تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

20/06/2025, 18:46:20

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

فبينما كانت خطط الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في عام 2019 تستهدف أكثر من 21 مليون شخص بميزانية تجاوزت 4 مليارات دولار، تقلّصت خطة العام الجاري إلى نصف ذلك تقريبًا، مستهدفة 10.5 ملايين شخص بتمويل مطلوب يبلغ 2.5 مليار دولار. غير أن المنظمة لم تتلق حتى منتصف العام سوى 10.7 ملايين دولار فقط، ما دفعها إلى إعداد خطة طارئة تركز على الأولويات القصوى.

وقال مكتب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن الخطة المعدّلة تسعى إلى جمع 1.4 مليار دولار للوصول إلى 8.8 ملايين شخص، بعد أن كانت الخطة الأصلية تستهدف 11.2 مليون شخص.

نصف السكان يعانون الجوع

وفي إحاطة لمجلس الأمن، حذرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، من أن أكثر من 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي ما يعادل نصف سكان البلاد. وأشارت إلى أن سوء التغذية الحاد يهدد 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة، بالإضافة إلى 1.3 مليون من الحوامل والمرضعات.

وأضافت أن غياب التمويل المستدام قد يدفع نحو 6 ملايين شخص آخرين إلى مستويات طارئة من الجوع، إذا لم يتم تدارك الوضع بشكل عاجل.

عام هو الأصعب

وفي بيان مشترك صادر عن 116 وكالة أممية ومنظمة إغاثية محلية ودولية في مايو الماضي، وُصف عام 2025 بأنه قد يكون “الأصعب على الإطلاق” بالنسبة لليمنيين، في ظل تفاقم الانهيار الاقتصادي والانقسام النقدي.

وقد فقد الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها أكثر من نصف قيمته خلال عامين ونصف، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء والوقود، وزيادة تكلفة سلة الغذاء بنسبة 33%.

أثر مباشر على قطاعات حيوية

وحذرت الأمم المتحدة من أن تخفيض التمويل يهدد بتفاقم الوضع الصحي والغذائي في اليمن. فبحسب تقاريرها، قد يُحرم 400 ألف مزارع من مصدر دخلهم الرئيسي، ويُجبر نحو 6.9 ملايين شخص على مواجهة انعدام الرعاية الصحية، بسبب توقف 771 مرفقًا صحيًا عن العمل.

وتُظهر التقارير بالفعل تزايد تأثير هذه الأزمة؛ إذ سُجل دخول أكثر من 88 ألف طفل دون سن الخامسة إلى المستشفيات خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025، نتيجة إصابتهم بسوء تغذية حاد.

التمويل يتقلص والاحتياجات تتزايد

يقول مدير مركز قرار للدراسات الإنسانية، سليم خالد، إن الأزمة في اليمن واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في العالم، مشيرًا إلى أن تراجع التمويل الدولي أجبر عددًا من المنظمات المحلية على إغلاق أبوابها، وهو ما قلّل من قدرة الاستجابة والوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا.

وأضاف  أن بعض الجمعيات والمنظمات التي لا تتبع للأمم المتحدة ليست أفضل حالًا، إذ تقلصت مشاريعها نتيجة تراجع الدعم من الجاليات اليمنية والجهات الخيرية العربية.

الأسباب والتداعيات

وفق بيانات الأمم المتحدة، كانت نسبة تمويل الخطط الإنسانية في اليمن عام 2019 قد بلغت 87%، لكن هذه النسبة انخفضت بشكل كبير خلال العامين الأخيرين. وعزت الأمم المتحدة ذلك إلى تقليص الدعم من مانحين رئيسيين، وعلى رأسهم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بالإضافة إلى الأزمات العالمية المتزايدة مثل الحرب في أوكرانيا، والأوضاع في جنوب السودان وغزة.

وكانت الولايات المتحدة قد قدمت أكثر من نصف التمويل الذي حصلت عليه خطة 2024، لكن قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بوقف المساعدات الخارجية أثّر سلبًا على استمرارية الدعم الإنساني في اليمن.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ذهبت 54% من المساعدات خلال الفترة بين 2021 و2024 لتوفير الغذاء، في حين خُصص نحو 10% للتغذية، و9% فقط للقطاع الصحي، فيما توزعت النسب المتبقية على التعليم والمأوى والمياه والصرف الصحي واللاجئين والمساعدات النقدية.

يونيسف توقف التحويلات النقدية

وفي تطور مقلق، أعلنت منظمة “يونيسف” وقف مشروع التحويلات النقدية الطارئة، الذي استفادت منه أكثر من 1.4 مليون أسرة يمنية منذ عام 2017 وحتى نهاية 2024. وقال كمال الوزيزة، مسؤول الإعلام بمكتب المنظمة في اليمن، إن مشروعًا جديدًا يتم الإعداد له حاليًا لدعم نحو 500 ألف أسرة من الأشد فقرًا، على أن يشمل جميع مديريات البلاد.

تقارير

مدرستان في وطن واحد.. الانقسام التعليمي يُعمّق جراح اليمن

في اليمن، لم تعد الحرب تكتفي بتقسيم الجغرافيا والسياسة؛ بل امتدت إلى تقسيم التقويم المدرسي، والمناهج الدراسية، وحتى نُظم الامتحانات، إذ أعلنت وزارتا التربية في صنعاء وعدن -الخاضعتان لسلطة الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا- عن بدء العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في تاريخين مختلفين، وفق تقويمين، ومناهج، ونُظم تربوية متباعدة، ما يُعمّق الانقسام الوطني ويهدد مصير جيل بأكمله.

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

تقارير

سبع سنوات من العجز.. هل تحولت "أونمها" إلى غطاء أممي للحوثيين؟

رغم فشلها الذريع في أداء مهامها طوال أكثر من سبع سنوات، صوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) حتى 28 يناير 2026، ما اعتبره مسؤولون يمنيون ومراقبون بمثابة "شرعنة أممية للعبث الحوثي"، وتكريس لوضع شاذ يخدم المليشيا على حساب المدنيين والدّولة اليمنية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.