تقارير

في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي.. هل تعود الطبقية والسلالة لتتحكم بمصائر الأفراد في اليمن؟

11/05/2025, 09:36:05

تمثّل الوثائق القبلية المُعلنة مؤخرًا حلقةً خطيرة في مشروع أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع اليمني على أسس ما قبل الجمهورية، إذ ترسخ جرائم عنصرية مكتملة الأركان، وتُشرعن الإقصاء الطبقي تحت لافتة الانتماء القبلي.

هذا السياق يتصل بالهاشمية السياسية، التي تعمل على إعادة هندسة المجتمع اليمني، عبر تفكيك البنية التي كانت قد تشكّلت بفعل الوعي الجمهوري، وإخضاعها من جديد لمركزية السيد، فارضة تسلسلات طبقية مستمدّة من مفردات الإمامة.

إعادة تكريس

تقول أستاذة علم النفس الاجتماعي، أ.د نجاة محمد صائم، إنها فوجئت من انتشار الوثائق القبلية التي تُشرعن التمييز الطبقي، وتُبرر النبذ الاجتماعي باسم النسب، على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الوثيقة الأخيرة التي تم تداولها، كما فوجئ الكثير من اليمنيين.

وأضافت: “هذا يمثل إعادة تكريس لأشياء في المجتمع اليمني عانينا منها لفترة طويلة جداً، والمفترض أنه منذ قيام ثورة 26 سبتمبر إلى الآن تكون قد تلاشت إلى حد ما، لن أقول انتهت، لأنها ما زالت موجودة”.

وتابعت: “في الفترات الماضية كانت قد بدأت تقل، لكن الذي لفت نظري شيئين في الوثيقة المتداولة: أولاً ختم الجمهورية اليمنية، وهذا كان صادماً وإساءة للجمهورية اليمنية، وثانياً أننا عادةً ما نتحدث في هذه المواضيع عندما تزوج المرأة إلى طبقة غير طبقتها، لكن في هذه الوثيقة المتهم هو الرجل، وهذا أيضًا ينبئ عن أشياء لا بد أن نأخذها في الاعتبار”.

وأردفت: “عادةً، التقسيم الطبقي أو الشرائح الاجتماعية، موجود في أي مجتمع، وتُخلق نتيجة لارتباطها بالسلطة وبالقوة وبالمال”.

وزادت: “بالنسبة لنا في اليمن، هناك دراسة أكاديمية أجراها أستاذي الدكتور قائد الشرجبي عن الشرائح الاجتماعية في المجتمع اليمني في الثمانينات، وذكر فيها هذه التقسيمات وأسبابها، وكيفية تأثيرها الاجتماعي والاقتصادي”.

وقالت: “لا بد أن نُفرّق بين من يُطلق عليهم السادة، فهذا تقسيم ديني، وبين بقية الشرائح الأخرى كـ”الخُمس” والمهمشين، فهذا تقسيم مرتبط بالمهن”.

وأضافت: “التقسيم الطبقي اليوم مرتبط بالمصالح السياسية، فالقبائل الآن تُظهر نوعًا من الموالاة للحوثيين الذين يعتبرون أنفسهم من طبقة السادة”.

الاعتراف بالمشكلة

يقول الباحث السياسي، الدكتور عادل دشيلة: “علينا أن ندرك أننا في اليمن عانينا من التفاوت الطبقي لقرون عديدة، وكان الفرز الطبقي على أساس النسب، حيث كان لدينا ما يسمى بطبقة السادة، ثم القضاة، ثم القبائل، ثم أصحاب المهن، ثم المهمشين، أو ما يُسمى، مع الأسف، وأنا حزين أن أقول هذا المصطلح، لكنه موجود في مجتمعنا، بطبقة الأخدام”.

وأضاف: “مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر، في شمال وجنوب الوطن، حاول اليمنيون التخلص من هذه الأفكار أو من التفاوت الطبقي، وكانت أهداف الثورتين واضحة المعالم، بما فيها إزالة الفوارق والطبقات، وبعد تحقيق الوحدة اليمنية اختفت هذه الظواهر، ولكنها ظلت متسترة ولم تظهر في العلن”.

وتابع: “صحيح أن دستور البلاد كفل الحقوق للجميع تحت مظلة نظام الجمهورية اليمنية، ولكن ظل التعامل في الواقع بين الفئات قائمًا على تقسيم المجتمع إلى سيد وعبد أو ما شابه ذلك”.

وأردف: “اليوم، من وجهة نظري الشخصية، إذا أردنا أن نوجد حلاً جذريًا لهذا التمايز الطبقي، فعلينا أن نعترف بالمشكلة أولاً، وعلى الذين صاغوا هذه الوثيقة أن يدركوا أن تقديس فئة بعينها بينما تُداس كرامة فئة أخرى، هذه هي العنصرية، وأن القبيلي الذي يتسيّد على طبقة المهمشين أو أصحاب المهن، هناك من يتسيّد عليه ويعتبره ناقصًا”.

معضلة وطنية

يقول رئيس المجلس الوطني للأقليات في اليمن، نعمان الحذيفي: “اطلعتُ على الوثيقة المتداولة، وأعادتني إلى الذاكرة التاريخية، إلى الوثيقة التي صيغت ضد ما يُطلق عليهم بالمهمشين أو الأخدام في اليمن”.

وأضاف: “هذه الوثيقة تؤكد أننا، وخلال أكثر من 60 عامًا من قيام الثورة، لم نستطع أن نكسر هذا المشهد السوداوي في مجتمعنا اليمني. فالعنصرية لا تزال موجودة، لكن الجميع لا يؤمنون بها ولا يعترفون بها، وبالتالي عدم الاعتراف بهذه المعضلة الوطنية، وأنا أُسميها معضلة وطنية، لا لفئات معينة، بل تعاني منها كل الفئات الاجتماعية في اليمن”.

وتابع: “بما أن كثيرًا من هذه الفئات تتعرض لهذا الظلم العنصري والاجتماعي، وصبرنا عليه طويلاً، أتت جماعة الحوثيين، واستغلت أيضًا هذه الحالة الاجتماعية، وهي تعمل على تقسيم المجتمع، وإعادة تشكيله بطريقتها، بما يُمكنها من الاستمرار في السيطرة بشكل أكبر”.

وأردف: “نعلم جميعًا أن المجتمعات المتشظية تُعدّ بيئة مثالية لأي نظام سياسي قائم على الديكتاتورية أو الاستبداد، ولهذا نحن لا نستغرب من هذه الوثيقة التي كُتبت من قبيلة آل السياغي، لكن ما يُحزن أن ختم الجمهورية اليمنية موجود في هذه الوثيقة”.

وزاد: “ما يُحزننا أن يصل شعار الجمهورية وقوانينها ودستورها ليكون غطاءً سياسيًا وقبليًا وعنصريًا لممارسة العنصرية ضد فئات معينة”.

تقارير

كيف تسببت الضربات الجوية في مفاقمة الأزمة الاقتصادية في اليمن؟

مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، وقف ضرباتها في اليمن، واستمرار تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة غاراته، تواجه مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي نقصًا حادًا في الوقود، والمواد الغذائية، خاصة أن الدمار طال مرافق حيوية وكبّد البلاد خسائر تُقدّر بمليارات الدولارات.

تقارير

كابوس قديم.. كيف أعادت الغارات الجوية شبح أزمة الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين؟

لا تبدو الصباحات عادية في صنعاء، إذ تمتد الطوابير أمام محطات البنزين لعشرات الأمتار، بينما ارتفعت أسعار المشتقات في السوق السوداء بمناطق سيطرة الحوثيين إلى أرقام قياسية خلال أيام، في مشهد أعاد إلى الأذهان بدايات الحرب وشبح أزمة الوقود، بعد أن ظنّ البعض أن زمن الأزمات المتواصلة قد ولّى، أو على الأقل دخل في “هدنة مؤقتة”.

تقارير

العالقون في الأردن.. من يتحمل مسؤولية استمرار معاناتهم؟

لا يزال نحو 80 مواطنا يمنيا عالقين في العاصمة الأردنية عمَّان، في انتظار عودتهم إلى الوطن، حيث ذكرت القنصلية اليمنية في عمّان أنه من المقرر نقل 35 مسافرًا، ليلة أمس الجمعة، ضمن رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة المصرية القاهرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.