تقارير
تصعيد حوثي إيراني في البحر الأحمر والحديدة.. لماذا الآن وما الرسائل؟
يرى مراقبون أن تصاعد وتيرة الهجمات الحوثية، إلى جانب الغارات الإسرائيلية على الحديدة، مرتبط بالمعادلة الكلية للصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط. ويعتبر هؤلاء أن عودة الحوثيين لاستهداف سفن الشحن تحمل إشارة ترغب طهران في إرسالها قبل بدء المفاوضات مع واشنطن، مفادها أن خيار إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب قد يُطرح على طاولة التفاوض المرتقبة.
أما العملية الإسرائيلية المسماة «الراية السوداء»، فيرى البعض أنها تعكس دلالتين أساسيتين: الأولى ممارسة «الإرهاب» من خلال استهداف منشآت مدنية بشكل منفلت، والثانية أن إسرائيل ربما لا تملك معلومات دقيقة عن البنية القيادية والعسكرية لميليشيا الحوثي.
رسائل متعددة
يقول الكاتب الصحفي عبد الرقيب الهدياني إن هناك تصعيدًا حوثيًا جديدًا في وقت حساس، بعد اتفاق سابق أُبرم بين الحوثيين والأمريكيين. وأوضح أن هذا التصعيد النوعي والكثيف ربما يحمل عدة رسائل.
وأضاف: «الرسالة الأولى موجهة إلى الولايات المتحدة، إذ ترغب إيران في إيصال رسالة بأن خيار إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب وارد في سياق أي مفاوضات مقبلة».
وتابع: «هناك أيضًا رسائل يوجهها الحوثيون إلى حاضنتهم الشعبية وإلى عناصرهم، لإظهار أنهم لا يزالون بخير وقادرين على القيام بالكثير».
وأردف: «أما الرسالة الثانية فهي موجهة للحكومة الشرعية، للتأكيد على أنها يجب ألا تفكر في أي مغامرة عسكرية أو مواجهة، حتى في ظل الضربات التي تعرضت لها إيران. فالحوثيون يريدون القول إن قدراتهم ما تزال قائمة وهم قادرون على التصدي لأي تحرك».
وأوضح: «الرسالة الثالثة للإقليم، وتحديدًا السعودية، للتأكيد أن صواريخ الحوثي لا تزال موجودة، وأنها طالما وصلت إلى إسرائيل فهي قادرة على الوصول إلى أهداف أقرب».
وقال: «هذه هي استراتيجية الحوثيين من خلال هذه العمليات، ويمكن القول إن الاتفاق بين الحوثيين والأمريكيين قد انتهى، وإن الحوثي انقلب فعليًا على ذلك الاتفاق».
وأضاف: «ميليشيا الحوثي اليوم تدشن مرحلة جديدة من العمليات، في رسالة واضحة تؤكد دعمها لإيران وقدرتها على تحريك الساحة».
التبعية لإيران واضحة
من جانبه، يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني، إن هذا التصعيد يجب قراءته في سياق التحولات الراهنة، حيث تقترب صفقة في مفاوضات بين حماس ووفد إسرائيلي في قطر، بالتزامن مع اجتماع مرتقب في الولايات المتحدة بين ترامب ونتنياهو لبحث ملفات غزة وإيران.
وأضاف: «أعتقد أن إيران تصعد عبر أوراقها في الإقليم؛ فحزب الله يعلن جاهزيته للمواجهة، والحوثيون يصعدون في البحر الأحمر، والمشهد ذاته يتكرر في العراق».
وتابع: «إيران أعلنت استعدادها للتفاوض، لكنها لا تريد الذهاب إلى الطاولة وهي مستسلمة أو معزولة، بل تؤكد أن لديها أوراقًا وأدوات قادرة على إرباك الموقف».
وأوضح أن إيران «تغازل واشنطن بالتفاوض، وتستبق الاجتماع الأمريكي اليوم بالإعلان عن انفتاحها للاستثمارات الأجنبية، لكنها في الوقت نفسه تلوّح بأدواتها العسكرية في المنطقة».
وأشار إلى أن «هناك مجموعة من الأوراق والأحداث المتسارعة في المنطقة، وإيران تتحسس موقفها وسط هذه المستجدات. في المقابل، يتبرع الحوثيون بخدمة الأجندة الإيرانية، ويضعون اليمن ومستقبله في كفة إيران، غير مكترثين بما يلحق بالبنية التحتية أو بحياة المدنيين».
وختم بالقول: «كلما اشتد الضغط على إيران، ظهر موقف الحوثيين أكثر وضوحًا في ارتباطهم التام بطهران. وهذه المواقف تؤكد أن الأجندة موحدة، سواء عبر حزب الله في لبنان، أو الحشد الشعبي في العراق، أو الحوثيين في اليمن، جميعهم يقدمون خدمات لإيران لدعم موقفها التفاوضي وإرباك أي تحرك عدائي ضدها».