تقارير

تجارة الحوثيين للسلاح.. معنى أن يُحكم بلد بالموت أو التخلف

12/03/2021, 13:20:30
المصدر : كريم حسن

عند تمام العاشرة صباحاً، بينما كنت أتبادل التحيّة مع أحد مالكي محلات الأسلحة في سوق "شميلة"، جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، الذي أصبح أحد أهم الأسواق لتجارة السلاح التي ازدهرت بصورة مُقلقة مُذ سيطرت مليشيات الحوثي على الحكم، إثر عملية انقلابية.

وما إن بدأنا حديثنا، تقدم نحو باب المحل رجل خمسيني يُدعى "فضل مصلح".
بدت ملامح الخجل على وجهه، وهو يحاول إخراج سلاحه الشخصي (مُسدس)، من جوار إزاره. وهو المكان المخصص لارتدائه، حيث يضع اليمنيون أسلحتهم الشخصية بصورة عامة.
حاول الرجل عرض سلاحه على تاجر السلاح ذاك، ليبيعه منه، تحت ضغط الحاجة، وعوز الظروف.

كانت الشمس قد لفحت وجهه، وشفتاه جافة بفعل حرارة الشمس، وجور الزمن.
يقول مصلح لبلقيس: "ابسر كيف قد أنا ملبب، غاثي قوي، حين عاد ابيع حقي المسدس، عشان نشتري دقيق، وسكر ورز".
تفاوض فضل مصلح مع تاجر السلاح الأربعيني (إبراهيم العماد)، بشأن سعر ذاك "المسدس أبو نجمة كامل"، ليتفق الطرفان على القيمة التي بلغت 500000ريال، ما يعادل 860 دولار سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية.
تابع الحديث مع تاجر السلاح العماد، فور الانتهاء من عملية الشراء. قال العماد لبلقيس: "إن سعر كل قطعة سلاح، أياً كان نوعه، يعتمد على موديل القطعة ونظافتها، من حيث الاستخدام".

الثراء من سوق الفوضى

مُذ فرضت مليشيات الحوثي الانقلابية سيطرتها على السلطة في مناطق مختلفة من البلاد، حاولت خلق العديد من الوسائل التي تمكّنها من تحقيق عملية الثراء الفاحش، بأي صورة كانت على حساب المواطن وقٌوته الأساسي.

إذ اتبعت طريقة الجباية بصورة مُرعبة لتمويل مشروعها، بالإضافة إلى صناعة السوق السوداء، في مواد ضرورية للمواطن، وربحها كبير وخيالي مثل: "المشتقات النفطية، السلاح، القمح، المساعدات الإنسانية".
 خبير اقتصادي -فضل عدم الكشف عن اسمه نظراً لخطورة الوضع الأمني- يقول لبلقيس: "تخلّقت من الحركة شبكات كبيرة من الفاسدين، الذين حققوا ثراءً مالياً فاحشاً في غضون وقت قصير، ونشأت رؤوس أموال جديدة تابعة لكثير من رموز الحركة".

لم تشهد تجارة السلاح هذا الازدهار السلبي في صنعاء بهذه الصورة في أي من الفترات السابقة، إلا في زمن سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية على سدة الحكم في البلاد.
وينتمي غالبية الأشخاص، الذين يعملون في تجارة السلاح، لجماعة الحوثي الانقلابية، أو لأشخاص مقربين منهم، أو لرموز الحركة، ذاك ما أكده لبلقيس، كثير من المواطنين القريبة منازلهم من أسواق السلاح في مختلف مناطق العاصمة صنعاء.

المواطن خالد صبر، البالغ من العمر 50 عاما، أحد القلقين من أسواق السلاح المنتشرة في الأحياء والشوارع، إذ قال صبر لبلقيس: "محلات السلاح، المنتشرة في صنعاء، قنبلة موقوتة على المجتمع، كأن الحرب ما تكفي، زادوا أدوا لنا السلاح لعند رؤوسنا، نسأله اللطف بنا".

وكون تجار السلاح في صنعاء ينتمون لمليشيات الحوثي الانقلابية، ومقربين منهم بصورة أساسية، فمحلاتهم مفتوحة دون تصاريح من الجهات المختصة، ولا يخضعون لأي رقابة. حيث تعد تجارتهم شيئاً من تنمية الفوضى وانتشارها، وتغذية الفتن، بل وخلقها من عملية تزويد المجتمع بأنواع مختلفة من الأسلحة.
تاجر السلاح الخمسيني يحيى العذري يقول لبلقيس: "ما أحد بيحاكينا واحنا ندور نقصد الله، والأمور طيّبة قوي".
 وحقق بعض تجار السلاح أموالاً طائلة، وأُثُروا ثراءً فاحشاً، وفقاً للخبير الاقتصادي في معرض حديثه لبلقيس.

بلد الخسارات المتتالية

تختفي القبضة الأمنية لمليشيات الحوثي الانقلابية خلف هذا الانتشار المخيف لمحلات السلاح، التي تجني من تجارتها أموالاً ضخمة.

الخبير العسكري بشؤون التسليح سابقاً، العقيد "أ. ن. ح' ذي 58 عاما، يقول لبلقيس: "كل تجار السلاح منهم كانوا ينهبون ما يتبقى من أسلحة في مخازن المعسكرات بعد كل عملية قصف يقوم بها الطيران".

 وتتوالى الخسارات على اليمنيين بصورة مستمرة، حيث يسقط ضحايا كثيرون نتيجة توفر كميات كبيرة من قطع السلاح، إذ صار السلاح في متناول الغالبية.
 وعلت أصوات البنادق على أصوات المنطق والعقل. إذ يسقط اليمني ضحية نتيجة الفوضى التي خلقتها مليشيات الموت والخراب في ربوع الوطن.

وارتفعت أسعار الأسلحة مؤخراً، نتيجة صناعة مليشيات الحوثي الانقلابية 'سوقا سوداء للسلاح'.
 "تاجر سلاح" -فضّل عدم ذكر اسمه- ينفي علاقة المليشيات بالسوق السوداء للسلاح، كونه مقرّبا منهم، يقول لبلقيس: "ارتفاع أسعار السلاح هو بسبب أنه ما عاد أحد يقدر يستورد سلاح من الخارج، بسبب الحصار المفروض على اليمن، هذا اللي خليه يرتفع".
 ويصل سعر 'الكلاشينكوف' المعروف شعبياً بـ"الجفري" نحو 4 ملايين ريال، أي ما يعادل 6640 دولار سعر الصرف في مناطق سيطرة المليشيات الانقلابية.

تقارير

ما تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على الشرق الأوسط؟

بعد أكثر من 11 يوم على الحرب الإسرائيلية الإيرانية، بات واضحاً أن معادلة النصر والهزيمة معقدة كثيراً، وباتت إسرائيل لا تستطيع وحدها تحقيق الأهداف المعلنة من حربها على إيران، وأنه لا يمكن إنهاء البرنامج النووي الإيراني دون إسقاط النظام في طهران.

تقارير

الغاز يختفي من منازل اليمنيين.. ويشتعل في أسواق التهريب

رغم توقف صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي عن استلام الغاز المنزلي من شركة صافر في مأرب منذ أكثر من عام، لا تزال أزمة الغاز تطارد ملايين اليمنيين في مناطق الحكومة الشرعية، من عدن إلى تعز، وسط اختناقات حادة وأسعار متصاعدة، وغياب أي مؤشرات على انفراج قريب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.