تقارير
حلقة جديدة من "الشاهد".. حرب الجبهة والصراع في المناطق الوسطى
يكشف برنامج "الشاهد"، في حلقته الثالثة من موسمه الرابع (مع علي الصراري)، تفاصيل الحروب والصراعات، التي شهدتها المناطق الوسطى، خلال حقبة السبعينات، وكان أبرزها حرب الجبهة أو ما يُعرف بحروب "المناطق الوسطى" بين النظام الحاكم في الجمهورية العربية اليمنية وقتها وفصائل المتمردين اليساريين من الحزب الثوري، وجناحه العسكري (ما يسمى بالجيش الثوري)، ومنظمة المقاومين الثوريين المدعومين من نظام جمهورية "اليمن الديمقراطية الشعبية" في جنوب البلاد.
ظلت المعارك مستمرة خلال فترة حكم الرئيس عبد الرحمن الإرياني، واتسعت رقعتها خلال الفترة من 1971 وحتى 1973.
وبتولي القاضي عبدالله الحجري رئاسة الحكومة في صنعاء، امتدت جغرافيا المعارك إلى أجزاء متفرِّقة من محافظة إب وريمة والبيضاء. تراجعت المواجهات خلال فترة حكم الرئيس الحمدي، لكنها عادت بقوة أواخر السبعينات، وأوائل الثمانينات.
ومع اصطفاف الحركة الإسلامية والقبائل مع قوات الجيش؛ لمساندة الحكومة، والدفاع عن النظام، تمكنت حكومة صنعاء من التغلّب على فصائل اليسار، قبل التوصل إلى اتفاق سلام، وإنهاء الحرب.
- سياسة الإقناع بالانخراط للجبهة
يقول عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، علي الصراري، لـ برنامج "الشاهد" في حلقته الثالثة، إن "النشاط الجبهوي قام على تراث من النضال السياسي السبتمبري، وكانت الشعارات الرئيسية للجبهة الوطنية تتحدث عن 26 سبتمبر، وما تعرَّضت له من تنكر، وإفراغ من المضمون، ومن ادعاء باطل بأنها لا تزال قائمة، في الوقت الذي كان الكل يشهد بأنها لم تعد سوى شعار لا أكثر".
وأضاف: "أستطيع أن أقول إن التراث السبتمبري، الذي كان قائما ومؤثرا على الناس، كان هو الأساس الذي استندت عليه الجبهة الوطنية الديمقراطية في نشاطها".
وتابع: "الجبهة الوطنية الديمقراطية لم تعتمد في الأساس على المنتمين للحزب، هي اعتمدت بدرجة رئيسية على شخصيات وطنية مستقلة، وهذه الشخصيات الوطنية المستقلة كانت فعلا ترى أن البلد خرج عن سياقه الجمهوري، وسياقه السبتمبري، وصار مخترقا إلى حد كبير".
وأردف: "هذه الشخصيات كانت ترى حزب الوحدة الشعبية، الذي هو فرع الحزب الاشتراكي في الشمال، أنه مجموعة من المناضلين الذين قاموا بأدوار مهمة في إطار الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، ووجودهم في إطار الجبهة أمر مرحب به، ومقبول بشكل كبير".
وزاد: "هذا يعني أن الجبهة لم تكن محزَّبة، إلى حدٍ كبير، وإن كانت تُقاد من الحزب، وكان الحزب الاشتراكي ليس فقط القوة القائدة، لكن القوة التي تؤمِّن للجبهة إمكانياتها، وتؤمِّن لها قدرتها على أن تكون جهازا سياسيا فعالا في الساحة، وعلى المستوى الخارجي".
- هل كانت الجبهة عملا تخريبيا؟
يقول علي الصراري: "الحديث عن التخريب، كان هذا هو الدعاية الرئيسية التي يمارسها النظام وأعوانه ضد الجبهة الوطنية الديمقراطية، والواقع لم يكن كذلك".
وأضاف: "الجبهة الوطنية لم تقم بأي أعمال ذات طابع تخريبي، سواء فيما يتعلق بتسميم الآبار أو غيره كما يُقال، وأريد أن أقول إن الآلاف من أبناء البلد الفقراء وجدوا فرصتهم في التعليم بفضل الجبهة الوطنية الديمقراطية، التي كانت تأخذهم وتؤمِّن لهم التعليم، سواء في اليمن الديمقراطية، أو تؤمِّن لهم السفر إلى الخارج والدراسة فيه، وكثير منهم تخرجوا أطباء ومهندسين وطيارين وإلى آخره، وهم من أبناء الفقراء الذين لم يكونوا يجدوا فرصة لكي يتعلموا، لم يجدوا فرصة لأن يعيشوا".
وتابع: "الجبهة الوطنية -في تقديري- لم تكن مجرد عمل سياسي، بل كانت عمل اجتماعي يقوم على الانحياز للفقراء، ودعمهم، وتمكينهم من أجل أن يحظوا بفرص، سواء في التعليم، أو في الصحة، أو غيره".
وأردف: "في الجبهة الوطنية الديمقراطية، كثير من أبناء القبائل، في المناطق التي كانت تقريبا معزولة ولا يلتفت إليها أحد، وفّرت لهم فرصا أن يتعلموا، وأن يتخرجوا من الكليات العسكرية، والكليات المدنية، وأن يتحولوا ليس كقبائل تحمل السلاح، ولكن ككوادر وطنية تخدم البلد بمؤهلات علمية".
- إدارة الجبهة
يقول الصراري: "أثناء الجبهة، صار هناك الجناح العسكري الذي يقود الكفاح المسلح، أو المجابهة المسلحة، وكان يطلق عليه قوات الشعب الثورية المسلحة، وهي قيادة من الضباط الكبار، الذين كانوا موجودين في ثورة 26 سبتمبر، وفي مراحل الدفاع اللاحقة عن الثورة، وتشردوا بعد ذلك".
وأضاف: "هؤلاء القيادات كانوا هم قيادة ما يسمى بقوات الشعب الثورية المسلحة، طبعا النظام في الجنوب كان يؤمِّن لهذه القيادة، وللقوات التي معها، كثيرا من مستلزماتها، وكانت تحظى بدعم من ليبيا وسوريا".
وتابع: "الجبهة الوطنية الديمقراطية كانت عبارة عن شكل سياسي جماهيري، لكن كانت هناك قوة هي المعنية بخوض الكفاح المسلح، اسمها قوات الشعب الثورية المسلحة".
وأردف: "الجبهة انتقلت إلى مناطق شمال الشمال، وتوسعت بشكل كبير، وصار تواجدها كاسحا في مأرب والجوف وصعدة وحجة وصنعاء، في بعض المناطق كان التواجد فيها علنيا، لم يكن أعضاء الجبهة يخفون أنفسهم، وكانوا متواجدين بشكل علني، وبعض هذه المناطق كان مشايخها ينتمون للجبهة الوطنية".
وزاد: "ربما الصراع المسلح احتدم في المناطق الوسطى، في شرعب وفي ريمة، احتدم إلى حد كبير، لكن التواجد العسكري والسياسي كان في معظم الشمال".
وقال: "في حقيقة الأمر؛ كان هناك صراع سياسي بين مشروعين، مشروع كان قائما في الجنوب، ومشروع موجود في الشمال، فيما الجبهة الوطنية كانت هي جزءا من المشروع الأول، ليس بشكل فج، ولكن كانت على أساس أبعاد وطنية، يستوعبها النظام في الجنوب ويتقبلها، وبالمقابل كان هناك تيار آخر موجود في الشمال، كان يحشد قوى، وبالذات في أوساط المشايخ والإخوان المسلمين، وهؤلاء شكلوا جبهة واسعة، ما سمي حينها بالجبهة الإسلامية".
- اغتيال مشايخ بيحان
وأضاف: "ما حصل في بيحان من اغتيال للمشايخ شيء مختلف، وكان قبل الجبهة الوطنية، في 1972، وكان مجموعة من المشايخ الذين كانوا يريدون أن يذهبوا إلى العراق، وحينها نظام القاضي الإرياني كان موافقا على أن يتعرضوا لتلك المذبحة، ولهذا طلع سالمين وفضح، وقال: ما حدث كنا متفقين فيه مع القاضي الإرياني، ومع القوات المسلحة الشمالية".
وتابع: "المشايخ كانوا معارضين لنظام القاضي الإرياني، وليس للجنوب، والجنوب من منطلق أن هؤلاء أعداء ثورة 26 سبتمبر، لهذا جاءت فرصة للقضاء عليهم، لكنهم في الأساس هم كانوا معارضين للقاضي الإرياني، وكانوا
يريدون فقط أن يمروا من خلال الجنوب إلى العراق، وحينها العراق كان يتبنى هذا التوجّه".
وأردف: "القاضي الإرياني كان موافقا، والقوات المسلحة كانت موافقة، لذلك حصلت مناوشات محدودة بعدها؛ لأنه حصلت ردة فعل لدى المشايخ، الشيخ عبد الله والتيار الذي كان مواليا للإخوان المسلمين وللسعودية، الذي أراد أن يحول ما حصل للمشايخ إلى وسيلة لمهاجمة الجنوب؛ لأنه حينها كان الهدف هو الجنوب".