تقارير

"عاقل الحارة" في زمن الحوثي.. مهام استخباراتية وتعبئة وتحشيد للجبهات

22/11/2024, 11:04:32
المصدر : خاص

لم تعد الوظائف الاجتماعية في زمن مليشيا الحوثي كسابق عهدها، تقوم بتسيير الأمور التقليدية للناس في المجتمعات الصغيرة، وتحولت بعد انقلاب الحوثيين على السلطة، واقتحام صنعاء، نهاية العام 2014، إلى وظائف تؤدي أدوارا خدمية ونفعية للحركة، ولو على حساب المواطنين أنفسهم.

"عاقل الحارة" هي الوظيفة المهملة، التي أحيتها مليشيات الحوثي، وأوكلتها العديد من المهام، واستغلتها لخدمة أجندتها؛ نظرا للأهمية التي يتمتع بها من يشغلها، باعتباره الشخص الأكثر اطلاعا على سكان الحي، ويعرف الكثير عن توجهاتهم وتحركاتهم.

ولأهمية هذه الوظيفة، سعت المليشيا إلى إقصاء كثير من العقال، الذين عملوا خلال فترة الأنظمة السابقة، وتعيين أشخاص مقربين وموالين لها، ومستعدين لتنفيذ ما يُطلب منهم.

- قاعدة البيانات

تقسّم أمانة العاصمة وحدها إلى 10 مديريات؛ يتفرع منها أكثر من 791 حارة، بعضها تقسم إلى مربعات، ويشغل الوظيفة ما يقارب 1517 عاقلا وشيخ حارة -بحسب بيانات أمانة العاصمة.

يقول عبدالعزير مسعد، أحد أبناء أمانة العاصمة: "عاقل الحارة (في الوقت الراهن) يمتلك كل بيانات أبناء الحي؛ لأنها ارتبطت، في الفترة السابقة، مع توزيع مادة الغاز المنزلي، وبعض المساعدات الإنسانية، التي كانت توزعها المنظمات الدولية، وبعض المنظمات الخيرية، ورجال الأعمال، قبل أن يتم التضييق عليهم، وإيقافها".   

وأضاف مسعد لـموقع "بلقيس": "وظيفة عاقل الحارة الأساسية، في الوقت الراهن، تتمحور في التحشيد، وتعبئة الناس، وحثهم على الانخراط في صفوف المقاتلين التابعين للحوثيين، أو المشاركة في الفعاليات والتظاهرات، التي ينظموها بشكل أسبوعي، أو المناسبات السنوية".

ولا تقتصر وظيفة العاقل على الحث الطوعي للناس على الحضور والمشاركة في الفعاليات، ولكنها تمتد إلى تكليف العاقل إجباريا بتحشيد أعداد محددة لا تقل على الحد الأدنى، التي تضعه لكل حي، مما جعل بعض العقال يستجْدون الناس المشاركة للبقاء في وظيفتهم.

- التضحية لأجل الوجاهة

من الناحية المادية، ليست وظيفة عاقل الحي مغرية، وتجعل أي شخص يتمسك بها أو يسعى خلفها، فالراتب المتقطع كان في السابق ما بين الثلاثة آلاف إلى الخمسة آلاف ريال، وارتفعت -في السنوات الأخيرة- إلى 15 ألف ريال، لكنها في نظر البعض تعطي الشخص وجاهة اجتماعية، والشعور بالسيطرة والقوة، مما جعل البعض يتنافسون عليها.

إلا أن الوجاهة الاجتماعية، التي يحرص عليها بعض عقال الحارات، ليست مجانية في زمن الحوثي، وترتبط بالعديد من الالتزامات التي تصل إلى أن يفقد الشخص قراره، ويغيّر قناعاته، أو يقوم بأعمال تضر بأبناء الحي.

صفوان -اسم مستعار لعاقل حارة (طلب عدم ذكر اسمه)- يقول لـموقع "بلقيس": "عقب انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة، استحدثت ما يسمى بالأمنيات، التي هي عبارة عن مجموعات من أبناء الحارات، يتناوبون على حراسة مداخل الحي ليلا ونهارا، ويرصدون تحركات الناس، وزوّارهم وتجمعاتهم، لكن مع استتباب الأمر للحوثيين اختفت هذه اللجان الأمنية، وأوكلت مهام الرقابة للعقال".

ويضيف: "العمل تحت سيطرة الحوثيين جعل كثيرا من العقال ينخرطون في العمل الاستخباراتي لصالحهم، ويقدمون لهم تقارير حول الأشخاص الذين تشك الجماعة في ولائهم، أو تعتبرهم مُعادِين لها، حتى لو كانوا غير مقتنعين بهذه الممارسات".   

- أهمية ومسؤولية

وعلى مدى سنوات الحرب، كشفت العديد من التقارير الإعلامية عن وظائف التعبئة للجبهات، التي يشترك فيها المشايخ وعقال الحارات، وطلب أعداد إلزامية محددة من المجندين، خاصة في أوقات المواجهات مع الحكومة الشرعية، والفصائل الأخرى.

وبحسب صفوان، فإن عقال الحارات صاروا يواجهون صعوبة كبيرة في توفير مقاتلين، أو المشاركة في الحشود مع ازدياد السخط الشعبي تجاه السياسة، التي تقوم على الاستئثار بالموارد، بينما تعاني بقية الفئات من الفقر والظروف المعيشية المتدهورة.

وليست وظيفة عاقل الحارة إلا واحدة من الوظائف، التي استثمرتها المليشيا لخدمة توجهها وأهدافها، ولكنها تعد من الوظائف الحساسة، التي لها علاقة مباشرة مع الناس، وقد تتحوّل إلى سيف مسلط على رقابهم، ووظيفة قمعية واستخباراتية من الدرجة الأولى.

تقارير

بالشهادات الجامعية.. مهمشات يواجهن التحديات ويقهرن الواقع

تَبدَد أحلام ملكي عياش -من فئة المهمشين (40 عاما)- عقب تخرّجها من كلية الحقوق في جامعة عدن، بعد اصطدامها بواقع مرير لم تتمكن -من خلاله- من الحصول على الاستيعاب في أي جهة حكومية كعمل تعاقدي يحقق لها أدنى متطلبات العيش الكريم.

تقارير

الاكتئاب.. انتشار ملحوظ في تعز وسط دعوات لتعزيز الدعم النفسي

في الوقت الذي تستمر فيه الحرب والحصار على مدينة تعز، يواجه السكان تحديات إنسانية ومعيشية كارثية، ولا يقتصر الحال على هذه التحديات فقط، بل برزت معاناة إضافية تهدد حياتهم بشكل غير مرئي، وهي انتشار الاكتئاب والاضطرابات النفسية، تشير الإحصائيات إلى زيادة في معدلات الإصابة بهذه الاضطرابات، مما يبرز الحاجة إلى تقديم الدعم النفسي والصحي للأفراد المتأثرين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.