تقارير
توسع الحوثيين نحو الصومال.. العلاقة مع حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية
"توسع أنصار الله باتجاه الصومال.. المراكب الشراعية، والطائرات المسيّرة، والدولارات"، تحت هذا العنوان نشرت" مؤسسة كارنيغي" الأمريكية للأبحاث تحليلا قالت فيه إن جماعة الحوثيين، مثلها مثل إيران الداعمة الرئيسية لها، أقامت اتصالات مع حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، مما يدل على مدى تغلب البراغماتية فيما بينهما عندما تتطلب الأهداف الجيوسياسية ذلك الأمر، حيث تشترك جميع هذه الأطراف في عداء مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
واضاف التحليل أن جماعة أنصار الله، المعروفة باسم الحوثيين، وسَّعت تعاونها العابر الحدود مع الجهات الفاعلة غير الحكومية في الصومال، وتحديدا حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، المرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية، الذي ظهر في العراق وسوريا في عام 2014.
وأشار إلى أنه في حين تتباين هذه الجماعات في الأيديولوجيات والطموح والتركيز الإقليمي، إلا أنها متحدة في عدائها للولايات المتحدة وإسرائيل، وفي سعيها لشن حرب غير متكافئة، واعتمادها على الاقتصادات غير المشروعة.
ورأى التحليل أن هذا التعاون فيما بينها يهدف إلى تعزيز وتنويع سلاسل التوريد، وتأمين الوصول إلى أسلحة أكثر تطورا، وتحسين مكانة هذه الجماعات محليا، وزيادة حرية جماعة أنصار الله وداعمها الإقليمي الرئيسي (إيران) للتأثير على الأمن البحري في خليج عدن ومضيق باب المندب لصالحهم؛ بحيث قد زادت هذه الحالة من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة الأوسع نطاقا.
وتابع بالقول: "إن توسيع علاقات أنصار الله مع الجهات الفاعلة الصومالية غير الحكومية يتسق مع أهداف السياسة الخارجية الإيرانية في القرن الأفريقي".
ولفت إلى أن "إيران، التي وصف المتحدث باسم وزارة خارجيتها، ناصر كناني، إفريقيا بأنها قارة الفرص، كانت تراجع إستراتيجيتها في القرن الأفريقي في السنوات الأخيرة، واستعادت العلاقات الدبلوماسية مع السودان وجيبوتي والصومال في الفترة 2023-2024".
واستطرد بالقول: "إن وجود جماعة أنصار الله في الصومال هو أحد أعراض انخراط إيران في القرن الأفريقي".
وزاد: "وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يزداد تركيز أنصار الله على شبكات التهريب الإقليمية الآن بعد أن صنفت الولايات المتحدة الجماعة مرة أخرى كمنظمة إرهابية أجنبية في شهر فبراير 2025 وفرضت عقوبات على سبعة من قادتها المتورطين في التهريب وشراء الأسلحة".
ومضى التحليل قائلا: "إن الحرس الثوري الإيراني، وإدراكا منه للآثار الإستراتيجية التي أحدثتها أفعال أنصار الله على التجارة والأمن البحريين العالميين، ترسخ إيمانه بأهمية النفوذ في خليج عدن والمحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح".
وفي حين تهدف إيران إلى إبراز قوتها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، فإن هدفها هو أن تكون قادرة على إحداث تأثير على التطورات البحرية البعيدة عن شواطئها.
وأردف قائلا: " سيكون الاستقطاب والصراع والفقر والتشرذم والفساد بمثابة الظروف المواتية لمثل هذا الطموح على المدى المتوسط".
غير أنه استدرك بالقول: "لكن يبقى علينا أن نرى ما إذا كانت الأهداف الأيديولوجية المتناقضة للجماعات الجهادية السنية والشيعية ستؤدي في نهاية المطاف إلى فصل الإيرانيين وأنصار الله عن حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية، بالرغم من تشددهما المشترك المناهض للغرب".
كانت تجارة الأسلحة في البحر الأحمر عاملا رئيسيا في علاقات أنصار الله مع الصومال.
وبالرغم من حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة على اليمن، فقد زودت إيران أنصار الله بالأسلحة سرا.
وما بين سبتمبر 2015 ويناير 2023، اعترضت سفن حربية من الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا وأستراليا 16 سفينة، تحمل ما يقرب من 29,000 قطعة سلاح صغيرة وسلاح خفيف، و365 صاروخا موجها مضادا للدبابات، و2.38 مليون طلقة ذخيرة متجهة إلى أنصار الله.
وقد جرى نقل معظم هذه الشحنات على متن المراكب الشراعية المستخدمة في التجارة الساحلية وصيد الأسماك.
وفي عام 2020، خلصت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود إلى أن جزءا من الأسلحة التي قدمتها إيران لأنصار الله انتهى به المطاف في الوصول إلى الصومال.
وفي حين اتسمت تعاملات إيران مع دول القرن الأفريقي بالمد والجزر، فقد أعطى الحرس الثوري الإيراني الأولوية للمنطقة بعد عام 1989، ومن ثم كثف جهوده لاحقا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وفي عام 1989، دعمت إيران صعود الرئيس السوداني عمر البشير.
وفي عام 2006، نقلت الأسلحة إلى اتحاد المحاكم الإسلامية حتى تتمكن من محاربة الحكومة الصومالية.
وفي عام 2008 سعت إلى أن يكون لها وجود عسكري في إريتريا، مما سمح لها باستخدام جزر "دهلك" لإرسال أسلحة إلى أنصار الله.
وبهذه الطريقة حاولت طهران كسر عزلتها الدولية، وتوسيع شراكاتها الإقليمية، وإدخال آليات الإمداد لوكلائها، وتوسيع نطاق نفوذها الإستراتيجي.
وتطورت علاقة أنصار الله مع الجهات الفاعلة الصومالية غير الحكومية، وجميعها خاضعة للحظر المفروض على الأسلحة، على مدى العقد الماضي من خلال مهرِّبي الأسلحة، أو السماسرة. وأصبح هذا الأمر ذا أهمية متزايدة بدءا من عام 2016، عندما أدركت جماعة أنصار الله أنها تستطيع تعزيز موقفها من خلال امتلاك القدرة على العمل في المجال البحري اليمني، سواء من خلال مهاجمة السفن أو الانخراط في التهريب، وهو الدرس الذي استفادت منه خلال أزمة البحر الأحمر بشأن غزة التي بدأت في أكتوبر 2023.
وأعرب زعيم أنصار الله، عبد الملك الحوثي، مرة أخرى عن هذا الرأي في يناير 2025، عندما أشار إلى العمليات البحرية التي تقوم بها الحركة نيابة عن غزة، بينما دعم التطورات في "العديد من البلدان الأفريقية... ضد الهيمنة الأمريكية والأوروبية والإمبريالية والاحتلال الأمريكي (هناك)"؛ ويشير ذلك إلى اهتمامه بتوسيع أنشطة أنصار الله في أفريقيا.
وأبلغت الولايات المتحدة، في شهر يونيو 2024، عن التعاون بين حركة الشباب وأنصار الله.
وكشف تقرير للأمم المتحدة، في شهر فبراير 2025، أن ممثلي الجماعتين التقوا مرتين على الأقل، في يوليو وسبتمبر 2024، في الصومال، مما يؤكد تصميم أنصار الله بتقوية العلاقات بشأن أزمة البحر الأحمر.
وبموجب تلك الصفقة المزعومة، ستزوِّد جماعة أنصار الله حركة الشباب بالأسلحة والخبرة الفنية مقابل تكثيف هجمات القرصنة، وجمع أموال الفدية في خليج عدن، وقبالة الساحل الصومالي.
وبالنظر إلى تعاون حركة الشباب مع القراصنة الصوماليين، حيث يقال إن حركة الشباب تتلقى حصة 20 في المئة من الفدية، فإن الشراكة بين أنصار الله وحركة الشباب تضمنت -على الأرجح- استخدام القراصنة لمضاعفة الاضطرابات البحرية.
وتخشى الولايات المتحدة من أن إمكانية أن يعود إيصال أسلحة أنصار الله لهم بمصادر جديدة من التمويل، مع منح حركة الشباب إمكانية الوصول إلى أسلحة أكثر تطورا.
وأكد التحليل بالقول: "كما إن لإيران اتصالات طويلة الأمد مع حركة الشباب. ففي عام 2017، سمح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني للجماعة بالالتفاف على عقوبات الأمم المتحدة باستخدام الموانئ الإيرانية كنقاط إعادة الشحن، وذلك لإعادة تصدير الفحم النباتي، مما يُدرُّ لها إيرادات".
كما أفادت التقارير بأن إيران قامت بتسليح وتمويل حركة الشباب لاستهداف المصالح الأمريكية في القرن الأفريقي، حيث شمل ذلك كينيا.
وفي حين أن هناك حاجة إلى أدلة ملموسة على أن إيران لعبت دورا في تسهيل علاقات أنصار الله مع حركة الشباب، فإن مسؤولي المخابرات الأمريكية يحققون في مثل هذا الاحتمال.
ويصف غوليد أحمد، الباحث الصومالي في معهد الشرق الأوسط، ذلك على نحو أكثر إيجابية بالقول: "إيران هي بؤرة كل هذا".
علاوة على ذلك، يقال إن الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة، سيف العدل، تستضيفه طهران، ويرى أن التقارب بين المقاتلين السنة والشيعة ضروري للتركيز على محاربة الدول الغربية.
وأوضح التحليل أن علاقة أنصار الله مع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، بدورها، تطورت منذ عام 2021 على الأقل. إذ تمحورت العلاقة بينهما، في البداية، على نقل الأسلحة الصغيرة.
وبين عامي 2015 و 2022، قام عضوا تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، المصنفان من قبل الولايات المتحدة، عبد الرحمن محمد عمر وعيسى محمود يوسف، بتهريب أسلحة من اليمن، مما يشير إلى وجود علاقات سابقة مع أنصار الله.
وكان الدافع وراء ذلك هو الاحتياج المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، الذي يعمل في منطقة بونتلاند الصومالية، ورغبة أنصار الله في تعزيز إيراداتها، خاصة بعد التهدئة في الصراع اليمني، التي بدأت في أبريل 2022.
وعندما بدأت حرب غزة في أكتوبر 2023، سعت جماعة أنصار الله إلى زيادة الضغط، من أجل وقف إطلاق النار، من خلال اعتراض حركة المرور البحرية في خليج عدن والبحر الأحمر.
وبين شهري نوفمبر 2023 ومايو 2024، أفادت التقارير أن جماعة الحوثيين أرسلت ممثلين إلى شمال شرق الصومال لتنسيق جمع المعلومات الاستخباراتية وتحديد الموقع الجغرافي للسفن في خليج عدن، وملء النقاط الفارغة في تغطيتها الرادارية، مقابل تقديم طائرات مسيّرة انتحارية قصيرة المدى وتدريب تقني.
وصادرت قوات أمن بونتلاند الصومالية خمس طائرات مسيَّرة أرسلتها جماعة أنصار الله، في شهر أغسطس 2024. واعتقلت سبعة أشخاص يشتبه في صلتهم بتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وحركة الشباب.
وفي شهر يناير من هذا العام، تبنت داعش هجومين بطائرات مسيٍَرة ضد قوات أمن بونتلاند الصومالية.
وتأتي علاقة أنصار الله بتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، ووصول تنظيم الدولة هذا إلى شبكات تهريب الأسلحة، في أعقاب علاقات أقامتها جماعة أنصار الله مع حركة الشباب.
وحقيقة أنه، في عام 2015، شكل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، عبد القادر مؤمن، تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال مع منشقين عن حركة الشباب، التي يعارضها.
وأشار التحليل إلى أنه في حين أن جماعة أنصار الله هي جماعة شيعية زيدية جارودية، إلا أنها تصرفت بشكل نفعي في تعاملها مع الجماعات الجهادية السنية، كما يتضح من تعاونها مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية؛ إذ شملت هذه العلاقة عمليات نقل أسلحة إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومقايضة توفير ملاذات لأعضاء بعضهم البعض، وتبادل أسرى، مما يدل على أن علاقات جماعة الحوثي مع حركة الشباب الصومالية وتنظيم الدولة الإسلامية بالصومال ممكنة بالقدر نفسه.