تقارير

جدل يتجدد في كل محطة.. ما أهداف ومآلات "طوفان الأقصى"؟

19/10/2024, 07:32:48

كيف أصبح الحق في المقاومة أمرا يجب إعادة النظر فيه على الرغم من أن كل الشرائع القانونية والدينية تكفله؛ باعتباره حقا غير قابل للنقاش.

ما أثارته عملية المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل -قبل عام- لا يزال محل جدل حتى اللحظة، بالنظر إلى النتيجة الكارثية التي لحقت بالفلسطينيين.

وهذا الجدل يتجدد مع كل محطة أو انعطاف في مسار الحرب على غزة، وآخرها مقتل قائد حركه حماس، يحيى السنوار.

- اختيار كارثي

يقول الكاتب حسين الوادعي: "أولا عند الحديث عن المقاومة يجب أن نحدد ماذا نعني بالمقاومة، وأنا لاحظت في حديث أغلب من يتحدثون عن المقاومة اليوم أن هناك حصرا لمفهوم المقاومة المسلحة".

وأضاف: "عندما نتحدث عن المقاومة فنحن نتحدث عن كل أشكال المقاومة بما فيها السلمية والمسلحة، والمقاومة التي يمكن أن يكون فيها خليط من الأسلوبين".

وتابع: "فإذا كنا نتحدث عن مفهوم المقاومة كمفهوم عام، فالمقاومة حق لكل الشعوب المغلوبة بغض النظر عن الزمان وعن المكان؛ هذا فيما يتعلق بالمقاومة في المفهوم العام، لا أحد يستطيع أن ينتزع حق أي شعب في المقاومة".

وزاد: "يجب أن نفكر في الأسلوب، ما هو الأسلوب المناسب للمقاومة؟ هل أسلوب المقاومة المسلحة ممكن؟ هل أسلوب المقاومة السلمية هو المتاح حاليا؟".

وبيّن: "عندما نخطئ في اختيار الأسلوب الصحيح للمقاومة فإننا لا نضحي فقط بالقضية، بل نضحي أيضا بالشعب الذي يقف خلف هذه القضية، وهو ما حصل فعليا في أحداث غزة خلال السنة الكاملة، منذ 7 أكتوبر 2023".

وأشار إلى أن "حق المقاومة لا أحد يجادل فيه، لكن يجب أن نفكر -إلى جانب الحق بمفهومه العام- في الأسلوب، وأيضا في من هو الذي يقوم بالمقاومة، ومسؤوليات من يحمل شعار المقاومة ورايتها".

وقال: "إلى جانب الحق في المقاومة، يجب اختيار الأسلوب الصحيح للمقاومة؛ بناء على الظرف السياسي، والظرف العسكري، والظرف الاجتماعي".

وأضاف: "اختيار الأسلوب الخاطئ للمقامة هو اختيار كارثي، كما حدث في غزة، وأنا أستغرب من الحديث أن ما يُدعى طوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، بينما الواقع يقول إن طوفان الأقصى كان كارثة على غزة، وعلى لبنان، وعلى المنطقة، وعلى القضية الفلسطينية".

وأوضح: "تجاهل الثمن الإنساني الغالي في غزة، الذي تم دفعه مجانا، أعتقد أنه تجاهل يضر بعدالة القضية، ويضر حتى بمفهوم المقاومة؛ لأن مفهوم المقاومة لا يمكن أن يكون مجردا عن المسؤولية".

وتابع: "عندما قامت حماس باختيار أسلوب المقاومة المسلحة، ماذا كانت حساباتها؟ هذا رقم واحد، رقم اثنين مسؤوليتها عن فعل المقاومة وعن حماية السكان، وعن مواجهة الرد الإسرائيلي، الذي كان متوقعا".

ويرى أن "حماس لم تقم بدورها المطلوب في حماية السكان، بل هربت، وهرب قادتها، واختبأوا في الأنفاق، حتى تم اصطيادهم واحدا واحدا، وتركوا الشعب الغزاوي وحيدا معزولا يعاني من القتل، ومن التشريد، من الجوع".

وأشار إلى أن "أسلوب المقاومة يجب أن يكون مدروسا بعناية، ويجب أن يكون مبنيا على حسابات القوّة، وعلى حسابات الجانب العسكري".

وأوضح: "عندما نتحدّث عن نموذج الجزائر، فرنسا احتلت الجزائر أكثر من 130 عاما، ومع هذا لم تنجح المقاومة المسلحة إلا في خمس سنوات؛ لأن الظرف السياسي والظرف العسكري والظرف الاجتماعي كان قد أصبح متاحا للمقاومة المسلحة، وكان المناخ الدولي كله داعما لحق الشعوب في تقرير مصيرها".

وتابع: "ولأن الدول العظمى -في ذلك الوقت- (الاتحاد السوفيتي وأمريكا) وقفت مع حق الجزائر في الاستقلال، وكل هذه الشروط ليست متوفرة في غزة، وليست متوفرة في الوضع الفلسطيني".

وحسب اعتقاده، "كان اختيار أسلوب المقاومة - في غزة- اختيارا كارثيا، واختيارا عشوائيا، ولم تتحمل حركة حماس مسؤوليتها عن خيار المقاومة الخاطئ الذي اتخذته".

وقال: "أنا درست نموذج جنوب إفريقيا دراسة معمقة جدا، وفي مذكراته؛ نيلسون مانديلا ناقش في أكثر من مئات صفحة متى يجب اللجوء إلى العنف المسلح، نيلسون مانديلا كان حذرا جدا، وكان عنده شروط معقّدة جدا لاختيار أسلوب العنف المسلح".

وأضاف: "أولا نيلسون مانديلا لم يتخلَّ تماما عن خيار المقاومة السلمية، بل ظلت المقاومة السلمية هي الأسلوب الرئيسي في النضال في جنوب أفريقيا".

وتابع: "مانديلا قال سنلجأ إلى الأسلوب المسلح بشروط؛ الأول أن تعجز الطرق السلمية عن تحقيق الهدف، الثاني أن لا يكون هناك ضحايا في المدنيين، الثالث أن لا يكون رد فعل السلطات العنصرية في جنوب أفريقيا عنيفا؛ بحيث أن قيمة العنف المسلح تكون أعلى من الهدف أو النتيجة التي سوف نحققها".

وأكد: "في كل عملياته لم يتم قتل أكثر من 40 أو 50 شخصا، وعندما قُتل مدنيون في واحدة من التفجيرات اعتذروا علنا، وتوقفوا عن خيار المقاومة المسلحة".

واعتقد أن "أسلو فشلت بسبب طرفين كانوا معارضين لفكرة حل الدولتين؛ الطرف الأول هو اليمين الإسرائيلي المتطرف بزعامة نتنياهو، والطرف الثاني هو حركة حماس والجماعات الإسلامية الجهادية التي ترى أن حل الدولتين مرفوض، وأنه يجب تحرير كامل التراب الفلسطيني".
 
ويرى: "كان هناك سلام، لكن السلام لم يحقق شيئا للفلسطينيين، وإن كان حافظ على سيادة شكلية وسلطة شكلية، وحافظ على حياة الإنسان الفلسطيني بالحد الأدنى؛ هذا خيار السلام".

وقال: "جاء بعد خيار السلام خيار المقاومة المسلحة المقاومة المسلحة دمّر غزة، أهدر حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، قضى تقريبا على حل الدولتين".

وأوضح: "إذا كان هناك عيوب لخيار السلام فإن عيوب وكوارث خيار المقاومة المسلحة كانت أعظم بكثير".

- أعاد القضية إلى نصابها

يقول الباحث والكاتب نبيل البكيري: "المقاومة هذه مسلَّمة من مسلَّمات البشرية، ومسلَّمات الأعراف والقوانين الدولية، وحق مشروع لكل مظلوم في في هذا الوجود، وبالتالي المقاومة لا يمكن الجدل حولها أو تحديد ماهيتها وكيفيتها؛ لأن لكل أمة مقاومتها الخاصة، ولكل شعب يختار ما يناسب ثقافته، ويناسب قضيته، وما يناسب عدوه".

وأضاف: "في الأساس، فيما يتعلق بالمقاومة أن كل عدو وكل مستعمر يصنع المقاومة، أو يخلق المقاومة التي تتناسب مع طبيعته وثقافته وماهيته؛ وبالتالي إذا كان ثمة استعمار مدني -إذا صح التعبير- ممكن أن تتخلق مقاومة مدنية سلمية؛ في المطالبة بحقوقها".

وتابع: "لكن حينما يكون الاستعمار همجيا، وعنيفا وبشعا -كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية- لا شك أن المقاومة ستتخذ طابعا عنيفا مسلحا".

وأوضح: "لولا طوفان الأقصى  ولولا هذه المقاومة، ولولا ذلك الفعل البطولي والأسطوري لما أعيدت القضية الفلسطينية إلى نصابها مرة أخرى؛ لأن المجتمع الدولي والقوى الاستعمارية والقوى الدولية كانوا على وشك الذهاب إلى إهالة التراب على القضية الفلسطينية".

ولفت إلى أن "القضية الفلسطينية عادة إلى مربع الصفر، ومربع البداية فيما يتعلق بكيفية انتزاع الحق الفلسطيني المغتصب عن طريق القوة؛ القوة وحدها، والمقاومة المسلحة وحدها، التي اختارها ومارسها الشعب الفلسطيني اليوم للدفاع عن حقه وكرامته".

وبيّن: "لا شك أن الذهاب إلى المقاومة المسلحة -كما حدث في 7 أكتوبر- لم يكن خيارا ترفيا بالنسبة للمقاومة الفلسطينية".

واستطرد: "لا يجب أن نغفل تاريخ القضية الفلسطينية، وتاريخ حركات التحرير (حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية)، والشوط الكبير الذي قطعته هذه المنظمة في بداية التأسيس حتى وصلت إلى مرحلة المقاومة المسلحة، والعمليات البطولية على امتداد ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي".

وأكد: "كلها دفعت بالمستعمر وبالاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، ودفعت بالقوى الغربية للضغط على الإسرائيليين للذهاب إلى اتفاقيات سلام مع الجانب الفلسطيني".

ويرى: "لولا تلك العمليات المسلحة، وذلك النضال، وتلك العمليات الفدائية البطولية ما تنازلت إسرائيل، وذهبت إلى اتفاقيات مدريد في 92م، وبعد ذلك إلى أوسلو، والوصول إلى اتفاق أوسلو".

وتابع: "وحينما وصلوا إلى اتفاق أسلو عادوا مرة أخرى إلى ممارسة نفس الغطرسة ونفس النفَس العنصري الاحتلالي الذي تمثل في التخلي عن كل ما تم الاتفاق حوله فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية وحقوقها المشروعة وإدارتها".

وأوضح: "ذهاب جزء كبير من الفصائل الفلسطينية إلى المقاومة المسلحة جاء بعد انسداد أفق الذهاب إلى اتفاق سياسي يضمن حق الشعب الفلسطيني بالحدود الأدنى والدنيا التي تم الاتفاق عليها في أسلو، وفي كثير من المحطات الفلسطينية".

تقارير

لماذا يستمر الحوثيون في شن حربهم الاقتصادية ضد اليمنيين؟

تتفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، في ظل استمرار الانقلاب، حيث تنهب مليشيا الحوثي كافة مقدرات البلاد في مناطق سيطرتها، دون أن تعكسها على شكل خدمات، بل إنها تفرض الجبايات غير القانونية، الأمر الذي يفاقم من الأزمة الاقتصادية والإنسانية.

تقارير

مؤتمر "العهد الديمقراطي" في سراييفو.. هل يحقق العدالة في العالم العربي؟

في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية، التي تعصف بالعالم العربي، انعقد مؤتمر "العهد الديمقراطي العربي: خارطة طريق للديمقراطية العربية" في "سرايفو"، بحضور نخبة من المفكرين والسياسيين والناشطين العرب، المدافعين عن الديمقراطية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.