تقارير

بعد قصف مطار صنعاء.. عالقون يمنيون في الأردن يواجهون المجهول

09/05/2025, 09:33:00
المصدر : قناة بلقيس - خاص

في ردهة أحد فنادق العاصمة الأردنية عمّان، يجلس محمد عبدالحكيم (56 عامًا) على حقيبته، وهو يحدّق في شاشة هاتفه بصمت ثقيل. لم يتناول شيئًا منذ مساء الأمس، فكل ما جرى ـ كما يقول ـ كان “أسرع من أن يُفهم”.

محمد، الذي يعاني من مرض في القلب، جاء إلى الأردن لإجراء فحوصات طبية مستعجلة على نفقته الخاصة، وكان من المقرر أن يعود إلى صنعاء الثلاثاء الماضي. يقول في حديثه: “كنت في الطابور، أجهّز جوازي، وجاءني اتصال أن مطار صنعاء خرج عن الخدمة، وأن طائرتنا دُمّرت.. شعرت وكأن قلبي طار، لا الطيارة”.

مصير مجهول

لا يملك محمد المزيد من المال، ولا يعرف إلى أين يذهب. لا يحمل إقامة أردنية، ولا يعرف أحدًا في مصر، والخيار الوحيد أمامه ـ البقاء ـ بات مهددًا بعد أن أبلغته إدارة الفندق بضرورة المغادرة .

ومثل محمد، يعيش أكثر من 70 مسافرًا يمنيًا، بينهم نساء وأطفال وطلاب ومرضى، في وضع مأساوي بعد إلغاء الرحلة الوحيدة التي كانت ستعيدهم إلى بلادهم، وتدمير الطائرات التي كانت على وشك إجلائهم، في حادثة أدخلت اليمن مرحلة جديدة من العزل التام.

فجر الثلاثاء الماضي، شنّت مقاتلات إسرائيلية غارات مركّزة على مطار صنعاء الدولي، أسفرت عن تدمير ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية كانت خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي ومحتجزة لديهم منذ عام.

جاءت الغارات ردًا على إطلاق صاروخ باليستي من اليمن سقط قرب مطار “بن غوريون” في تل أبيب، وهو الهجوم الذي تبنّته جماعة الحوثي في سياق ما قالت إنه “دعم للمقاومة الفلسطينية في غزة”.

ولم تصدر الحكومة اليمنية حتى الآن أي بيان رسمي بشأن مصير العالقين، كما لم يُعلن عن أي خطة طوارئ لإجلائهم، ما يزيد من ضبابية الموقف، ويؤكد واقع الشتات والخذلان الذي يعيشه اليمنيون في الداخل والخارج.

وليست هذه المرة الأولى التي يُستهدف فيها مطار صنعاء، لكنها المرة الأولى التي يخرج فيها عن الخدمة بشكل نهائي نتيجة تدمير فعلي للطائرات، وليس للمدرجات أو أنظمة الملاحة.

أهداف مشروع 

قال أحد العاملين في الخطوط الجوية اليمنية لموقع “بلقيس”: “لقد فقدنا ثلاث طائرات كانت ما تزال صالحة للطيران.. الآن لم يتبقَ لدينا سوى طائرتين خارج اليمن، واحدة في جيبوتي وأخرى في القاهرة”.

تابع “كأننا نعود إلى ما قبل 2015… المطارات أهداف مشروعة، والطائرات تُدمّر لا لشيء سوى لأنها يمنية”.

يضيف: “الحرب في اليمن، منذ بدايتها، كانت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، غير أن استهداف الطائرات المدنية اليوم ينذر بتوسّع الحرب لتشمل المدنيين بشكل مباشر، ويقطع عليهم حتى أوهام النجاة”.

ومع تدمير هذه الطائرات، تنخفض قدرة “اليمنية” على تأمين الرحلات بنسبة تزيد على 40%، ويُعاد ملف “حظر الطيران” إلى الواجهة، بعد سنوات من جهود أممية لفتح مطار صنعاء أمام الحالات الإنسانية والمرضى.

لم تكن الغارات الإسرائيلية مفاجئة بالنظر إلى تعهّد الحوثيين باستهداف العمق الإسرائيلي، لكن المفاجئ ـ بحسب مراقبين ـ هو غياب أي ترتيبات لحماية الطائرات المدنية أو لإجلاء المسافرين العالقين.

وتُعدّ هذه الحادثة دليلًا جديدًا على هشاشة المؤسسات اليمنية، وعجزها عن توفير الحد الأدنى من الخدمات أو الاستجابة لمواطنيها في الخارج، كما هو الحال في الداخل.

يقول ناصر الجلال، وهو طالب دراسات عليا في إحدى الجامعات الأردنية:“كنت ذاهبًا لقضاء العيد مع أمي في صنعاء بعد غياب ثلاث سنوات… الآن لا طائرة، ولا أمل، ولا حتى اتصال من السفارة”.

ويجدر الإشارة إلى أن إقامات الكثير من العالقين قاربت على الانتهاء، فيما لم تعلن الحكومة الأردنية بعد موقفًا رسميًا بشأن تمديد الإقامات أو السماح لهم بالبقاء مؤقتًا، لحين فتح ممر آمن للعودة.

الوضع يزداد تعقيدًا، فمع غياب مطار صنعاء، وانقطاع الرحلات إلى عدن بسبب تدهور الأمن، تصبح العودة إلى اليمن مغامرة محفوفة بالخطر، وتتطلب المرور عبر دول ثالثة، وتكاليف مضاعفة، وموافقات أمنية معقّدة.

وبينما تشتعل الجبهات السياسية والعسكرية، يظل المواطن اليمني في المنتصف: عالقًا بين سماء مغلقة وحدود موصدة، وجواز لا يطير بك إلا إلى بلدك.

يُجمِل المسنّ اليمني العالق في عمّان، راجح الأحمدي، المأساة بنبرة حزينة :“ما طلبناش علاج مجاني، ولا طيارة خاصة… بس نرجع بيتنا، نموت هناك، أحسن من نموت في صالة انتظار”.

تقارير

ما وراء إعلان "حلف قبائل حضرموت" تشكيل لواء عسكري جديد؟

تعيش محافظة حضرموت حالة حساسة من تعدد التشكيلات العسكرية ذات الولاءات المتنوعة، من قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيًا، إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة، مرورًا بالوحدات الأمنية المحلية وكتائب حماية المنشآت، وختاما بتشكيل لواء عسكري وإعلان قيادة له من قبل حلف قبائل حضرموت.

تقارير

توازن القوى في اليمن بعد الهدنة بين الولايات المتحدة والحوثيين

في السادس من مايو، أسفرت الهدنة بين الولايات المتحدة والمليشيا الحوثية المدعومة من طهران عن ترسيخ توازن القوى داخل الدولة اليمنية التي مزقتها الحرب، مما أدى إلى تثبيت الوضع الراهن في الصراع الأهلي المستمر. وفي المقابل، فإن نتائج الحرب التي تلت ذلك بين إسرائيل وإيران واستمرت 12 يومًا، قد تهز هذا الوضع مؤقتًا، لكن من غير المرجح أن يتمكن التحالف المناهض للحوثيين، الذي يعاني من الانقسام، من استغلال هذه الفرصة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.