الحرب، عندما بدأ الاهتمام الدولي والشعبي، ومنظمات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية يتراجع، لاحظنا الوحشية التي عادت إسرائيل تمارسها في غزة، واستخدام أسلحة تظهر الجثث وهي متفحِّمة، وعادت أعداد الشهداء والجرحى والقصف كما كان سابقا، بداية الحرب".
وتابع: "هذا الإهمال الدولي، وهذا النسيان والخذلان، عرَّض حياة المدنيين للخطر، وأدى إلى استمرار هذه الحرب الظالمة على قطاع غزة".
وأردف: "إذا كان العالم، والنشاط الحقوقي الذي كانت تمارسه المنظمات والمجتمعات، استمر، ربما كانت الحرب قد انتهت، وكنا في مرحلة أفضل من المرحلة التي كنا فيها، وكنا في مرحلة إعادة بناء غزة، وإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية".
وزاد: "إسرائيل خسرت كثيرا من حلفائها في كل أنحاء العالم، ومن ضمن الأسباب التي أدت إلى الإطاحة بالحزب الديمقراطي في أمريكا، سواء في الانتخابات الرئاسية، أو في انتخابات الغرفتين التشريعيتين، هي الإبادة الجماعية التي ارتكبت في غزة".