تقارير

"قانون دعم فاتورة المرتبات".. تشريع حوثي جديد لنهب حقوق الموظفين

21/12/2024, 11:44:43
المصدر : خاص - كريم حسن

بعد مضي أكثر من 8 سنوات مذ توقفت عملية صرف مرتبات موظفي وحدات الخدمة العامة، ومنتسبي الجيش والأمن في صنعاء، والمناطق الخاضعة للجماعة، أقدمت مليشيا الحوثي على إصدار قانون دعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة بشكل مخالف للدستور والتشريعات في البلاد.

ظاهره تشريع الاحتيال على حقوق الموظفين المعتمدة، وباطنه شرعنة لنهب موارد المؤسسات الإيرادية، بذريعة الانتظام بصرف نصف راتب شهري من بداية العام القادم، فيما بإمكانها دفع مرتبات الموظفين كاملة، مقارنةً مع حجم الجبايات، والأموال التي تجمعها منذ بداية عهدها الانقلابي.

وبدلاً من منح الموظفين تعويضات مالية مجزية، جراء المعاناة المعيشية الشاقة التي تعرّضوا لها، خلال الفترة السابقة، وما زالت مستمرة لليوم؛ نتيجة انقطاع مرتباتهم، ذهبت مليشيا الحوثي ببطء إلى الالتفاف على الاستحقاقات الوظيفية.

- الأجور بند في موازنة الدولة

لا شرعية للحوثي، ولا صحة قانونية ساندة لتشريعه؛ كونه مخالفة جسيمة للدستور اليمني؛ لأن مرتبات موظفي الدولة ليست شيئا مستحدثا، ولا تحتاج إلى قانون ينظّم عملية صرفها، باعتبارها أساسية في موازنة الدولة، خاضعة للزيادة التي تُحسِّن مستوى معيشة الموظف وأسرته.

المحامي "عبد الرقيب الحيدري" وجّه انتقاداً حاداً لهذا القانون. بقوله: "حتى الاسم مثل المتن (فاتورة المرتبات)، الأجور بند رئيسي في الموازنة العامة لأي دولة، وحق أصيل من الحقوق الأساسية للموظف، ليست سلعة تشتريها وتصنفها مثل ما تشاء، بحسب منهجك ومنطقك غير القانوني".

وسمى الحوثي مرسومه، الصادر يوم أمس، بـ"قانون الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة، وحل مشكلة صغار المودعين"، حيث توزعت نصوصه على 19 مادة أساسية.

يقول عدد من الباحثين في المجال الاقتصادي لموقع "بلقيس": "هذا ليس حلاً لمعالجة مشكلة انقطاع المرتبات، إنه تشريع إلغاء رواتب السنوات المتأخرة، والاحتيال على الأجر الوظيفي، وتقليصه لأقل مستوى، كذلك مصادرة أصول الصناديق الإيرادية، ونهب أموال المؤسسات الرسمية الحيوية، حتى حل مسألة صغار المودعين مجرد كلام للاستهلاك فقط، دون إعادة كل أموالهم الشخصية المودعة في البنوك".

يشكك بعض موظفي الدوائر الرسمية بقولهم لموقع "بلقيس": "الجماعة ليسوا صادقين في حل مشكلة المرتبات، وإعادة انتظام صرفها بحيلة للمزايدة فقط، نحن لم نعد نثق بهم وبأفعالهم، إنهم جماعة من اللصوص المحترفين، نهبوا موارد الدولة وراتب الموظف وأموال المواطنين".

- تجريم المطالبة بالمرتبات

يقول المدير القانوني "بلال غوبر" -في إحدى الدوائر الرسمية بصنعاء. لموقع "بلقيس": "هذا مشروع قانون أنه لا يوجد مرتبات، على ضوئه سيتم تجريم أي أحد يطالب بصرف المرتبات فيما بعد، سواءً حقوق الأعوام الماضية أو اللاحقة، أصلاً ليس لديهم سلطة تشريعية لإصدار قوانين، أنصح الجماعة ألا يكذبوا على أنفسهم مثل ما يكذبوا علينا".

وتأتي تحركات مليشيا الحوثي، في هذا المجال تحديداً، ضمن مساعيها لامتصاص غضب الشارع، وتخفيف حالة الاحتقان، نتيجة المتغيرات المتسارعة في المنطقة، والأحداث التي ستعمل على إعادة ترتيب الأوضاع، في بعض البلدان التي تشهد اضطرابات داخلية، بسبب سيطرة الجماعات المسلحة الممولة من إيران.

يقول الخبير الاقتصادي "محمد الصراري" لموقع "بلقيس": "الهدف الحقيقي لقانون المرتبات هو النهب المزدوج بالعملتين المحلية والأجنبية، ومن وعاءين مختلفين، من جهة تشريع للسطو على أموال الصناديق العامة وأصولها، ومن جهة أخرى سرقة المساعدات المالية المقدمة من الخارج، لدعم عملية صرف المرتبات".

وسخر الناشط المحلي "يحيى اليمني" من قانون دعم فاتورة صرف نصف مرتب بقوله لموقع "بلقيس": "كل يوم تثبتوا أنكم عصابة فاشلة، الموظف ينتظر صرف راتبه كاملاً، المرتب استحقاق دستوري وقانوني مشروع، وأنتم تلتفوا وتحتالوا على الموظفين، وتشرعنوا للنهب وعدم المطالبة بالرواتب المتأخرة بأثر رجعي، جهزوا سجون ومعتقلات للمطالبين بالراتب فيما بعد".

- تثبيت عناصرها

بينما تستكمل مليشيا الحوثي نهب أموال الصناديق والوحدات العامة، ومصادرة كل الحقوق السابقة، تعمل -وفقاً لمفهوم الجماعة الخاص- دون وضع الموازنة العامة للدولة واحتساب أجور العاملين المستحقة طبقاً للكشوفات الوظيفية الرسمية.

يقول النقابي "مطهر أحمد" لموقع "بلقيس": "هناك توجّه حوثي لإحالة عدد كبير من الموظفين إلى التقاعد دون منحهم الامتيازات المعتمدة، لذلك يعني تثبيت وظائف جديدة لعناصر الجماعة، من خارج قوائم الخدمة المدنية".

رغم ما تشكِّله عملية إعادة انتظام صرف المرتبات من حالة إنعاش للوضع الاقتصادي الراكد، إلا أن تشريع المليشيا لأعمال النّهب يقضي على ما تبقّى من فتات مالي متواضع في حسابات المؤسسات الإيرادية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.