تقارير
تعز.. انفلات أمني وصراعات نفوذ
بين مشهد اقتحام مسلحين محلا تجاريا في مدينة تعز واختطاف صاحبه، واقتحام مؤسسات الدولة من قِبل جهات أمنية وعسكرية، حوادث لا يمكن أن تحصل إلا في تعز.
حالة الانفلات الأمني مشهد مألوف بات يسيطر على المدينة منذ سنوات، فيما تتقاسم السلطات في المحافظة الجبايات وتدير صراع النفوذ، لكنها تغيب أمام مسؤولياتها في تقديم الخدمات وحفظ الأمن، وإنهاء مظاهر الانفلات.
جرائم ترتكبها جماعات مسلحة لتفاقم مأساة المدينة، التي تعيش وضعا كارثيا نتيجة حصار المليشيا المطبق عليها، واستهدافها المتواصل بالقنص والقذائف والألغام، غير أن الفوضى التي تخلّفها الجهات الأمنية وسلطات المحافظة أشد وأظلم.
- تحامل الإعلام
وفي هذا السياق، يرى مدير التوجيه المعنوي في شرطة تعز، أسامة الشرعبي، أن "هناك تحاملا كبيرا من قِبل الإعلام على ما يحدث في تعز".
وأضاف الشرعبي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس" مساء أمس، أن "الإعلام يتجاوز الواقع، ويبالغ فيما يحدث في تعز من أحداث".
ويرى الشرعبي أنه "لا ينبغي نسف كل الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية في المحافظة في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار بمجرد حدوث حادثة عرضية أو جنائية".
وتحدث الشرعبي أن "هناك قصورا في الجانب الأمني له مبرراته، وهناك أيضا جرائم لها مبرراتها ودوافعها كذلك".
ويؤكد الشرعبي أن "انتشار السلاح وحالة الحرب التي تعيشها تعز أحد أسباب بعض القصور في الجانب الأمني"، مؤكدا أن "حمل السلاح في المدينة إشكالية كبيرة تواجهها الأجهزة الأمنية".
ويشكو الشرعبي من ضعف الإمكانيات لدى الأجهزة الأمنية، مشيرا إلى أن "الحملة الأمنية توقفت، خلال الشهر الماضي، بسبب غياب الدعم"، مستدركا حديثه أن "الأجهزة الأمنية رغم ذلك تقوم بأداء واجبها رغم ضعف الإمكانيات".
ويؤكد الشرعبي أن "الوضع في تعز في تحسّن مستمر، ومن يعيش في المدينة يلمس ذلك يوما بعد آخر"، مشيرا إلى توقف عمليات الاغتيالات، وإطلاق النار بشكل عشوائي، منذ ما يقارب السنتين.
ويوضح الشرعبي أن "عودة المواطنين إلى المدنية بشكل كبير، وانعدام الشقق بسبب الطلب عليها، دليل على تحسن الوضع الأمني في تعز".
- مشكلة أمنية
بدوره، يرى وكيل محافظة تعز، عارف جامل، أنه "يجب الاعتراف بأن هناك مشكلة أمنية موجودة في تعز وأغلب المحافظات، سواءً من ممارسات خاطئة أو اغتيالات".
ويرى جامل أن "هناك مشكلة أمنية حقيقية في تعز، نتيجة عدم قيام المعنيين بالأمر تجاه هذه القضية بمسؤولية، كما أن الوقوف تجاه المشكلة الأمنية بمسؤولية كاملة في تعز يمكن أن يحول تعز، خلال أشهر، إلى أفضل نموذج في المناطق المحررة".
ويوضح جامل أنه "يتم التعامل مع القضايا الأمنية في تعز من قِبل المعنيين بالأمن من خلال تبادل مذكرات وتسريبها للإعلام، وكل طرف يحمّل الآخر، وهذه هي المشكلة بحد ذاتها".
ويرى جامل أن "القضايا الأمنية المتواجدة في تعز، المتعلقة بجوانب القتل أو السطو، هي ظواهر لها أسبابها التي يأتي في مقدمتها تجول المطلوبين أمنيا دون رادع".
ويفيد جامل أن "اللجنة الأمنية لم تجتمع خلال الثلاث السنوات سوى بعدد أصابع اليد، كما أن هناك قضايا أمنية يتم ترحيلها دون الوقوف عليها من قِبل اللجنة الأمنية بمسؤولية".
وحول انعدام الخدمات في المحافظة، يوضح جامل أنه "بالرغم من حصار المدينة وحشد الحوثيين إلى أطرافها، إلا أنه لا توجد رؤية واضحة في تعز، كما أن هناك انحرافا حقيقيا عن الأهداف والأولويات التي تحتاجها تعز وفي مقدمتها الاهتمام بالجبهات، وتوفير الخدمات للمواطنين كذلك".
من جهته، يقول الصحفي أحمد شوقي أحمد: "إن المواطنين في تعز يحمّلون قيادة المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء، وكذلك المحافظ وقيادة الجيش والأمن في تعز بدرجة أساسية كل ما يحدث في المحافظة".
ويضيف شوقي أن "سبب تلاشي المظاهرات الشعبية ضد الفساد في تعز يعود إلى حالة اليأس التي وصل إليها المواطنون في ظل حالة الاستهتار الحكومي، سواءً من الرئيس هادي حينها أو من السلطة المحلية في المحافظة برئاسة المحافظ الذي تغيّب عن المحافظة لفترات طويلة".
ويوضح الصحفي شوقي أن "القيادات العسكرية والأمنية بتعز شريكة في ما حصل ويحصل من اختلالات أمنية، سواءً بكونها طرفا فيها أحيانا أو بالتقصير والتواطؤ كذلك".
وبشأن التساؤل عمّا إذا كانت المشاكل الأمنية في تعز نتيجة ضعف المؤسسة الأمنية أو وجود الصراع بداخلها، يرى شوقي أن "هناك صراعا بين أمراء نفوذ وأمراء حرب، كما أن القيادات العسكرية شركاء في الانفلات الأمني وفرض الجبايات وابتزاز المواطنين والتجار كذلك".
ويضيف شوقي أن "هناك تواطؤ وعدم جدية في ملاحقة الجناة، نتيجة لمصالح أو شبكة علاقات، كما أن هذه القيادات أصبحت تتاجر بهذه الاختلالات الأمنية ومعاناة المواطنين أيضا".
ويفيد شوقي أن "هناك عصابات مافيا في تعز مسنودة من قِبل بعض القيادات لتحقيق أغراض تتعلق بتنفيذ الأهداف الخاصة".