تقارير
سبع سنوات من العجز.. هل تحولت "أونمها" إلى غطاء أممي للحوثيين؟
رغم فشلها الذريع في أداء مهامها طوال أكثر من سبع سنوات، صوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) حتى 28 يناير 2026، ما اعتبره مسؤولون يمنيون ومراقبون بمثابة "شرعنة أممية للعبث الحوثي"، وتكريس لوضع شاذ يخدم المليشيا على حساب المدنيين والدّولة اليمنية.
ورغم أن البعثة أُنشئت بموجب اتفاق ستوكهولم أواخر 2018 لمراقبة وقف إطلاق النار والإشراف على إعادة الانتشار العسكري في الحديدة وموانئها، إلا أن الواقع على الأرض يكشف فشلًا تامًا، وصمتًا مريبًا، وتواطؤًا موثقًا مع طرف واحد، هو مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
ويرى مراقبون أن استمرار وجود بعثة "أونمها" بهذه الصورة لا يخدم السلام، بل يعزز هيمنة مليشيا الحوثي على محافظة الحديدة وموانئها، ويوفر غطاءً دوليًا لممارساتها، ويمنحها شرعية أمر واقع، في ظل غياب كامل لأي مساءلة أو محاسبة.
- بعثة عاجزة.. وواقع يتدهور
وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، وصف بعثة "أونمها" بأنها أصبحت مجرد "واجهة توفرها الأمم المتحدة للمليشيا الحوثية للتهرّب من التزاماتها"، مؤكدًا أن البعثة لم تحقق أي إنجاز يُذكر في الجوانب العسكرية أو الإنسانية أو الاقتصادية، بل تجاوزها الواقع وتحوّلت إلى جزء من المشكلة.
وقال الإرياني إن البعثة فشلت في وقف إطلاق النار في الحديدة وموانئها، وعجزت عن فرض إعادة الانتشار على الحوثيين، خلافًا للقوات الحكومية التي التزمت بالاتفاق، ولم تمنع تعزيزات الحوثيين، ولا إزالة مظاهرهم المسلحة، كما أنها لم تحرّك ساكنًا منذ توقف اجتماعات لجنة إعادة الانتشار عام 2020.
وأشار الإرياني إلى أن البعثة تجاهلت استغلال الموانئ لتهريب الأسلحة وتخزين الصواريخ، ولم تتخذ أي موقف من الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية.
ووفقًا للإرياني، فإن البعثة وموظفيها باتوا "رهائن" داخل مقراتهم التي تسيطر عليها المليشيا، دون أي قدرة على الحركة أو الرقابة المستقلة، ما يجعل استمرار وجودهم بلا جدوى، بل مضِرًا بجهود السلام.
- شرايين حرب
وتشير تقديرات رسمية إلى أن مليشيا الحوثي استحوذت على 789 مليون دولار من إيرادات موانئ الحديدة خلال عام واحد فقط (مايو 2023 – يونيو 2024)، دون أن يُصرف منها شيء لخدمة المواطنين أو دفع رواتب الموظفين، بل جرى توجيهها لتمويل آلة الحرب وشراء الولاءات.
وحوّلت المليشيا تلك الموانئ إلى بوابات لتهريب السلاح الإيراني والطائرات المسيّرة والصواريخ، ومِنصات لإطلاق هجمات عابرة للحدود، في تحدٍ مباشر للاتفاقات الدولية، وعلى مرأى من بعثة "أونمها" التي لم تصدر موقفًا واحدًا يدين هذه الأنشطة الإرهابية، وتحوّلت إلى راصد لضحايا الألغام والمتفجّرات من مخلفات الحرب وتتغاضى في بياناتها عن الطرف الذي تسبب بسقوطهم.
- دعوات متصاعدة لإنهاء البعثة
مدير مكتب الإعلام في محافظة الحديدة، علي حميد الأهدل، قال إن بعثة الأمم المتحدة "ولدت مشوهة"، وكانت أحد أسباب ما يعانيه أبناء المحافظة اليوم، مؤكدًا في تصريح صحفي أن "الموت البطيء" الذي يتعرّض له السكان لا يمكن إيقافه إلا بإنهاء مهمة البعثة وتحرير المدينة من سطوة المليشيا.
في غضون ذلك، تساءلت الباحثة ندوى الدوسري عن طبيعة المهمة التي تواصل الأمم المتحدة دعمها، في ظل انتهاكات الحوثيين واعتقالهم لعشرات العاملين في المجال الإنساني والأممي بتهم ملفقة.
الصحفي أحمد عايض، رئيس تحرير موقع "مأرب برس"، تساءل بدوره عن أسباب تغيّر موقف الإدارة الأمريكية من المطالبة بإنهاء عمل البعثة إلى التصويت على تمديد ولايتها، معتبرًا أن هذا التمديد يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك نية حقيقية لإصلاح أداء البعثة، أم أنها مجرد "فرصة أخيرة لترتيب الأوراق".
وفي ظل هذا الوضع، يطالب اليمنيون بإنهاء مهمة البعثة، وإعادة تقييم دور الأمم المتحدة في الملف اليمني، على أساس من الشفافية والحياد، ووقف سياسة التساهل الدولي مع المليشيا التي تُمعن في تمزيق اليمن وتهديد أمن المنطقة والملاحة الدولية.