تقارير
"المنشطات في اليمن".. صناعة بلا رقابة واستخدام عشوائي
تشهد السوق الدوائية اليمنية حالة فوضى غير مسبوقة، توسعت آثارها القاتلة، خلال السنوات الأخيرة، بشكلٍ بالغ؛ كونها غارقة بالعديد من الأصناف الدوائية المغشوشة، كالمنشطات الجنسية المصنوعة محلياً، أو المهربة مثل الخلطات المجهولة، وغيرها، التي تباع مباشرةً للمستخدمين، من بعض الفئات العمرية، بدون أي وصفة طبية لازمة، وبصورة عشوائية بحتة.
تلك المنشطات يتم تركيبها في معامل محلية، لا ترتقي عملياً وفنياً إلى أن تكون مصانع للأدوية.
مخالفةً لأبسط المقاييس المطابقة لعملية الإنتاج السليمة، وتفتقر إلى أقل معايير تصنيف الجودة؛ نظراً لإضافة كمية زائدة من المادة الأساسية لتركيب المنشط، الأمر الذي يحولها الى خطرا قاتل على المستخدمين، خصوصاً مرضى القلب وكبار السن الذين يفرطون باستخدامها بصورةٍ سرية.
- خطر أكثر مبيعاً
رغم المخاطر الصحية، التي تسببها هذه المنشطات المغشوشة، تتزايد معدلات الطلب على شرائها في أوساط اليمنيين بشكلٍ لافت، وتحديداً الأشخاص الذين يعانون من، حالة الضعف الجنسي لأسباب نفسية وغيرها، رغبةً منهم في تعويض قدراتهم المفقودة، وتحسين وتيرة طاقتهم بشكلٍ مقبول.
يقول الصيدلاني وتاجر الأدوية في صنعاء "عبد الرقيب راوح"، لموقع بلقيس: "الإقبال يتزايد على شراء المنشطات الجنسية هنا، نبيع شهرياً بنظام الجملة مئات الكراتين، من مختلف الأصناف المتوفرة في السوق، جميع من يستخدمون هذه المنشطات لم يراجعوا طبيباً مختصاً لتشخيص مشاكلهم، وليس لديهم وصفة طبية، وإنما يستخدمونها بشكل عشوائي".
بانعدام الوعي وغياب وسائل التثقيف الصحي لم يستشعر مستهلكو المنشطات مستوى الخطر القاتل، الذي تسببه العشوائية المفرطة في تناول تلك الأقراص المغشوشة بكل أصنافها المتنوعة، بحيث يصبح المستخدمون عرضة للموت.
يقول الطبيب "عزيز منصور" -من الهيئة العليا للأدوية في صنعاء لموقع بلقيس: "الأصناف المنتجة محلياً من المنشطات الجنسية لا معايير جودة، ولا رقابة أثناء التصنيع، فيها نسبة كبيرة من مادة ميثا فيتامين المحفزة للأعصاب، تأثيرها خطير على جسم المستخدم، ولأنها رخيصة السعر لها سوق رائجة، والإقبال عليها متزايد، بصورة يومية".
- ضحايا الاستخدام
لا توجد أي عقوبات أو ضوابط تعمل على تنظيم عملية صناعة المنشطات الجنسية وآلية الاتجار بها، خصوصاً مع استمرار الفوضى على كافة الأصعدة، نتيجة أحداث الصراع التي تعيشها البلاد، منذ قرابة عقد من الزمن.
المواطن "أشرف عبد المغني" -قريب أحد ضحايا المنشطات الجنسية- يقول لموقع بلقيس: "توفي ابن خالي فجأة بسكتة قلبية، هو لم يكن مريضا أو يعاني من سابق، بعد أن خلصنا إجراءات الدفن، حاولت مع المقربين منه معرفة السبب الذي أدى إلى موته بشكل مفاجئ، سألت صاحب الصيدلية المجاورة لمنزله، أكد أنه اشترى حبتين زرقاء قبل وفاته بليلةٍ واحدة".
وتوقع أنه قد يكون "استخدمها دفعة واحدة تلك الليلة، مما أدى إلى وفاته، لكن هنا الأسرة تتحفظ بشدة، عن أي حديث حول أسباب موته؛ نظراً للاعتبارات الاجتماعية السائدة".
يقضي الكثير من مستخدمي المنشطات الجنسية المغشوشة في اليمن لحظاتهم الأخيرة كضحايا للعشوائية المفرطة، مع إحاطة أسرهم بالصمت عن سبب رحيلهم.
"خالد العميسي" -قريب لضحية آخر- قال لموقع بلقيس: "انصدمنا كلنا في الأسرة من موت شقيقي بجلطة وهو نائم، أخذناه للمستشفى، لكن الأطباء أكدوا لنا أنه فارق الحياة قبل ساعات من إسعافه، بسبب استخدامه الدائم للمنشطات".
بينما تباع المنشطات الجنسية دون موانع، أو وصفات طبية ضرورية للمستخدمين، يتزايد أعداد الضحايا بشكل مروِّع، وتحديداً الذين يعانون من أمراض ضغط الدم، ومشاكل القلب الصحية، إذ يصبحون الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات الدماغية القاتلة.ط، وفقاً للطبيب "مصطفى الصلوي" - خلال حديثه لموقع بلقيس.
- خلطات مجهولة المصدر
أنواع مختلفة من المنشطات العشبية دخلت البلاد عبر شبكات التهريب المنتشرة، يتم بيعها على أساس أنها آمنة، رغم مكونات تركيبها المزورة، ومصدرها المجهول.
الصيدلاني "عبد الرحمن الأغبري" -من مركز تحاليل الأدوية- يقول لموقع بلقيس: "بعد تحليل بعض منشطات الجنس العشبية، اتضح أنها تحتوي على مادة السيلدنافيل (فياجرا)، وهي خطيرة جداً على كبار السن ومرضى القلب؛ لأنهم يلجأون إلى تناولها بكميات غير مضبوطة، معتقدين أنها منتجات آمنة".
يؤدي الإفراط السري في استخدام المنشطات بجميع أصنافها إلى إحداث أضرار صحية كارثية، كالهبوط الحاد في الدورة الدموية، يترتب عليه الإصابة بأزمات قلبية مميتة.