تقارير

"تسعيرة المهور" .. امتهان للمرأة ومخالفة للقانون

27/11/2021, 08:29:19
المصدر : خاص

لا تتخيّل أمنيات عبدالرقيب أن يتم زواجها وفقاً لشروط وإملاءات مسبقة، حددتها جهة لم تنظر إلى متطلّبات الحياة بشكل واقعي، ولم تراعِ خصوصية ومكانة المرأة التي يجب أن تكون.

تقول أمنيات: "أُتابع قرارات جماعة الحوثي، التي تُصدر في مناطق سيطرتها، وثائق تحدد فيها تسعيرة لمهر المرأة، والتعليقات الساخرة من قِبل اليمنيين في الفيسبوك، وأشعر بغضب شديد".
تضيف في حديثها لـ"بلقيس": "أستغرب من تعامل جماعة الحوثي مع المرأة كسلعة في الزواج تحديداً، لها ثمن محدد سلفاً، ومن تفكيرها هذا، الذي يؤكد أنها ستظل تعود بنا إلى الوراء فقط".

وتصدر جماعة الحوثي، من وقت لآخر، وثيقة مجتمعية في بعض مناطق سيطرتها، تحدد فيها مهر العروس، وبحسب حالتها الاجتماعية.
فحددت الجماعة مهر الفتاة البكر بـ600 ألف ريال يمني (995 دولاراً)، أما الثيّب (من سبق لها الزواج) 300 ألف ريال، والثيّب التي لم تنجبْ 400 ألف ريال؛ علما بأن سعر صرف الدولار الواحد في صنعاء يساوي "603 ريالات"، وفي عدن "1527 ريالا" في تأريخ 23 نوفمبر الجاري.

ولم يستبعد مراقبون أن تهدف جماعة الحوثي من وراء ذلك إلى السيطرة على الشباب، وتجنيدهم، وخاصة أنها تقوم -من حين لآخر- بإقامة أعراس جماعية للمئات منهم.
وتؤكد أمنيات بأنها تُفضّل ألّا تتزوج، على أن يتم عقد قرانها وفق "تسعيرة محددة"، وكأنَّها سلعة، مشيرة إلى أنها كانت دوماً تشعر باحتقار كل من يأتي ويسأل والدها حين كان يُزوّج أخواتها: "بكم بعت بنتك؟".

- بعيدة عن الواقع

ومنذ اندلاع الحرب عام 2015 وانهيار اقتصاد البلاد، ارتفعت المهور بشكل كبير عاماً بعد آخر، حتى تجاوزت في كثير من المُدن مليوني ريال.
يشير عمار الشرجبي إلى أن غلاء المهور أصبح يعيق بعض الشباب عن الزواج، وخاصة مع ارتفاع أسعار الإيجارات وكل متطلبات الحياة الأخرى.

لكنّه يعترض وبشدة على تحديد جماعة الحوثي "تسعيرة للمهور"، والتقليل من شأن المرأة بتصنيفها حسب حالتها الاجتماعية، بحسب ما أفاد لـ"بلقيس".
وهو يرى أن من الضروري أن يتفهّم الشباب طبيعة الوضع الاقتصادي ويقدّر المرأة، وفي الوقت ذاته يجب أيضا أن يساعد أهل العروس من يتقدّم لابنتهم، ويكونوا عوناً له -إن توفّرت به الصفات التي تجعله مناسبا لابنتهم- حتى يتم تيسير الزواج.

يوافقه الرأي مهيوب عبده سلطان، وهو أب لخمس بنات، قام بتزويج أربع منهن، قائلاً: "تحديد المهر يتم بالتراضي بين أهل العروسين، ولا يكون بهذا الشكل الذي تريده جماعة الحوثي، التي أصبحت تتدخل بكل شؤون حياتنا".
واستطرد لـ"بلقيس": "نحن لا نبيع بناتنا كما يعتقد البعض، لكن نسعى أن نوفِّر لهن متطلباتهن الأساسية، حتى يبدأن حياتهن الزوجية بسعادة، وغير منقوصة حقوقهن، وظروف الحياة اليوم صعبة، بسبب غلاء الأسعار، الذي معه ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وقاعات الأفراح، وكل لوازم الأعراس، وهذا ما أدى إلى غلاء المهور، فأصبحنا جميعا نتحمّل أعباءً مالية أخرى لسداد بعض النفقات الضرورية، وإتمام الزواج".

ويستنكر سلطان وبشدة التفرقة في المهر، الذي وضعته جماعة الحوثي، مجددا تأكيده أن ذلك يكون بالتراضي، ويعتمد أساساً على مكانة المرأة نفسها، وقدرة العريس الماديّة.
وعند سؤالنا له عن إمكانية تطبيق القرار؟ ذكر أن خبر الوثيقة منتشر بشكل كبير بين المواطنين، لكنه لم يسمع بعد من المحيطين به عن تنفيذه لصعوبة ذلك، متوقعا أن يلجأ البعض إلى تدوين المبلغ في ورقة عقد الزواج فقط، خوفاً من جماعة الحوثي.

- مخالفة القانون

ومنذ انقلاب الحوثيين، صدرت كثير من القرارات التي تُجبر المليشيا السكان في مناطق سيطرتها على تنفيذها، وتم إجراء تعديلات على القانون بما يتناسب مع ما تريد.
وبخصوص إصدارهم "تسعيرة للمهور"، تقول الناشطة والمحامية هدى الصراري، الحاصلة على جائزة "مارتن إينالز" الحقوقية: "لا يحق للحوثيين بأي حال من الأحوال التلاعب أو التدخل السافر ومخالفة الدّين والقانون، وتطويع القضاء للتدخل في الحقوق والحريات الخاصة بالمرأة اليمنية".

وشددت في حديثها لـ"بلقيس" على ضرورة مجابهة هذا التدخّل، والدخول بمناظرة قانونية وتشريعية لمنع هذا القمع الممنهج لكل ما يخص المرأة، وزعزعة مكانتها وحقوقها المكتسبة في الدِّين الإسلامي والتشريعات الوضعية اليمنية.
وتعتقد الصراري أن تحديد مهر للزواج من امرأة، ليس فقط تقليلا من شأنها كامرأة، إنما تدخل سافر في حقها في تحديد مهر تراه مناسبا؛ نظرا لمكانتها، وتقييدا لحريتها في أساس فرض المهر المسمى كشرط للزواج فرضته الشريعة الإسلامية كحق أساسي لها قلّ أو كثُر، ونص عليه قانون الأحوال الشخصية كبند أساسي يُحدد في عقد الزواج في المادة "14".

وتنص المادة "14": "يجب على من يتولّى صيغة العقد، وعلى الزوج، وعلى ولي الزوجة أن يقيّدوا ورقة عقد الزواج لدى الجهة المختصة في الدفتر المعدُّ لذلك خلال أسبوع من تاريخ العقد، وإلا عوقب كل منهم طبقاً لما هو مقرر في القانون، وإذا قام أحد ممن تقدّم ذكرهم بقيد الورقة سقط الالتزام على الآخرين، ويجب أن تتضمن ورقة عقد الزواج المعلومات اللازمة مثل: سن الزوجين، وأرقام بطاقات الهوية، ومقدار المهر المعجل منه والمؤجل".
وأشارت الصراري إلى أن المادة '32" من القانون نفسه، نصّت على بطلان الزواج إذا ترتّبت عليه الآثار التالية: وجوب مهر المثل أو المهر المسمّى أيهما أقلّ.

وهذه النصوص -بحسب المحامية اليمنية- تؤكد أحقية المرأة للمهر كشرط أساسي لإتمام عقد الزواج، إضافة إلى أنه وردت أحاديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تؤكد حق المرأة للمهر وإرضاءها به، للقبول بالزواج، مشيرة إلى أن قانون الأحوال الشخصية اليمني رتّب كيفية إعطاء المهر وقدره في كل الأحوال في مادتيه (33 - 39).

وتنص المادة 33 الفقرة 2، على أن: المهر ملك للمرأة، تتصرف فيه كيفما شاءت، ولا يعتد بأي شرط مخالف.

وتحديد مهر المرأة من قِبل الحوثيين يعد -وفق الصراري- مخالفة صريحة للنصوص التشريعية في قانون الأحوال الشخصية وللشريعة الإسلامية، التي يستمد قانون الأحوال الشخصية منها نصوصه القانونية.

وتغيّرت كثيرا أدوار المرأة منذ انقلب الحوثيون على الدولة عام 2014، فأصبحت مضطرة لأن تُعيل أسرتها بعد أن فقدت زوجها في جبهات القتال، وتحمل البندقية كمجنّدة في صفوف الجماعة، وتحوّلت إلى مجرد سلعة تم تحديد سعرها مُسبقاً، في امتهان واضح لكرامتها، وخاصة مع حرمانها من التعليم.

تقارير

لماذا تُضخم واشنطن من قدرات الحوثيين؟

يواصل مسؤولون أمريكيون التهويل غير المسبوق لمليشيا الحوثيين وتسويقها بشكل مثير للسخرية، لم يقتصر على وصف المواجهات معها في البحر الأحمر بأنها "أعقد وأشد اشتباك بحري منذ الحرب العالمية الثانية"، بل وصل الأمر إلى الزعم بأن تلك التجربة "تُدرَس بعناية" ضمن تحضيرات الجيش الأمريكي لاحتمالات المواجهة مع الصين، في ربط غير منطقي بين مليشيا جبلية فوضوية والصين بوصفها القوة النووية والعسكرية والاقتصادية الصاعدة التي تشكل التحدي الأكبر للهيمنة الأمريكية في العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.