تقارير
تغييرات القضاء في الميزان.. استعادة الدولة أم تكريس سيطرة الانتقالي؟
تعيينات جديدة أصدرها مجلس القيادة الرئاسي بعد أن أجرى تعديلا حكوميا، الرابط بين هذه وتلك هو ما يراه البعض عملا ممنهجا لتكريس رجال المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا الساعين للانفصال على رأس الأجهزة الحكومية، وفي مفاصل إدارة السلطة الشرعية..
هذه التعيينات تأتي بعد أيام فقط من إعلان تمديد الهدنة مع مليشيا الحوثي، الأمر الذي لاقى الكثير من الانتقادات بسبب عدم إحراز أي تقدم خلال الهدنة السابقة، وتنفيذ شروط الحوثيين فقط.
فهل يعني هذا أن المجلس الرئاسي ليس له مهمة سوى تهيئة البلد لتسليمه للانتقالي في عدن ومليشيا الحوثيين في صنعاء؟
- لملمة الصف الجمهوري
في هذا السياق، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي عبدالوهاب العوج: "إن المجلس الرئاسي تم تشكيله من أجل توحيد القوى المنضوية في الشرعية، وعليه مهمّات كثيرة، من بينها توحيد الصف الجمهوري، ليتجه نحو تحرير البلد من المليشيات الحوثية الانقلابية".
وأضاف العوج لبرنامج فضاء حر، الذي بثته قناة بلقيس مساء أمس، أن "المجلس الرئاسي -حتى الآن- يمشي بخطوات متأنّية، خوفا من الوقوع فيما لا يحمد عقباه"، حسب رأيه.
وأشار العوج إلى أن تغليب مصلحة اليمن ولملمة وتوحيد الصف الجمهوري وتعيين أشخاص تكنوقراط سيقلل من التشاكس داخل المجلس الرئاسي، ومكوّناته العسكرية، ويتجه نحو توحيد الجبهة لمقاتلة مليشيا الحوثي.
وأوضح أن إثارة الخلاف داخل المجلس الرئاسي لا تخدم توحيد الصف الجمهوري وما تم الاتفاق عليه في الرياض.
ورأى أن زيارات رئيس المجلس رشاد العليمي الإقليمية كانت في الأساس تصب في مصلحة الخدمات الأساسية والاقتصادية للمواطن اليمني.
ولفت إلى ما يعانيه المواطن من عدم توريد كل الجهات إلى البنك المركزي، وتمنى من الحكومة أن تكون شفافة وتعمل لقاءات وتطرح على المواطن كمية النفط التي تصدر وأين تذهب عائداتها المالية، حتى يكون هناك قليل من الشفافية وتقليل المشاكسات داخل الصف الجمهوري.
وتابع: "نحن الآن بحاجة إلى معركة في الجانب الاقتصادي والأمني والعسكري وتوحيد كل الكتل العسكرية المنضوية تحت سلطة المجلس الرئاسي".
وبالنسبة للتعيينات، يقول العوج إنه اطلع على السّير الذاتية للقضاة المعيّنين فوجدهم قضاة محنّكين تدرّجوا مهنيا، حسب رأيه، مستبعدا أن تكون القرارات جاءت لتكريس سلطة المجلس الانتقالي.
وزاد "المجلس الرئاسي بحاجة إلى لملمة الصفوف، لأن المعركة لم تعد تحتمل التفرّق".
وحول مدى قانونية التعيينات، يذهب بالقول إلى أن "البلد يعيش حربا، وظروف الحرب تختلف عن ظروف السلم"، في إشارة إلى أنه لا يجب النظر إلى مشروعية وقانونية القرارات التي تمت.
وتمنّى على المجلس الرئاسي أن يكون متوازنا ويعمل طيفا من التعيينات تشمل كل المناطق وكل المكونات وإدخال المستقلين، والتعامل بشفافية.
- قراءتان: سياسية وقانونية
بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، فيصل الحذيفي: "لا نستطيع أن نقدّم حكما نهائيا وناجزا، لأن الوقت مازال مبكرا لإطلاق حكم بهذا الشكل"، حسب كلامه.
وأضاف "لكن نستطيع أن نؤكد على أن الهدنة تخص الإقليم، وذلك بإيقاف القصف المتبادل فيما بينهم، لكن على المستوى اليمني هي خارج إطار الفائدة، ولا جدوى منها".
وفيما يخص التعيينات الأخيرة، يرى الحذيفي أن لها قراءتين: سياسية وقانونية.
واستطرد بالحديث: "سياسيا، بإدراج عناصر الانتقالي في المشهد السياسي، وجره إلى دائرة الدولة والجمهورية اليمنية، وقانونيا لا ينبغي في أي حال من الأحوال محاصصة الوظيفة العامة"، مشيرا إلى أن ذلك غير ذي صبغة قانونية وشرعية.
وأشار الحذيفي إلى أن "مجلس القضاء الأعلى مازال تحت سيطرة مليشيا الحوثي، وبالتالي هذه المؤسسة لم يتم إنشاؤها في الإطار الشرعي"، حسب علمه.
ويرى الحذيفي أن "قرارات التعيينات -من هذه الزاوية- تعتبر قرارا تأسيسيا لمؤسسة غائبة ومنعدمة لا بد منه لإنشاء المؤسسة، وبعد ذلك تحاكم السلطة القادمة على ألا تتجاوز هذه المؤسسة التي أصبحت قائمة".
واستدرك "لو كان تم إنشاء مجلس القضاء -في إطار الشرعية -بعد هروب هادي إلى عدن، وتحرك مجلس القضاء الجنوبي خارج هذا الإطار وتمّت التعيينات فتعتبر خارج إطار القانون إلا بعد ترشيحات مجلس القضاء الأعلى".
وبيّن أنه "حتى لو تم النظر إلى هذه القرارات من جانب سياسي فإنه لا يمكن الركون لها"، مشيرا إلى القرارات التي تمت في السابق، ولم ينفذ منها شيء يذكر على الواقع.
وأكد أن القرارات التي تمت والتي تتم هي قرارات مغتصبة، مؤكدا أنه لا سيادة للبلد، وأصبحت تحت الوصاية الدولية برضا الشرعية ذاتها، من وجهة نظره.
وأوضح أنه لم يصدر قرار دولي يضع اليمن تحت البند السابع، وإنما ضد معرقلين بأسمائهم وصفاتهم.
وحول لماذا لم تظهر خلافات حول القرارات والتعيينات الأخير داخل المجلس الرئاسي، يقول الحذيفي: "ليس بالضرورة أن تظهر للعيان، لأن ظهورها معناه فشل الدول التي عيّنت هذا المجلس".
ولفت إلى أن "المجلس لا تنطبق عليه أي صفة مشروعية، وأن القرار مغتصب من دول الإقليم، ومحليا هش وضعيف".
وأوضح أن "على المجلس أن يثبت ولاءه للبلد، والحفاظ على المصالح، واستعادة سيادة البلد، وتحقيق مطالب اليمنيين فيما يطلبونه من الأشياء الأساسية وتحرير المناطق المحاصرة".
وزاد "الهدنة لم تكن لصالح اليمنيين، وإنما لصالح السعودية والحوثيين والإمارات"، مشيرا إلى أن "أي حل سياسي في ظل إبقاء الحوثيين بهذه القوة معناه تسليم الدولة للحوثيين ولإيران".
وتابع "لو كان للانتقالي كوادر -باعتباره يمنيا - أهلا وسهلا، ولا ينبغي أن يدفع لأن يقول أنا لست يمنيا أنا جنوب عربي".
واعتقد الحذيفي بأن القرارات الرئاسية يمكن أن تؤدي إلى لملمة الصف، وإعادة تطبيع الأوضاع، مستدركا "لا ينبغي أن يأخذ ذلك زمنا طويلا يبعث من جديد اليأس في نفوس الناس".