تقارير
عام دراسي جديد في اليمن.. معلمون بلا رواتب وطلاب مهددون بالحرمان من التعليم
ينطلق العام الدراسي الجديد في اليمن وسط أزمات معقدة تضرب المنظومة التعليمية، أبرزها غياب الرواتب وانهيار القيمة الشرائية، ما يجعل المعلم اليمني أحد أفقر فئات المجتمع، ويهدد ملايين الطلاب بالحرمان من حقهم في التعليم.
في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، التي تضم نحو ثلثي طلاب البلاد، انطلق العام الدراسي في يونيو، بينما حددت وزارة التربية في الحكومة المعترف بها دولياً يوم 31 أغسطس موعداً لبدء الدراسة في بقية المحافظات.
لكن الفارق الأهم لم يكن في التقويم الدراسي، بل في واقع الكادر التعليمي. ففي صنعاء، ما يزال المعلمون بلا رواتب منذ 2016، ولجأت إدارات المدارس إلى فرض رسوم شهرية على الطلاب كحوافز للمدرسين، الأمر الذي ضاعف تكاليف التعليم أكثر من عشر مرات.
بعض الأسر اضطرت لإرسال أبنائها إلى مراكز محو الأمية باعتبارها أقل كلفة، فيما أحجم آخرون عن تسجيل أطفالهم تماماً.
في تعز وعدن ومحافظات الحكومة، لا يبدو الوضع أفضل بكثير. فالمعلمون يتقاضون رواتب متدنية ومتأخرة بفعل انهيار الريال اليمني، الذي تجاوز لأول مرة حاجز 2900 ريال للدولار.
ناصر محمود، معلم من تعز منذ أكثر من 20 عاماً، يقول إن راتبه لا يتجاوز 100 ألف ريال (34 دولاراً) وهو مبلغ “لا يكفي حتى لشراء كيس دقيق واحد”، مضيفاً أن كثيراً من زملائه يفكرون في ترك المهنة بحثاً عن مصادر دخل بديلة.
تقارير دولية ومحلية دقت ناقوس الخطر، محذرة من ضياع جيل كامل بسبب انهيار التعليم. مؤتمر “شركاء لأجل اليمن” الذي عقد في كوالالمبور دعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية تجاه إنقاذ التعليم.
الدكتور عبد الرقيب عباد، رئيس الوكالة الدولية اليمنية للتنمية، وصف وضع التعليم بـ”القنبلة الموقوتة”، مشيراً إلى أن أكثر من 4.5 ملايين طالب خرجوا من مقاعد الدراسة، أي ما بين 60% و70% من إجمالي الطلاب في سن التعليم.
الحكومة تعلن التزامها بدعم القطاع التعليمي لكنها تشكو من أزمة مالية خانقة، بينما تلقي جماعة الحوثي باللوم على قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، رغم سيطرتها على موارد مالية ضخمة لم تنعكس على رواتب المعلمين.
في المقابل، يتهم ناشطون الجماعة بالتضييق على الكادر التعليمي وتحويل العملية التعليمية إلى مورد للجبايات، عبر الرسوم المفروضة على الطلاب وأولياء الأمور.
ويؤكد الصحفي والباحث الاجتماعي عامر دعكم أن “المعلم اليمني يعيش على حافة الانطفاء”، لافتاً إلى أن توقف التوظيف منذ أكثر من 14 عاماً أدى إلى فراغ كبير ملأه متطوعون غير مؤهلين، معظمهم من خريجي الثانوية.
ويضيف أن العملية التعليمية “تحتضر” منذ الانقلاب الحوثي عام 2014، وأن مخرجاتها باتت كارثية مع غياب أي رؤية جادة لإنقاذها.