تقارير

جبايات تحت التهديد.. كيف حول الحوثيون خزائن التجار في مناطقهم إلى ماكينات لتمويل حروبهم؟

20/05/2025, 07:03:51

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في اليمن، صعّدت مليشيا الحوثي مؤخراً من حملات الجباية والإتاوات المالية القسرية بحق التجار، وباعة الأرصفة، وسائقي شاحنات النقل التجاري، في صنعاء والحديدة وإب، وعدد من المناطق الأخرى، وسط اتهامات لها بتحويل المؤسسات الخاضعة لسيطرتها إلى أدوات تمويل للحرب والفساد.

وبحسب مصادر محلية، فقد شنت المليشيا الحوثية في الأيام الماضية حملات منظمة طالت عشرات المحال التجارية، وعربات الباعة المتجولين، ومكاتب النقل التجاري، بإشراف مباشر من قيادات عليا في ما يُعرف بـ”هيئة الزكاة” و”مكاتب التجارة والنقل” في صنعاء.

يقول أحد التجار بصنعاء – طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من الانتقام – إن مسلحي المليشيا اقتحموا متجره مطلع الأسبوع الجاري، وهددوه بالإغلاق والاعتقال ما لم يدفع مبلغاً وصفه بـ”غير القانوني” لدعم ما أسموه بـ”القوة الصاروخية” و”الطيران المسيّر”.

وبحسب التاجر، فقد أبلغه الحوثيون بالحرف الواحد قائلين: “إما أن تدفعوا، أو نغلق محلاتكم ونأخذكم إلى مكان لن تعودوا منه”.

وشملت الحملة الأخيرة، بحسب شهادات محلية، إغلاق نحو 13 متجراً ومصادرة أكثر من 25 عربة تابعة لبائعين متجولين في أحياء مختلفة من العاصمة.

الزكاة سلاح ابتزاز

في مدينة إب، أطلقت المليشيا حملة جباية مماثلة، لكن هذه المرة تحت غطاء “الزكاة”.

مصادر محلية أفادت بأن أكثر من 30 موظفاً وعاملاً في محلات تجارية بمنطقة المشنة تعرضوا للاختطاف على يد الحوثيين، بعد رفض أصحاب المتاجر دفع الإتاوات المفروضة.

وقالت مصادر حقوقية لموقع بلقيس: “الاختطافات تتم بطريقة مرعبة، حيث يقتحم مسلحون المحلات ويأخذون العاملين من أمام الزبائن في حال رفضهم دفع الأموال بحجة الزكاة، مع العلم أن الجميع بات يدرك بأنها مجرد ابتزاز تحت تهديد السلاح”.

وبحسب المصادر، فقد أطلقت المليشيا خلال الأسبوع الماضي حملة جديدة استهدفت بشكل مباشر كبار ملاك المحال التجارية في إب، مطالبة بمبالغ ضخمة تحت بنود مثل “الزكاة المتأخرة” و”دعم الجبهة”.

مبررات جديدة

أما في الحديدة، فالوضع لا يقل قسوة. يفرض الحوثيون، عبر ما يسمى “مكتب النقل”، إتاوات على سائقي شاحنات النقل التجاري تصل إلى 34 دولاراً (نحو 18 ألف ريال يمني) عن كل شاحنة، تحت اسم رسوم “تطوير تهامة”.

سائق شاحنة تحدث إلينا قائلاً: “نحن بالكاد نحصل على وقود، والأعمال شبه متوقفة بسبب الضربات على الميناء، ومع هذا يلاحقوننا بهذه الجبايات دون أي رحمة”.

وأشار بيان صادر عن “مكتب الإعلام الحكومي” في المحافظة، إلى أن تلك الرسوم يتم تحصيلها لصالح “الهيئة العامة لتطوير تهامة” التي تحوّلت – بحسب البيان – إلى واجهة لجمع الأموال وتحويلها إلى قادة المليشيا، وتمويل أنشطتهم العسكرية والطقوسية.

وأكدت مصادر محلية في الحديدة أن المليشيا مارست خلال السنوات الماضية عمليات فساد ممنهجة، شملت بيع أراضٍ حكومية مملوكة للهيئة، وتسجيلها بأسماء قيادات حوثية نافذة.

كما أفادت تقارير سابقة بقيام المليشيا بتحويل مقار حكومية كاملة إلى ملكيات خاصة، بعضها تم بيعه علناً، في حين تم تسريب البعض الآخر بصفقات سرية.

ووصف خبراء اقتصاد هذه الممارسات بأنها فوضى عبثية ستقوّض ما تبقى من اقتصاد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، خصوصاً بعد انهيار الثقة بين القطاع الخاص والمستهلكين، وارتفاع أسعار المواد الأساسية نتيجة هذه الحملات.

يقول المحلل الاقتصادي أحمد القباطي: “القطاع التجاري يتعرض حالياً لإبادة ممنهجة… والهدف ليس فقط المال، بل فرض الخضوع التام لسلطة الحوثيين وتجويف أي مساحات اقتصادية مستقلة”.

يتفق المراقبون على أن مليشيا الحوثي تواصل بناء ما يشبه “دولة موازية للجباية”، تستمد تمويلها من جيوب المواطنين، وأرزاق التجار، وعربات الباعة المتجولين، في حين تتقلص الخدمات الأساسية، ويتحول الفساد إلى سلوك عادي.

تقارير

الحوثيون يحولون طريق دمت - مريس إلى أداة جباية.. وتصاعد المخاوف من تكريس الانفصال الاقتصادي

بعد أيام قليلة من الإعلان عن فتح طريق دمت-مريس الحيوي الذي يربط بين عدن وصنعاء، أقدمت ميليشيا الحوثي على استحداث نقطة جمركية جديدة في منطقة دمت بمحافظة الضالع. هذه الخطوة أثارت استياءً واسعاً، واعتُبرت ضربة موجعة للمكاسب الإنسانية المفترضة من إعادة فتح هذا الشريان الحيوي، كما تسببت في موجة من المخاوف بشأن تداعياتها الاقتصادية والإنسانية على المواطنين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.