تقارير
"دعم جماعات طائفية".. الحوثيون يحرِمون فقراء اليمن من أموال الزكاة
لم تتوقف مليشيا الحوثي، منذ انقلابها، عن ارتكاب جرائم الفساد والنهب، بل سعت إلى تكريس معاناة اليمنيين، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يعيش الملايين واقعا مأساويا ممزوجا بالفقر والمجاعة، وسط حرمان متعمد من أبسط المساعدات، بما في ذلك أموال الزكاة التي يُفترض أن تُوجّه إلى المحتاجين.
رغم حجم الجبايات الضخمة التي تجنيها "هيئة الزكاة" الحوثية - المنشأة خارج الإطار القانوني - إلا أن هذه الأموال لا تصل إلى المستحقين، بل تُسخّر لخدمة أجندات الجماعة داخلياً، أو تُحوّل تحت غطاء "المساعدات الإنسانية" لدعم جماعات طائفية خارجية، أبرزها حزب الله في لبنان، وبعض الموالين في دول القرن الإفريقي.
- إهدار ممنهج للموارد
في سياق عملية منظمة لنهب المال العام، وسّعت الجماعة شبكتها المالية التي باتت تعتمد على تصنيفات سلالية ومذهبية، ضمن مشروعها الطائفي.
مطلع الشهر الجاري، صرّح شمسان أبو نشطان، الذي يتولى منصب رئيس الهيئة الحوثية للزكاة (غير القانونية)، أن "الهيئة أوصلت خيرها إلى إخواننا في لبنان والجاليات الإفريقية"، مشيراً إلى أن قيمة تلك المساعدات بلغت 3 مليارات ريال يمني (حوالي 6 ملايين دولار وفق سعر الصرف في مناطق الحوثي).
تحولت الهيئة إلى ذراع مالية للجماعة، تُمارس الجباية باسم الزكاة دون أي رقابة قانونية أو محاسبة من جهات مستقلة.
يقول إياد الصلوي، ناشط سابق في مجال الإغاثة الإنسانية، لموقع "بلقيس": "تصرف أموال هيئة الزكاة في غير محلها، تُستخدم لدعم أنشطة الجماعة أو إرسال الأموال لحزب الله، بينما يعاني اليمنيون من الجوع والفقر. الشوارع مليئة بالمتسولين، والمجاعة تهدد حياة الملايين".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي محمد الصراري: "تصل إيرادات الزكاة سنوياً إلى أكثر من 600 مليار ريال، لكن يتم إنفاقها في إطار فساد ممنهج، دون رقابة أو شفافية مالية".
وأضاف: "داخل الهيئة نشأت شبكات فساد واسعة تستغل موارد الشعب لتمويل المشروع الطائفي، حتى خارج حدود اليمن".
ولم يكن مشهد المتسولين في صنعاء، خلال عيد الفطر الأخير، إلا انعكاسًا حادًا لتدهور الأوضاع. يقول ناشطون اجتماعيون: "تفاجأنا بعدد المتسولين صباح العيد. هذا المشهد المؤلم يكشف حجم الفقر الذي يعيشه المواطنون تحت حكم الحوثي"، مشيرين إلى أن المليشيا "سرقت الزكاة، وتركت الناس للجوع والذل".
تقول "أم حمزة"، وهي أم لخمسة أطفال، لموقع "بلقيس": "زوجي عاطل عن العمل. لم نستطع شراء ملابس العيد لأولادنا. خرجنا نطلب المال من الناس. الزكاة تُوزّع على أتباعهم فقط، ونحن لم نحصل على شيء".
- أداة طائفية لا تكافلية
بدلًا من أن تكون الزكاة وسيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي، حوّلتها جماعة الحوثي إلى أداة لتكريس التمييز الطائفي، عبر فرز المستحقين بناءً على الولاء والانتماء، وتوجيه جزء كبير من الأموال إلى جماعات خارجية.
يقول الباحث الديني عبد الجبار الطيّب لموقع "بلقيس": "الزكاة هي حق للفقراء داخل البلد، لا يجوز شرعًا توجيهها إلى الخارج، بينما يعاني أهلنا من الجوع والعوز. خيرُنا لأهلنا أولى من غيرهم".
ويبدو أن جماعة الحوثي تصرّ على تجاوز كل المبادئ الشرعية والقانونية، وتستمر في استخدام أموال الزكاة كأداة سياسية تخدم أجندة طائفية دخيلة على اليمن ومجتمعه.