تقارير

في زمن الحرب.. عادات جديدة تطرأ على الزواج في اليمن

05/12/2020, 11:08:22
المصدر : خاص

تغيّرت، كثيراً، عادات وتقاليد الزواج في اليمن، منذ اندلاع الحرب في مارس/آذار 2015، التي تُعد جزءاً من التركيبة الاجتماعية، وأي أمر دخيل على هذه العادات يحصل لكن ببطء شديد.
لكن ما حدث، خلال فترة الحرب، أن ثمة تغييراً لافتاً تم بإيقاع متسارع، ربّما كان انعكاساً للواقع، الذي فرضته الصراعات القائمة على الأرض، خاصة في ظل النزوح والفقر وتوقف الحياة تماماً، من وقت إلى آخر.

10 أيام قبل الزّفة

يُلاحظ أن الاحتفالات بالأعراس لم تعد بالبساطة التي كانت عليها قبل الحرب في مدينة تعز، على سبيل المثال، فقد أصبح الاحتفال بهذه المناسبة في السنوات الأخيرة يمتد إلى عشرة أيام متواصلة.
طرأت عدّة احتفالات جديدة لم تكن موجودة قبل الحرب، وتتم في أي يوم خلال العشرة أيام قبل الزّفة، وبالترتيب الذي تختاره العروسة، وتلك الحفلات هي: "المغربي، والهندي، والفرعوني، والدّروع مع الذهب (لباس تقليدي)، وتوديع العزوبية". يتم خلال الثلاث الأولى ارتداء العروسة وصديقاتها وبعض أهلها أزياء ذلك البلد، الذي تُسمّى به الحفلة، ويكون جاهزاً لديها أو تستأجره من المحلات المتخصصة، وينطبق ذلك أيضا على زينة المنزل، ومكان جلوس العروسة، والأغاني، أما الأخيرة تكون قبل العشرة أيام، وتدعو إليها العروسة فقط صديقاتها، وتكون في المنزل يقضينها بالرّقص على أنغام الأغاني المُختلفة.

يُضاف إلى تلك الاحتفالات، وبالترتيب: "الزقرة" و"الحناء" و"الغسل"، ثم الزفاف، وهذه كانت موجودة منذ ما قبل الحرب، والثانية يتم فيها النقش، وغالبا بالحنّاء، وتختلف بعض الشيء طريقة التزين بها، فالبعض يفضلن أن يكون النقش في مناطق محددة فقط، وبشكل بسيط وأنيق، وأخريات يفضلن البقاء دون أي نقوش على أجسادهن، وإما أن تذهب العروسة إلى المكان المتخصص بذلك.

ويحتفل الأهل في المنزل بشكل بسيط، أو تأتي المتخصصة بالنقش إلى البيت، وغالبا ما يخصص ذلك الاحتفال لمن ترغب بالنقش، وهو تقليد أصيل، وأحد الموروثات الشعبية.
وما يثير الانتباه هو أن في هذه الاحتفالات، خلال فترة الحرب، يتم إطلاق الأعيرة النارية أو استخدام أسلحة متوسطة، وحتى قنابل صوتيّة، ويعتمد ذلك على مكانة العريس، والمدعوين للاحتفال، إضافة إلى ذلك هناك جلسات تصوير تُخصص للعروسة والعريس معاً، كلاً على حِدة أيضاً.


وأصبح هناك حرص كبير من قِبل العريس على ارتداء ملابس تقليدية، وتعليق صورة كبيرة له أمام منزله، والبعض يفضّل أن تكون صورته، موضّح فيها مكان وموعد عرسه على بعض وسائل النّقل الخاصة والعامة، ويتم استئجار خيمة تنصب خارج المنزل للاحتفال، مجهّزة بشكل كامل للرجال فقط، لمضغ "القات" والرقص.
وكالعادة، وبعد انتهاء حفلة الزفاف، التي ترتدي فيها العروسة فستاناً أبيضَ، والعريس غالباً يكون بلباس رسمي، يشارك أصحاب الدّراجات النارية وأصدقاء وأهل العروسين في زفتهما الليلية، والتي تكون لبعض الوقت في الشوارع، ويتم إيصال العروسين إلى منزلهما أو أحد الفنادق.

الوضع قبل الحرب

لا يختلف الأمر كثيراً عن احتفالات الزواج، التي كانت تقام قبل الحرب، لكنها كانت أبسط بعض الشيء في مدينة تعز. فعادةً ما كان يتم الاحتفال بالزواج أياماً قليلة، وذلك حسب رغبة الأهل وقدرتهم الماديّة.

فقبل الزفاف بعشرة أيام، تذهب العروسة إلى حمّام بُخار مع صديقاتها وأهلها، وتستعد للزفاف، وتحتفل صديقاتها، طوال تلك الأيام، معها بالمناسبة في المنزل بشكل بسيط، وتخصص يوماً لحلفة "الزقرة"، تكون هناك زفّة بالأغاني منذ الصباح، وتغتسل العروسة، وترتدي درعاً أخضر (لباس تقليدي)، وتغطّي وجهها بمَقْرمة خفيفة (قطعة من القماش) لا تكشف ملامحها بدّقة، ثم ترتدي من بعد الظهر زياً تقليدياً آخر، سواء صبري أو صنعاني، ومجوهرات من الفضّة بتصميم محلّي، ثم تأتي حفلة الغُسل، وفيها يجتمع الأهل والأصدقاء، ويقضون بعض الوقت بالرّقص على الأغاني، يعقبها حفلة الحنّاء، وزفّة بسيطة، ثم حفلة الغُسل، ويوم أو أكثر للراحة قبل حفلة الزّفاف الأخيرة.

أما العريس فيُخصص له يوم الحناء، ويكون في الشارع أمام منزله، ويرتدي زياً تقليدياً، وتحضر فرقة موسيقية لإحياء الاحتفال. وفي ذلك اليوم، وعلى وقْع الأغاني والرقص، يتم وضع الحنّاء في يدي العريس، وتركها لوقت قليل ثم إزالتها، ويقوم باقي أصدقائه بتوزيع باقي الكمية عليهم، واللعب بها، لإضفاء نوع من الفرح، إضافة إلى التراشق بالبيض، ورش الماء على بعضهم في أحايين كثيرة.

وفي يوم العُرس ترتدي العروسة فستاناً أبيضَ، ويتم إيصال العروسين من مكان الاحتفال، سواء منزل أو قاعة أفراح، عبر مجموعة من السيارات والدراجات النارية، وغالباً ما يحيطون بالسيارة التي تقل العروسين من كل جانب، أثناء الزّفة التي تكون، غالباً، بعد الساعة الثامنة مساءً.
وبعد العرس، يُنظم أهل العريس حفلة تسمى "صبحية"، وتكون ثاني يوم من الزواج، أو تكون في اليوم الرابع من الزفاف، وتكون في منزل العروسة أو أهل العريس، ويقوم خلالها أهل العروسة بزيارتهما وبعض أقاربهما فقط، مع عمل زفّة بسيطة.

أعباء على أهل العروسة

غالباً ما تشكل الاحتفالات بالزواج عبئاً كبيراً على أهل العريس والعروسة، منذ ما قبل الحرب، لكنها الآن أكثر على أهل العروسة، بسبب الحفلات الكثيرة التي طرأت، وكون العريس لم يعد يُقيم مأدبة غداء، كما كان يحدث سابقاً.

وتفضّل كثيرٌ من الفتيات، اللائي استطلعنا آراءهن، أن يُقمن كل تلك الحفلات ويحرصن على إحيائها بشكل مناسب، ليشعرن بالسعادة والخروج قليلاً من الواقع الذي فرضته الحرب.. تعارض ذلك خلود عبدالملك، التي تعتقد أن "الفرحة لا تعني أن تتم بكل ذلك البذخ، خاصة في هذا الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد".


وهي تشعر بالأسف على مصير كثير من الفتيات، اللائي يفضلن الزواج قبل إتمام دراستهن، وإنفاق الكثير من الأموال على مثل تلك الحفلات والملابس، وإن كانت ستخسر العروسة حصولها على بعض الذّهب، الذي يشتريه لها الأهل من مهرها، ليعينها مستقبلا على بعض مصاعب الحياة.

الحفاظ على العادات

وبرغم كل تلك الاحتفالات والمناسبات إلا أن النهاية كثيراً ما تكون مأساوية، فبعض الزيجات لا تكمل شهراً وتنتهي بالطلاق، وأخرى يذهب الزوج إلى جبهة القتال لجمع بعض المال ويعود محمولاً في "تابوت"، وقد يصل إلى شريكته "خبر مقتله" فقط، أو يتوفى بسبب القصف والمعارك، وقليلة هي قصص النجاح.

في تعليقها على الاحتفالات الكثيرة، التي طرأت خلال فترة الحرب، تقول خلود ل"بلقيس": "إننا بحاجة إلى الاحتفاظ بعاداتنا وتقاليدنا وموروثنا المرتبط بالأعراس، ويمكن الفرح والاحتفال حتى لعشرة أيام، لكن بدلاً من التأثر بثقافات الشعوب الأخرى، يمكن أن يكون بإظهار جمال تراثنا وإحيائه وارتداء ملابس تقليدية من مختلف المحافظات".
ويفسّر الأخصائي الاجتماعي، عبدالباسط محمد حسن، ما يحدث بقوله إن "الحرب وآثارها أدت إلى ضعف الولاء للوطن، والانهيار الثقافي والقيمي والأخلاقي لدى البعض، ما جعل من السّهل امتصاصهم لأي أفكار جديدة، وإن كانت لا تمتّ بصلة لمجتمعنا".

وحذّر، في حديثه مع "بلقيس"، من خطورة مثل تلك الممارسات، "التي تُساهم في طمس عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، ومحو شخصية اليمني، وتحويله إلى مجرد تابع ومقلد للمجتمعات الأخرى".
وفرضت الحرب، في عامها الأول والثاني (2015 و 2016)، طرق احتفال بسيطة للغاية بالعرس، فغالباً ما كان يتم في المنزل وخلال فترة النهار فقط، ولا يمتد إلى الليل كما يحدث الآن، ويظلّ أغلب المعازيم في ملابسهم المعتاد ارتداؤها خارج المنزل والمعروفة ب"البالطو أو العباية"، وهي لباس أسود تتغطّى به المرأة، وتُخفي ملامحها عَبره.

تقارير

العالقون في الأردن.. من يتحمل مسؤولية استمرار معاناتهم؟

لا يزال نحو 80 مواطنا يمنيا عالقين في العاصمة الأردنية عمَّان، في انتظار عودتهم إلى الوطن، حيث ذكرت القنصلية اليمنية في عمّان أنه من المقرر نقل 35 مسافرًا، ليلة أمس الجمعة، ضمن رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة المصرية القاهرة.

تقارير

اتفاق التهدئة مع واشنطن.. ما ثمن الصفقة مع الحوثيين؟

في تطور مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 6 مايو الجاري، عن التوصل إلى اتفاق تهدئة مع مليشيا الحوثيين في اليمن، التي قال إنها طلبت من إدارته وقف الهجمات ضدها، وتعهدت بعدم استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.