تقارير

صفقة حكومية جديدة تهدر نصف مليار دولار لشركة إماراتية.. فساد أم ضرورة؟

05/11/2023, 13:12:07

منذ أن بدأت مليشيا الحوثي، بمنع الحكومة الشرعية من تصدير النفط، ينشغل المحللون بالنظر إلى الواقعة من زاوية تأثيرها على الوضع الاقتصادي للدولة، غير أن حدثا جديدا يضيف بعدا إضافيا للقضية وهو تأثير الواقع على الوضع السيادي للدولة، وهذا ما أثارته شركة إماراتية عرضت على الحكومة اليمنية شراء النفط اليمني، وتعهدت بتأمين وحماية عملية الإنتاج والتصدير مقابل تخفيض قيمة النفط اليمني بنسبة تتراوح بين 30-35%.

ما تفعله مليشيا الحوثي بالدولة اليمنية، تفعله بدعم غربي شديد الوضوح، ولا يمكن لأي مليشيا بالعالم أن تتحكم في موانئ وتمتلك قوة عسكرية تهدد بها إنتاج النفط المحلي وتستورد الغاز المنزلي من الخارج، ولا يمكن لأحد فعل ذلك ما لم يكن هذا العمل مسنودا برضى ودعم من الدول المسيطرة سياسيا واقتصاديا على المنطقة. 

وفي السياق، فإن عرض الشركة الإماراتية المذكورة، يفتح بعض التساؤلات، عن التخادم بين مليشيا الحوثي والتحالف، في سبيل تقويض الدولة اليمنية وإهدار مواردها.

مكافأة شركة إماراتية

يقول المحلل السياسي، حسن مغلس، إن الحكومة الشرعية تصدمنا بالمفاجآت الغريبة، فالـ 18 مليون برميل، منها 3.5 مليون برميل مخزون، تم تخزينه خلال شهرين من الانتاج، ثم جاءت الضربة الحوثية التي أصابت منصة التصدير التي يبلغ مساحتها 12 متر، حسب زعمهم وأنا لا اعتقد أن هناك ضربة حقيقية أصابت هذه المنصة، فنحن لم نر صورة أو تحقيق في الأمر وهو حتى الآن ادعاء قد يكون بالتوافق مع مليشيا الحوثي. 

وأضاف: ليس من المعقول، أن مليشيا الحوثي تمكنت من استهداف منصة تصدير مساحتها 12 مترا، من مسافة أكبر من ألف كيلو، ويصيبها بهذه الدقة. 

وتابع: مخزون الشهرين من النفط يفترض بيعه، بـ 300 مليون دولار، والحكومة خفضت للشركة الإماراتية، ويريد بيعه بـ 195 مليون دولار وبقية المبلغ يذهب من خزينة الدولة مكافأة للشركة الإماراتية. 

وأردف: المشكلة أن الحكومة تريد أن تعمل عقد مع الشركة الإماراتية من الآن لمدة 8 أشهر، وهذه الشركة هي التي ستؤمن الانتاج والتصدير، وكأن هذه الشركة تمتلك قوة دفاعية وأمنية أفضل من الدولة اليمنية ومن التحالف، وهو ما يكشف أن هناك اتفاق مع مليشيا الحوثي، ولديها نسبة من هذه الصفقة مقابل التوقف عن الاستهداف. 

وزاد: الحكومة تقول إن المشكلة الاقتصادية سببها توقف تصدير النفط، بينما هي تركت اقتصاد البلد بالكامل، حيث أغلقت ميناء عدن، ومصافي عدن، وإيرادات الضرائب، وذهبت للحديث عن تصدير النفط للشركة الإماراتية، وحددت أنه إذا لم يتم التصدير فإن الاقتصاد سينهار والحكومة ستعلن الإفلاس.

وقال: مليشيا الحوثي لا تصدر النفط وتتحصل إيرادات بالمليارات، من الاتصالات والطيران وميناء الحديدة، الذي أغلقت الحكومة ميناء عدن وفتحت للمليشيا ميناء الحديدة لتتحصل الإيرادات.

صفقة مضحكة

يقول عضو مجلس النواب علي عشال، إن موضوع بيع النفط لشركة إماراتية خصم من 30 إلى 35% يأتي ضمن سلسلة من صفقات الفساد، التي أقدمت عليها الحكومة بجراءة غير مسبوقة، وانتهاك واضح لأحكام الدستور والقوانين النافذة التي تنظم استغلال الموارد الطبيعية للدولة، وتنظم كيفية استخدام أصول الدولة، وكيفية احترام إجراءات المناقصات والمزايدات، حول الكثير من العقود التي تبرمها الدولة سواء في قطاع الاتصالات، أو الموانئ وغيرها.

وأضاف: هناك أطراف إقليمية، أصبحت تنظر لليمن، على أنه مجال للنهب وللحصول على مقدرات غير مشروعة، وغنيمة من السهل ابتلاعها لأن هنالك بعض المسؤولين والمتنفذين الذين اعتمدت عليهم هذه الأطراف، أصبحوا أشبه بسماسرة وأدوات رخيصة، تقدم هذه الخدمات وتضيع مصالح البلد، من أجل الحصول على بعض  الامتيازات الخاصة. وتابع: ما أقدمت عليه الحكومة، في صفقة وحادثة غير مسبوقة في بيع النفط في اليمن، مضحكة، حيث ستبيع 3.5 مليون برميل نفط خام، ويتبعها 14.5 مليون برميل، لشركة إماراتية، بنقص عن السعر العالمي، بنسبة 35%. 

وأردف: 18 مليون برميل من النفط الخام، يزيد سعرها العالمي عن مليار و600 مليون دولار، ما يعني أن اليمن ستفقد ما يقرب من نصف مليار دولار.

وزاد: لو أن الحكومة اشترت منظومات دفاعية، لحماية تصدير النفط، لتمكنت من حماية نفط البلاد بمبلغ أقل من نصف مليار دولار. 

وتساءل: كيف لشركة تجارية بإمكانها أن تحمي هذه الكمية من النفط؟ 

وأضاف: إما أن هذه الشركة ستعتمد على أنها تتبع طرف معين في التحالف القائم باليمن، وأن هذا الطرف الموجود في اليمن هو من سيقوم بحمايتها وهذا أمر كارثي، لأن هذه الدولة عندما دخلت بالتحالف جاءت لحماية مؤسسات الدولة وإسنادها، ولم تأت لتمرير مصالح شركاتها الخاصة، والحصول على مصالح في النفط اليمني. 

وقال: من جهة أخرى قد يكون لهذه الشركة تواصل مع الجهة التي استهدفت موانئ تصدير النفط، ولديها علاقات وستقوم بالتفاهم معها، وتتقاسم معها المصالح، وهذا الأمر كارثي، أو أن هذه الشركة ستسعى لأن تستأجر شركات حماية دولية، وهذا تدخل سافر لحقوق سيادية ولدولة تمتلك جيش.

وتابع: هناك احتمال آخر أقرب إلى رأيي الشخصي، وهو أن هذه الشركة لن تقوم بتصدير النفط، وإنما ستقوم بتكريره، لأن هناك شركة إماراتية أخرى تسمى "مليح" قد حصلت على امتياز بإدارة ميناء ومنطقة حرة، وإقامة تكرير للنفط في حضرموت، ما يعني أنه سيباع في السوق اليمنية بالسعر العالمي، وهنا ستكون كارثة أكبر.

وقال: اللجنة البرلمانية التي نزلت لتقصي الحقائق، تقصت حول هذا الموضوع، وبينت أن الخطوات والإجراءات التي قامت بها الحكومة والامتيازات التي قدمتها لتلك الشركة غير قانونية وأوصت بتوقف مثل هذا الأمر لأن فيه تجاوز. 

وأضاف: الحكومة اليمنية تكذب كما تتنفس، لأنها تمارس المغالطات، وذلك من خلال ردها على ما ورد في تصريح رئيس مجلس النواب، بخصوص الإجراءات التي قامت بها.

هدر موارد البلد

يقول الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح، إن محاولة بيع هذه الكمية من النفط الخام، بسعر أقل من السعر العالمي، تعد محاولة لهدر موارد البلد، وهو ما دأبت عليه الحكومة طوال الفترات الماضية، وكما حصل مع شركة توتال والشركتين الكورتين بشأن استيراد الغاز المسال سابقا بسعر أقل من السعر العالمي.

وأضاف: الحكومة لم تقم بمسؤوليتها تجاه حماية موارد البلاد أو الحفاظ عليها وبيعها بالسعر العالمي، خصوصا أنها في أمس الحاجة لموارد النقد الأجنبي، وتحاول أن تستغل الفرصة وتبيع بالسعر المتداول في السوق العالمية، من أجل رفد خزينتها.

وتابع: الحكومة تكبدت خلال الفترة الماضية أكثر من مليار ونصف مليار دولار، وهذا رقم مهول جدا يفقد الحكومة مواجهة التحديات الاقتصادية والانسانية ويفقدها أيضا القدرة على الصمود أمام تضاعف التحديات والأعباء والوفاء بالالتزامات والانفاق على الخدمات الأساسية.

تقارير

فرص هزيمة الحوثيين.. هل الشرعية جاهزة للتعامل مع الوضع الجديد؟

عشر سنوات من الفرص السانحة لهزيمة الحوثيين ضيعتها الشرعية اليمنية رغم امتلاكها كل الأدوات الرابحة في هذا الصراع، بدءا من الاعتراف الدولي بها كسلطة شرعية، والتفاف الإقليم معها، ورفض المجتمع اليمني لانقلاب الحوثيين

تقارير

مواقع التواصل الاجتماعي.. كيف تحوّلت إلى حلبة صراع ونشر للكراهية؟

في عصرنا الرقمي، باتت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، تُشكل مساحةً للتواصل والتعبير، وتُتيح فرصاً للتبادل الثقافي والتعلم، لكن تحوَّل هذا الفضاء الافتراضي إلى ساحة للصراع، حيث تُنشر الكراهية والأحقاد، وتُهدد القيم والأخلاق، وتُشكل خطراً على الأمن والاستقرار

تقارير

كيف يمكن إنقاذ قطاع الكهرباء من حالتي الفساد والفشل؟

يعاني قطاع الكهرباء في اليمن من أزمة عميقة تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة، فمع انقطاع التيار الكهربائي بشكل دائم في بعض المناطق، ومتكرر في مناطق أخرى، يصبح الحصول على الطاقة، وتوفير الكهرباء المستقرة، هاجسا يشغل بال جميع اليمنيين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.