تقارير

صناعة التوحش.. قراءة في سلوك مليشيا الحوثي..

21/09/2021, 17:36:34
المصدر : بلقيس - خاص - عبدالسلام قائد

لم يكن إجرام مليشيا الحوثي وإيغالها في سفك الدماء وقتل الأبرياء، بعد تعذيبهم في السجون، واتهامهم بتهم ملفقة، مجرد سلوكيات طارئة أو فردية أو حتى مجرد تنفيذ لأحكام قضائية سواء عادلة أو مسيّسة، وإنما يعكس ذلك نهجا أصيلا في سلوك تلك المليشيات التي امتهنت العنف والإرهاب كوسيلة لترسيخ حكمها الاستبدادي وتصدير الذعر والخوف للمجتمع حتى لا ينقلب عليها أو يطالبها بتحقيق أبسط المطالب باعتبارها سلطات أمر واقع.

وبعد إعدام المليشيات الحوثية تسعة أشخاص أبرياء من أبناء تهامة، في 18 سبتمبر الجاري، وسط تهليل وتكبير وبث وقائع الإعدام عبر القنوات الفضائية وشاشات كبيرة نصبت في مكان الإعدام وفي ساحة عامة لها رمزيتها التاريخية، فإن الإجرام الحوثي يكون قد انتقل إلى مرحلة متقدمة من التوحش والإرهاب، وتمثل تلك الإعدامات، بعد محاكمات هزلية، بداية مرحلة جديدة ستطال عددا كبيرا من الضحايا المنسيين خلف القضبان، وستطال أيضا ضحايا آخرين سيكونون وقودا لخلافات أجنحة المليشيات الحوثية المتصارعة، وضحايا الخلافات الشخصية مع قادة المليشيات والوشايات الكاذبة والمغرضة.

- منابع إجرام الحوثيين

لا يقتصر إجرام الحوثيين على سفك الدماء وقتل الأبرياء والتعذيب في السجون حتى الموت أو الإصابة بمرض مزمن، وإنما يشمل إجرامهم كل السلوكيات المنحرفة والشاذة، مثل الاغتصاب والنهب والسرقة وتفجير المنازل والمساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم والغش والخديعة، وغير ذلك من الانحرافات السلوكية والأخلاقية، التي صارت صفات لصيقة بمليشيات الحوثيين والمليشيات الانقلابية الأخرى المشابهة لها، ذات الانتماءات الصغيرة دون الوطنية.

والسؤال هنا: كيف حصل هذا التوافق السلوكي الإجرامي في أوساط مليشيات الحوثيين؟ ولماذا لم يظهر جناح أو تيار في أوساطها يعمل على ترشيد سلوكها ويحاول جرها بعيدا عن العنف والإرهاب ومحاولة تحسين صورتها البشعة لدى المواطنين ولدى المجتمع الدولي ولو نسبيا؟ الجواب: يعود التوافق السلوكي الإجرامي للحوثيين إلى المنابع الرئيسية التي تغذي ذلك السلوك وتعمل على استدامته، ومن أهم تلك المنابع: التنشئة العقائدية والاجتماعية، والجينات الوراثية، وتحول المليشيات إلى مظلة للمجرمين الذين يرون أن الانضمام إليها وممارسة الإجرام تحت مظلتها يمنحهم شرعية ممارسة السلوك الإجرامي والأمن من العقاب.

تمثل مليشيات الحوثيين امتدادا لحكم الإمامة السلالية التي حكمت مناطق واسعة في شمال اليمن خلال أكثر من 230 عاما متفرقة، توزعت خلال أكثر من ألف ومئة عام، بدأت منذ عام 897م وانتهت عام 1962م، واتسم ذلك الحكم السلالي بميزات متشابهة ولم يتطور من داخله، حتى جاءت مليشيات الحوثيين كامتداد لذلك الحكم، وتمارس نفس السلوكيات الإجرامية وبشكل أكثر بشاعة وقبحا، من حيث عدد السجون وعدد المختفين قسريا والتعذيب خلف القضبان حتى الموت أو الإصابة بأمراض مستدامة وابتزاز أهالي السجناء، واختطاف النساء وتعذيبهن واغتصابهن ومحاولة تجنيدهن في أعمال خادشة للحياء، والمحاكمات الهزلية والإعدامات الميدانية للأبرياء، وغير ذلك من الجرائم البشعة.

ونظرا للطبيعة السلالية العنصرية المغلقة للمليشيات الحوثية، فإن جينات الإجرام تنتقل من الآباء إلى الأبناء والأحفاد، وهو ما يتجلى في سلوك العوائل السلالية التي تعاقبت على حكم مناطق واسعة في شمال اليمن، وآخرها مليشيات الحوثيين، ويرى علماء البيولوجيا أن الجينات الوراثية لدى المجرمين تعني أن أبناءهم يكونون على استعداد دائم لارتكاب الجرائم. وبصرف النظر عن النقاشات التي أثارها بعض البيولوجيين حول أن الشخص المجرم هو ضحية جيناته الوراثية، لكن معظم علماء البيولوجيا يرون أن الشخص المجرم يمتلك خيار تحديد سلوكه وتعديله وسلوك طريق الخير، مع عدم إغفال أهم عامل في هذا السياق، وهو عامل التنشئة.

والمؤسف أن تنشئة الحوثيين وأجدادهم الأئمة السلاليين تستند إلى فتاوى فقهية وقناعات عقائدية تجعل مسألة الإجرام في حق الآخرين، خصوصا سفك الدماء ونهب الأموال، وكأنها من صميم الدين وفقا لمذهبهم، ومن أشهر تلك الفتاوى، الفتوى التي أطلقها الإمام إسماعيل بن القاسم، والتي عنونها بـ"إرشاد السامع في جواز أخذ أموال الشوافع"، وقد جسدت تلك الفتوى أبشع السلوكيات السلالية العنصرية التي تسعى لنهب أموال الآخرين واستعبادهم وتجريدهم من حقوقهم، فالنزعة السلالية العنصرية منحت نفسها فتاوى لتبرر بها سلوكياتها الإجرامية، وتشجع بنفس الوقت كل أتباعها على انتهاج ذلك السلوك، وما يترتب عليه من سلوكيات إجرامية أخرى، مثل اعتبار من يقاوم الحكم السلالي دفاعا عن حقوقه وأمواله متمردا يجب قتله أو سجنه وتعذيبه.

وهكذا تتظافر العديد من العوامل التي تغذي السلوك الإجرامي للحوثيين وتمده بأسباب البقاء، وهي التنشئة العقائدية والاجتماعية التي تشجع على النهب والسلب والقتل، والجينات الوراثية، وتحوُّل المليشيات إلى مظلة للمجرمين من خارج سلالتها العنصرية، باعتبار الانضمام إليها والعمل معها يمنحهم شرعية النهب والسرقة والقتل وغير ذلك من الممارسات الإجرامية. ويزيد من بشاعة الأمر، أن مليشيات الحوثيين ترى في ممارسة العنف والإرهاب وقتل الأبرياء والإعدامات الميدانية أهم وسائل إرهاب المجتمع وجعله خائفا ذليلا حتى لا يثور ضدها، وكلما شعرت المليشيات بتململ اجتماعي من حكمها الاستبدادي بادرت إلى استعراض العنف والإرهاب لإخضاع المجتمع لسيطرتها.

- ما الحل؟

إن استمرار السلوك الإجرامي لمليشيات الحوثيين، مع وجود منابع عدة تغذيه، يشكل خطرا كبيرا على المجتمع ما دامت المليشيات تفرض سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد، ولا يمكن وضع حد لذلك الخطر إلا بتكاتف الجميع وإعلان معركة الحسم حفاظا على وحدة البلاد ونظامها الجمهوري وأمنها واستقرارها، ورفع كابوس الإرهاب الحوثي الجاثم على المواطنين وحوّل حياتهم إلى جحيم، فهي لم تكتفِ بنهب الرواتب والتخلي عن وظيفتها الاجتماعية، بل صارت مصدر تهديد وخطر على المجتمع.

وفي حال تم القضاء على المليشيات الحوثية، فإن خطرها سيظل كامنا، ولا بد من تجفيف منابع العنف لديها تماما، من خلال نشر عقيدة الإسلام الوسطية، أو ما يعرف بالحرب الفكرية. وبخصوص جينات الإجرام الوراثية، فهناك دراسات بيولوجية تفيد بأنه بالإمكان تعديل الجينات الوراثية للمجرم من خلال العمليات الجراحية واستئصال جيناته الوراثية الإجرامية واستبدالها بأخرى ذات سلوك مستقيم وتحمل الخير وتنبذ العنف والإرهاب. ورغم صعوبة هذا الحل وكلفته، كونه يتطلب إجراء عمليات جراحية لأبرز قادة المليشيات الحوثية العوائل السلالية وأكثرهم إجراما وعنفا، لكنه الحل الوحيد لضمان استقرار المجتمع وتحويل المجرمين فيه إلى أشخاص أسوياء.

 

تقارير

بائع الفاصوليا.. مشروع شاب يعرف زبائنه من أصواتهم

إذا اعتقدت بأن الحياة خذلتك في جانب معيّن، عليك أن تنظر ماذا فعلت الحياة مع "ياسر ثابت"، وكيف واجهها، ولم يعرف الاستسلام؛ كونه متسلحا بالأفكار، فمن لديهم الأفكار والهمم؛ سيعيشون لأجل تنفيذها، ويظلون يحاولون حتى يعثروا على الطريق.

تقارير

"حيث الإنسان" يساعد عشرات الأطفال في مأرب على الوقوف والسير من جديد

يحكي برنامج "حيث الإنسان"، - الذي تدعمه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"- قصة أب لا يعرف الاستسلام، وقد صنع عالما أجمل لمجموعة صغيرة من الأطفال، بينهم طفله، بتأسيس مركز تأهيل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة مأرب، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي لليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.