تقارير

بدلًا من تهدئة الداخل.. هل زاد توحش الحوثيين بعد فقدان الدعم الإيراني؟

05/07/2025, 05:54:36

بعد أن فقدت مليشيا الحوثي جزءًا كبيرًا من الدعم الخارجي نتيجة الضربات التي تلقتها إيران، توقّع البعض أن تلجأ الجماعة إلى تهدئة الداخل وكسب الرضا الشعبي من خلال سياسات حكم أقل تشددًا.

غير أن الوقائع في الأيام الأخيرة جاءت عكس ذلك تمامًا؛ إذ ازدادت المليشيا توحشًا وقسوة في التعامل مع المواطنين.

في محافظة ريمة، شنّت المليشيا حملة عسكرية كبيرة ضد شيخ مسنّ يُعلّم القرآن في مسجدٍ قرب منزله، مستخدمةً عشرات المسلحين وآليات عسكرية ثقيلة، ما أدى إلى مقتله وإصابة من كان معه، واعتقال أقاربه.

وفي محافظة إب، اختطفت المليشيا نحو 33 مواطنًا، بينهم أطباء وأكاديميون ومحامون، وجرى نقلهم إلى مقرات الأمن السياسي، حيث خضعوا لتحقيقات مكثفة، ثم جرى تهديد أسرهم بعدم نشر أي معلومات عن الحادثة.

- حالات طبيعية

يقول الصحفي طالب الحسني: "لم أجد هذا الخبر في المصادر الرسمية، وإن وُجد فربما في وسائل التواصل الاجتماعي فقط، وحتى لو حصلت بعض الاعتقالات فهي حالات طبيعية أحيانًا، نتيجة محاولات إثارة الفوضى والاضطرابات، كما في محافظة إب مثلًا، أو غيرها من المناطق التي يُراد زعزعة الأمن فيها".

وأضاف: "اليمن لا يمر بحالة طبيعية، بل في مواجهة أطراف محلية مدعومة من التحالف، وهناك تحريض خارجي واضح، كما تتحدث الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي، رفع مستوى المراقبة الأمنية من قبل الجهات المختصة أمر طبيعي وضروري".

وبرّر ما جرى في ريمة: "الشيخ صالح حنتوس لم يُقتل لأنه كان يُعلّم القرآن أو لأنه إصلاحي، بل لأنه لم يتجاوب مع السلطات الأمنية، كان هناك تحشيد في منطقته، وشهادات من أبناء القرية تفيد بذلك، الأمن استدعاه لكنه واجه القوة الأمنية وقتل أحد عناصرها، وهذا ما استدعى التصعيد الأمني".

وأكد: "هو رجل مسن، نعم، لكن قام بأنشطة تستدعي التعامل الأمني، الفيديوهات التي تتحدث عن عشرات المركبات قد تكون مبالغات، نحن أمام دولة، وهناك نظام أمني وعمليات تُدار وفق معايير الدولة".

وتابع: "أعتقد أن محافظة إب أكثر وعيًا من غيرها، نسب التحريض مرتفعة، ولو كان كل ما يُقال صحيحًا، لحدثت ثورة فعلية في إب، لكن هذا غير موجود".

وأوضح: "في كل بلد تحدث حالات فردية، وهناك دائمًا ضبط أمني يتعامل مع تلك الحالات، فما بالك في حالة صراع كاليمن؟".

وأشار: "أبناء إب أكثر وعيًا من أن ينجرفوا وراء التحريض، ويتجاوزون البُعد الطائفي والمذهبي".

ولفت إلى أن هناك "مبررات مذهبية وطائفية تُستخدم لتحريض الناس، لكن اليمن بشكل عام تجاوز هذا الخطاب منذ سنوات".

وساق مثالًا: "الشيخ السلفي محمد المهدي يُعد من الشخصيات الفاعلة في نشر الوعي، وله مراكز ومدارس، وهو يُساهم في تثبيت الأمن وتجاوز الفتنة".

وأردف: "بعض الأطراف أرادت استغلال الكثافة السكانية في إب لإخراجها من حالتها الطبيعية، لكنها فشلت رغم محاولات التحريض والاضطراب والاختلالات".

ويرى أن فرضية هزيمة إيران "من الأساس خاطئة، الجمهورية الإسلامية انتصرت في الحرب، ولم تُهزم".

وتابع: "رغم الاستهدافات، فإن قدرات إيران النووية والصاروخية ما تزال قائمة، وهناك شكوك حتى داخل البنتاغون حول تأثير تلك الضربات".

ونفى قائلًا: "لو كانت الجماعة خائفة كما تقولون، لما ثبّتت قبضتها، ولما استمرت في مواجهة الضغوط الخارجية والداخلية".

وبيّن: "ما حدث في إيران من اختراقات لا يمكن أن يتكرر في اليمن، لأن الأجهزة الاستخباراتية هناك تعمل منذ عقود، بينما الوضع مختلف هنا".

وأشار: "حتى الذين لا يؤيدون الحوثيين لا يمكن استقطابهم بسهولة؛ لأن الشعب اليمني أكثر وعيًا مما يُروّج".

- جرائم ممنهجة

يقول سلمان المقرمي: "ما قاله طالب الحسني مكرر، وهو يبحث دائمًا عن تبريرات لجرائم الحوثيين، البيان الأمني للحوثيين لم يذكر وجود أي أمر قبض أو تهمة ضد الشيخ صالح حنتوس، لم تُصدر النيابة أي مذكرة، ولم يُوجّه إليه أي اتهام رسمي".

وأضاف: "ما حدث في ريمة، وفي إب، وفي غيرها، ليس حالة فردية بل سياسة ممنهجة تستهدف كل من تظن الجماعة أنه قد يشكل نواة مقاومة مستقبلية".

وأوضح: "هذه الحملات يقودها علي حسين الحوثي، وتأتي في سياق استعراض القوة لإرضاء الحرس الثوري الإيراني، ما يجري في الميدان يُشبه إلى حد كبير ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة".

وأكد: "المليشيا اختطفت العشرات من الأكاديميين والمعلمين والأطباء في إب؛ لأن هذه الفئة تمثل آخر معاقل الوعي والمقاومة، يريد الحوثي سحق كل ما تبقى من شخصية مستقلة أو وعي تربوي في المناطق التي يسيطر عليها".

وتابع: "المجتمع أصبح يشعر أن كل فرد فيه مهدد ومقصود بهذه الجرائم، ما حدث للشيخ حنتوس أيقظ في الناس روح المقاومة، ورأينا حتى بعض عناصر الحوثي يقررون المواجهة والموت على الخضوع".

واستطرد: "ما يميّز جرائم الحوثيين عن غيرها هو أنها ليست مجرد تجاوزات، بل جرائم سياسية منظمة تستهدف الهوية والمجتمع، وما تبريرها إلا محاولة بائسة لإخفاء حقيقة أن هذه جماعة ترى في كل مخالفٍ لها عدوًّا تجب تصفيته".

وأردف: "ما يُسميه الحسني تحريضًا، هو في الحقيقة مقاومة مشروعة ضد جماعة تفرض الصدام على الجميع".

وأشار: "نحن أمام جماعة تعيش حالة صدام دائم، وتحاول فرض وجودها بالقوة".

وزاد: "سابقًا كانت أسماء المختطفين لا تُعلن، لكن اليوم كل أسرة تعلن عن اختطاف أبنائها، لديّ قائمة بعشرات الأكاديميين والمثقفين الذين اختُطفوا".

وسرد قائلًا: "من بين المختطفين الدكتور محمد قائد عقلان، والدكتور أحمد ياسين، والدكتور طه الحفيظي، والأستاذ فيصل عبد الله، وغيرهم كثير".

وبيّن: "الناس لم تعد تخاف، وكل من يُخطف يتحوّل إلى رمز، كما حدث مع السنوار، الذي تحول من معتقل إلى بطل".

وقال: "لدينا سابقة في ثورتي 1948 و1962، وسيحدث الأمر مجددًا، الحوثيون يعيدون إنتاج الإمامة".

وأضاف مهاجمًا خطاب الحوثيين: "هذا خطاب دعائي لا يمنحهم أي أفضلية، المجرم يظل مجرمًا مهما ادّعى المقاومة".

وأوضح ساخرًا: "عبدالملك الحوثي كان يخطب عن فلسطين، بينما عناصره ينهبون منزل الشيخ صالح حنتوس، هذا ليس نضالًا، بل جريمة مزدوجة".

واعتبر أن "ما يقوم به الحوثيون لا يمكن تصنيفه نضالًا ولا مقاومة، هو نهب وخطف وقمع، والناس أصبحوا يرونه كما هو: سلطة مستبدة تُشبه الاحتلال".

تقارير

مقتل الشيخ حنتوس.. أجندة طائفية وجريمة حرب ضد الإنسانية

شنت ميليشيا الحوثي حملة عسكرية مكونة من عشرات الأطقم العسكرية، لمهاجمة منزل ومسجد الشيخ "صالح حنتوس" بقرية نائية من قرى محافظة ريمة، فقتلته بقصف منزله بالقذائف، ثم سلطت عليه حسابات تابعة لها على وسائل التواصل الاجتماعي لتبرير جريمة القتل.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.