تقارير
المجلس الرئاسي في مهمّة تفتيت اليمن؟
قرار مجلس القيادة الرئاسي بإقالة قائد فرع القوات الخاصة في محافظة شبوة، العميد عبدربه لعكب، أثار سخطا شعبيا واسعا، باعتباره ساوى بين من يمثل الدولة ومن يمثل المليشيات.
قبْل إقالة العميد لعكب، كان المجلس الرئاسي قد عيّن قائد التمرّد في محافظة أرخبيل سقطرى، رأفت الثقلي، محافظا لأرخبيل سقطرى، وتعيين شخصيات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في مناصب حساسة، ك: النيابة العامة، ولجنة هيكلة الجيش والأمن.
باتت مصالح التحالف السعودي - الإماراتي التقسيمية في اليمن أكثر وضوحا من أي وقت مضى، ويبدو أن المجلس الرئاسي، الذي يترأسه السياسي المخضرم رشاد العليمي، متماهٍ مع هذه الأجندة، أو على الأقل هذا ما يفهم من قراراته حتى الآن.
عدن ثم سقطرى، واليوم يُراد لشبوة أن تغرق في مشروع الفوضى، وربما تأتي حضرموت ومأرب تاليا إذا لم يتم إيقاف هذا المسلسل العبثي، ونحن نتساءل: هل سيشرعن المجلس الرئاسي مشروع تفتيت وتقسيم اليمن الذي تتبناه السعودية والإمارات؟
- المجلس الرئاسي حاجة إقليمية
في هذا السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان: "قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة لم تكن مفاجئة لنا، لأن المجلس جاء كحاجة إقليمية وليس كحاجة وطنية".
وأضاف لبرنامج المساء اليمني، الذي بثته قناة بلقيس مساء أمس: "المجلس أساسا يعد آلية ضمن استراتيجية، بمعنى أن التحالف مر باستراتيجية إضعاف سلطة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، وتكتيف مواردها، وإحلال سلطة بديلة عنها في المناطق المحررة، حتى أوصل الجماهير إلى مرحلة من الإحباط، والحاجة لأي سلطة بديلة".
وأوضح "أن المجلس الرئاسي مرحلة في الاستراتيجية، التي يتخذها التحالف، وتم التخلص من الرئيس هادي خلال الجزء الأول منها".
وقال: "هذا المجلس سيتم من خلاله السيطرة على الجغرافية ومنابع النفط والمواقع الاستراتيجية بشكل معلن، بحيث أن تكون في المستوى القريب هناك قوتان فقط، المجلس الانتقالي وجماعة حزب المؤتمر، وهما رهانات إماراتية".
وفي تعليقه على معايير المجلس الرئاسي في اتخاذ القرارات، يقول شمسان: "ليس هناك معايير لتعيينات المجلس الرئاسي، وإنما هناك من يدير صناعة القرار السياسي والعسكري، وهو التحالف".
وأضاف: "تعيين محافظ لسقطرى، وإعادة موضعة الشخصيات الموالية للمجلس الانتقالي المدعومة من الإمارات، تندرج تحت ما يسمى بتنقية الجغرافية، ومفاصل المؤسسات من الجماعات الوطنية والوحدوية، والموالية للشرعية".
- إجحاف وتبرير
من جهته، يقول وزير النقل السابق، صالح الجبواني: "إن قرارات المجلس الرئاسي منحازة للمليشيات، وتفتقد للمشروعية، لانحيازها لطرف، ضد المسؤولين الأمنيين والعسكريين الشرعيين الذين تم تعيينهم بقرار جمهوري".
وأضاف: "قائد القوات الخاصة، العميد عبده ربه لعكب، تابع لوزارة الداخلية، ومعيّن بقرار جمهوري، لكن ما يسمّى بقائد لواء دفاع شبوة ليس سوى قائد لمليشيات إماراتية وغير نظامية، ومقارنتها بالقوات الرسمية التابعة للدولة فيه إجحاف وتبرير لما يقوم به المحافظ والمجلس الرئاسي".
وأشار إلى أن "المجلس الرئاسي يأخذ أوامره من السعودية والإمارات، وذلك يفقده الكثير من الدعم الشعبي، بعد أن كان الناس يأملون منه الكثير".
وقال: "المجلس جاء في مرحلة حرجة، وتفاءل الناس به خيرا بالرغم من أنه غير دستوري، وكان بإمكانه أن يأخذ مشروعيته من الميدان، لكنه أثبت اليوم بأنه أسوأ مما كانت البلاد عليه بكثير، وفقد مشروعيته، وأصبح مثله مثل المجلس الانتقالي ومليشيا الحوثي".
ولفت إلى أن "قرارات المجلس لم تحل المشكلة"، مشيرا إلى أن "المعارك في شبوة ماتزال مستمرة، وقوات الجيش والأمن تسيطر على 85% من مدينة عتق، والمحافظ المعيّن من الإمارات ومليشياته وضعهم صعب، لأنهم جاءوا يقاتلون الناس في ديارهم".
-إضعاف الرهانات
في هذا السياق، قال شمسان: "إن ما حدث شيء خطير وكارثي على المستوى الوطني والمجتمعي، ويسمى بكسر الانتظارات، وإضعاف الرهانات على السلطة"، مشيرا إلى أن "ذلك سيؤدي إلى أن الجماهير التي كانت مع مليشيا الحوثي ستصطف معها، والجماهير التي كانت مع الانتقالي ستصطف معه، والجماعات المناطقية ستصطف مع المناطقية، لأن المجلس لم يستطع أن يكون قوة ورهانا بالنسبة لها".
ويرى شمسان أن "ما حدث في شبوة هو عمل استراتيجي، كما حدث في سقطرى، حيث تمت السيطرة عليها من قِبل مليشيات موالية للإمارات، وتعيين زعيم هذه المليشيات محافظا لها، كما يحدث في شبوة الآن، هناك إحلال لمليشيات موالية للإمارات، وليس فقط محافظ".
وقال: "لا بد من السيطرة على المؤسسات الأمنية والخدمية والفاعلة، وإخراج أبناء المناطق الشمالية كما حدث في عدن".
وأضاف: "كنا نتوقع أن يتم إقالة محافظ شبوة عوض بن الوزير وإحالته للتحقيق، وتوظيف هذه الفرصة لإثبات قوة المجلس ورمزيته، وأيضا الشعارات والبيانات التي تم التصريح بها، لكن تعيينات المحافظين تأتي من المكاتب الاستخباراتية الإماراتية في إطار استراتيجية واضحة ومحددة".
وأردف: "قوات العمالقة قائدها نائب رئيس، ونائب آخر لديه قوات في الساحل الغربي، ونائب آخر مازال يحمل صفة قائد القوات الجنوبية، ويرفع علم الجنوب، وعلم الإمارات في صدره، لذا من الطبيعي ألا يستطيع رشاد العليمي أن يصنع قرارا وطنيا".