تقارير
بين ضغوط الشارع وتشظي السلطة: اختبار صعب للإصلاحات الاقتصادية
بينما تتفاقم الأزمة الاقتصادية وتزداد ضغوط الشارع، يواصل مجلس القيادة الرئاسي عقد اجتماعاته في الرياض عقب إصدار قرار الإصلاحات الاقتصادية وضبط الإيرادات.
عقد رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي اجتماعًا برئيس الحكومة ومحافظ البنك المركزي لمناقشة التنفيذ الصارم للتوجيهات المتعلقة بتوريد كافة الإيرادات إلى الحسابات العامة للدولة، ومنع أي تدخلات مخالفة للقانون.
وشدد الاجتماع على ضرورة مضاعفة الجهود لتعبئة الموارد، والتنسيق المؤسسي الفوري بين البنك المركزي ووزارة المالية والسلطات المحلية، والعمل على استكمال الإصلاحات الإدارية في القطاع المالي والمصرفي.
- غياب الإرادة
يقول المحلل السياسي الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي صالح النود: "نحن نستغرب أن يأخذ الأمر عشر سنوات حتى يتم اتخاذ قرار بإيراد كل الإيرادات من كل المحافظات إلى البنك المركزي."
وأضاف: "الشعب يعيش هذه الحالة من المعاناة، والسبب واضح، وهو أنه لم تكن هناك إرادة حقيقية في إدارة البلاد وإدارة مواردها بالشكل الصحيح."
وتابع: "اليوم هذا القرار مهم بل وضروري، لكن الإشكالية تكمن في كيفية قدرة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على تنفيذ هذا القرار."
وأردف: "هناك جانبان؛ الجانب الأول يتعلق بالمنظومات التي ربما تشكلت وتأسست، وهناك محافظون يريدون إدارة الأمور بطريقة معينة، وهذا قد يشكّل تحديًا أمام القرار في هذا الجانب."
وتساءل: "هل سيتم التوافق من كل الأطراف المالية؟ والشيء الآخر: هل الجهاز الإداري للدولة يتحمل مثل هذه الخطوات؟ ومتى نتوقع أن يُترجم هذا القرار السياسي إلى خطوات عملية على الأرض يستطيع المواطن أن يشعر من خلالها بأنه قد حقق شيئًا من هذا القرار؟"
وزاد: "أعتقد أنه سيستغرق وقتًا طويلًا حتى يشعر المواطن بإيجابية هذا القرار، والتحدي الحالي هو كيف تستطيع القيادة، ممثلة بالحكومة، أن تفرض هذا القرار سياسيًا."
وقال: "أتمنى أن تكون هناك إعلانات مستمرة للمستجدات، والكشف عن الأطراف المستعدة للاستجابة، ومن هي الأطراف المعرقلة، حتى تكون هناك رقابة شعبية، ونضع الجميع أمام المسؤولية."
- فجوة كبيرة
يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح: "في الحقيقة، البلد من الناحيتين السياسية والاقتصادية والمالية يمرّ بوضع حرج للغاية، لدرجة أن المالية العامة للدولة الآن تعاني من عجز كبير، حتى أصبحت الحكومة عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية ودفع رواتب الموظفين."
وأضاف: "هذا كله نتيجة الفجوة الكبيرة بين تحصيل الإيرادات وبين النفقات أو الأعباء المالية على الحكومة. لذلك فإن هذه القرارات أو الجهود التي تبذلها الحكومة ضمن ما يسمى بالمصروفات والإصلاحات الأخيرة، تحاول من خلالها السيطرة على الإيرادات العامة المحلية من التشتت والنهب الذي طالها طوال السنوات الماضية."
وتابع: "أعتقد أن هذا الخيار اضطراري، وهو الخيار الوحيد أمام الحكومة من أجل أن تتمكن من الاستمرارية في الإنفاق على الخدمات، وكذلك دفع رواتب الموظفين."
وأردف: "رفض بعض الجهات السيادية توريد الإيرادات إلى البنك المركزي في المحافظات — كما حصل مع منفذ شحن بالمهرة — يمثل عقبة أمام مصفوفة الإجراءات الحكومية، كما يشكّل تحديًا كبيرًا، وهو أول اختبار عملي لهذه المصفوفة."
وزاد: "من حق الحكومة أن تفرض سيطرتها وسيادتها المالية على كافة الإيرادات العامة في الداخل، وأيضًا على التصديرات الخارجية."
وقال: "لكن بطبيعة الحال، لا يمكن أن نهمل العديد من العوامل والمتغيرات التي أدت إلى حدوث فجوة كبيرة بين المركز والسلطات المحلية في المحافظات."
وأضاف: "هناك تركة ثقيلة من انعدام الثقة بين المحافظات وسلطة المركز، نتيجة عقود من التهميش وغياب التوزيع العادل للثروة."