تقارير
رسوم الدراسة.. حرب حوثية ممنهجة على التعليم
يشكو أولياء الأمور في محافظة صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، من ارتفاع رسوم التعليم في المدارس الحكومية بنِسب تصل إلى 800%.
حيث فرضت المليشيات الحوثية على طلبة المدارس الحكومية رسوماً دراسية تقدّر بأكثر من 8 آلاف ريال على كل طالب وطالبة، وهي خطوة من شأنها ضرب منظومة التعليم، وحرمان الطلبة من الدراسة، حتى يكونوا مادة سهلة للاستقطاب للجبهات، وينتهي تعليمهم بالاستماع إلى خطاب زعيم المليشيات، والإيمان بخرافاته، وهو ما ينذر بكارثة لوجود جيل كامل بلا تعليم.
وإلى جانب الاستهداف الممنهج والمنظّم للعملية التعليمية، تجني المليشيا مليارات الريالات، فإلى أين تذهب هذه المبالغ في ظل عدم تسليم رواتب المعلمين؟ وما مخاطر تدمير العملية التعليمية وتفخيخ المناهج بهذا الشكل؟
- التجهيل أداة للسيطرة
في هذا السياق، يقول الصحفي فهد سلطان: "إن مليشيا الحوثي لديها تصوّر أنها إذا أعادت التعليم إلى زمن الكتاتيب، وقضت عليه، سيمكِّنها ذلك من السيطرة على السلطة أكبر قدر مُمكن، كون التعليم يفتح أمام المجتمع أسئلة كثيرة، ورفض الظلم والاضطهاد، وقد يصل إلى الثورة".
ولفت الصحفي سلطان لبرنامج المساء اليمني، الذي بثته قناة "بلقيس" مساء أمس، إلى أن "من أهداف ثورة سبتمبر المجيدة القضاء على الفقر والمرض والجهل، وهو ما يسمى بـالثالوث، الذي أنتجته وحافظت عليه الإمامة طول تاريخها في اليمن"، مشيراً إلى أن "مليشيا الحوثي على يقين بأنها لن تستطيع السيطرة على الحُكم وتتوارثه، إلا إذا استمر هذا الثالوث جاثما على اليمنيين"، موضحاً أن "الكلام عن هذه القضايا ليس اتهاما، بل إن جميع اليمنيين في الداخل والخارج يعرفون ذلك جيّدا، وإن أحفاد الإمامة يسيرون على الوتيرة ذاتها التي سار عليها أجدادهم الإماميون".
وأضاف سلطان: "خلال 8 سنوات، عاش اليمنيون دروسا قاسية كشفت بأن هذه الجماعة تريد أن تسير على نهج الإمام يحيى حميد الدين، وعلى نهج الإمام أحمد، بل إن عند هذه الجماعة المليشياوية تصوّرا بأن الانفتاح الذي قام به الإمام أحمد قليل مقارنة بأبيه، أنه سيسبب لها مشكلات كثيرة من مطالب التنمية، لذا تعتمد سياسة التجهيل والعزلة الشاملة لليمن، وهي السياسة ذاتها التي سار عليها الإمام يحيى حميد الدين".
وأفاد بأن "عند استلام يحيى حميد الدين اليمن سنة 1918 كان عدد اليمنيين 8 ملايين، وعند مقتله في عام 1948 أصبح عدد اليمنيين لا يتجاوز 4 ملايين"، وأرجع ذلك إلى انتشار الأوبئة القاتلة في ثلاثينات القرن الماضي، وعندما كان يطلب من الإمام يحيى أن يتصرّف كان يقول لهم "إن الذي سيموت شهيدٌ، وهذا ما كررته مليشيا الحوثي خلال انتشار جائحة كورونا".
وقال: "احتفل اليمن في عام 2007 بمناسبة القضاء على شلل الأطفال، لكن في عهد مليشيا الحوثي وبسبب رفضهم تطعيم الأطفال عاد المرض مرّة أخرى، وهذا ما يعني أن هذه المليشيات لا تعيش إلا على توسيع دائرة المرض والفقر والجهل".
- انتهاكات ورسوم وجبايات
من جهتها، تروي المعلّمة عائشة أحمد بأنّها كانت مدرِّسة في أمانة العاصمة منذ العام 1996م، وظلّت في مدارس العاصمة حتى جاءت مليشيا الحوثي عام 2014م، وواصلت معهم إلى عام 2020، ومن ثم نزحت إلى محافظة مأرب.
وقالت عائشة: "منذ العام 2014م إلى العام 2021، تعرّض المعلمون العاملون في الحقل التربوي لعمليات اغتيال وقتل واختطاف وتعذيب وأحكام بالإعدام وانقطاع للراتب، الذي يعد مصدر قوتهم الوحيد، بحُجة العدوان".
وأضافت أن "مليشيا الحوثي فرضت رسوما إجبارية على الطلبة في المدارس الحكومية في ظل انقطاع رواتب المعلّمين، حيث إن الطالب يدفع 8 آلاف ريال، الأمر الذي تسبب بعجز كبير لأولياء الأمور، خصوصا أن المعلمين يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع".
وأشارت إلى أن "المليشيا أضافت جبايات على المدارس الخاصة أيضا، حيث فرضت عليها دفع 1000 ريال عن كل طالب دعما للمدارس الحكومية الخاضعة لهم".
وفي ردها على سؤال: هل فعلا تذهب هذه الأموال إلى المعلّمين؟ تقول عائشة: "إن المليشيا تدفع فقط للمعلّمين مبلغا لا يتجاوز 6 آلاف ريال كبدل مواصلات، بينما كل تلك الأموال تذهب إلى المسؤولين في مكاتب التربية والوزارة".
- حرمان وخرق للقانون
نائب وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية، الدكتور علي العباب، يقول -في هذا السياق- إن "مليشيا الحوثي انتهكت حقوق الطفولة والتعليم منذ دخولها صنعاء، وذلك بتدمير عدد من المدارس، واستخدام بعضها ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة، وحرمت أكثر 2.5 مليون طالب من التعليم".
وأضاف أن "هذه المليشيا تسعى لفرض مذهبها الطائفي السلالي الذي ليس لنا صلة به كيمنيين، وكنا نتمنّى أن تبعد هذه المليشيا قبحها عن التعليم والصحة والخدمات الأساسية للمواطنين، كونها حقوقا مشروعة لهم، لكنها تستغل سيطرتها من خلال فرض رسوم إضافية على المدارس الحكومية وتخترق القوانين التي تنص على مجانية التعليم في الجمهورية اليمنية".
وأفاد بأن "كل هذه المبالغ تذهب لدعم جبهاتها العسكرية ومصالحها الشخصية، حيث قامت أيضا بتعيين شقيق زعيمها كوزير للتربية والتعليم، الذي سعى لتشكيل لجنة عليا للمناهج، التي من خلالها أعادوا صناعة المناهج بما يخدم أفكارهم الطائفية فقط".
وأشار إلى أن "قيام المليشيا بفرض رسوم غير قانونية على الطلبة في المدارس أجبر الكثير من أولياء الأمور على أن يتوقفوا عن تدريس أطفالهم، فضلا عن المعلّمين الذين نزحوا إلى محافظات الشرعية، وتركوا المدارس".
وقال: "كان هناك اتفاق مقابل تشغيل ميناء الحديد أن تسلّم رواتب الموظفين ومنهم المعلمين، لكن هذه المليشيا لم تلتزم بأي اتفاقية سابقة على المستوى السياسي أو التعليمي أو الأممي".
ودعا الدكتور العباب المنظمات الحقوقية كاليونسيف واليونسكو إلى أن تقوم بدورها في تحقيق فرص التعليم للطلبة، كونهم بأمسِّ الحاجة إلى أبسط حقوقهم.
وأوضح: "إذا كان المعلم لا يحصل على راتبه فإن هناك خللا كبيرا سيحصل في العملية التعليمية، كونه محور الارتكاز، وإذا لم يكن مكتفيا ذاتيا من خلال راتبه وحقوقه فهو لن يؤدي دورا"، مشيرا إلى أن "المليشيا أسست، في العام 2019 تقريبا، ما يسمى بصندوق دعم التعليم، بهدف دفع رواتب المعلّمين، لكن المعلّمين إلى اليوم -للأسف- لا يستلمون شيئا".