تقارير
قتْل شاب وصلبه في أبين.. صورة الدولة التي يسعى الانتقالي لإقامتها
نشر ناشطون موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي مقاطع صادمة تظهر مدرّعة عسكرية تابعة لقوات 'مكافحة الإرهاب' وهي تصلب جثة مواطن في الشوارع، بمحافظة أبين، بعد مقتله في عملية أمنية بمدينة عتق في محافظة شبوة.
الجثة كانت مربوطة على مقدمة مدرعة، في مشهد أثار موجة سخط واسعة، ووصفت منظمات حقوقية الحادثة بأنها جريمة مكتملة الأركان، وتمثل انتهاكا صارخا للقانون اليمني، وللقانون الدولي الإنساني، وقبل كل ذلك للشريعة الإسلامية، كما تظهر انحدارا خطيرا في سلوك الأجهزة الأمنية الخارجة عن سيطرة الدولة، وتطبيعا للقتل خارج إطار القانون، تحت ذريعة الانتماء لداعش دون أدلة أو محاكمة.
وأبدت المنظمات الحقوقية مخاوفها من توسع ظاهرة القتل خارج إطار القانون، دون رقابة قضائية.
كما أن الحادثة تدفع للتساؤل: من يحكم فعليا في المحافظات المحررة؟ وأين النائب العام من هذه الانتهاكات؟ ومن يشرعن هذه الجرائم، ويمنحها الغطاء السياسي؟ وهل تمثل هذه الممارسات صورة الدولة التي يسعى المجلس الانتقالي لإقامتها؟ وما مدى خضوع الأجهزة الأمنية المحلية للسلطات الرسمية؟ كما تشير تساؤلات حول طبيعة الدعم الخارجي لهذه القوات، وانعكاسات ذلك على حضور الدولة وسيادة القانون؟
- مشهد صادم
يقول المحلل السياسي حسن مغلس: "إن الموقف صادم؛ قوة أمنية كبيرة مدججة بالسلاح ما الداعي أن تقوم بمثل هذا العمل، خصوصا وأن الشاب وحده ولم تكن عصابة أو مجموعة من الإرهابيين؟".
وأضاف: "شخص واحد كان يمكن القبض عليه بكل بساطة، لا سيما وأنهم قالوا إنهم قبضوا عليه في بيته، أو في محله، وهو موجود ومتوفّر داخل شبوة، وكان يمكن لأمن شبوة أن يقوم بالمهمة".
وتابع: "الموضوع صادم، ولا ندري هل عندهم رسالة معينة يريدون إيصالها لناس، أم أنهم يريدون إشغال الرأي العام عن الصراع الحاصل في حضرموت؟ لأننا حينما نقرأ المشهد نجد الوضع كان في حالة صراع بين عيدروس الزبيدي وعمرو بن حبريش، في وادي حضرموت".
وتساءل: "ما الذي استفادته قوة 'مكافحة الإرهاب'، التابعة للانتقالي؟ وما الذي سيضاف لرصيدها؟"، مضيفا: "بالعكس تآكل رصيدها، وإن كان رصيدها متآكلا من سابق؛ لأن هذه المجاميع هي نفسها التي صفَّت واغتالت 35 عالما ومصلحا داخل عدن، تحت مسمى 'مكافحة الإرهاب'، وتاريخها معروف".
وأردف: "هذه القوة المسلحة ذهبت من محافظة إلى محافظة لتأتي بخفي حنين، بشخص صلبته! هذا شيء مرعب".
وزاد: "نحن عندما شاهدنا هذه اللقطة، نقارنها بصورة كانت تستخدمها القوات الإسرائيلية، عندما تدخل إلى الضفة الغربية، وتقوم بربط شخص على الآلية، وتمشي به، حتى لا يعتدى عليها، فكان المشهد متقاربا".
وقال: "المشهد صدم الشعب اليمني بأكمله، بل صدم حتى أنصارهم، الذين يشجعونهم في كل مرة؛ لأن هذا عمل مخالف للفطرة، مخالف حتى للإسلام والعروبة والشهامة، ولكل شيء".
وأضاف: "الغريب أنه معنا مجلس رئاسة، ومجلس وزراء، ومجلس نواب، ولم نسمع صوتا يستنكر، وقيل إن هناك من المحرمي رسالة، في صحيفة محلية، أشارت إلى الموضوع، لكن لم يخرج أحد يستنكر هذا الحدث، الذي سحب من رصيدهم المسحوب إلى النهاية".
- جريمة حرب
يقول المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان: "إن ما حدث هو جريمة حرب -كما ذكرنا في بيان المركز- لأن الاتفاقيات الدولية، واتفاقيات جنيف، جرَّمت المساس بجثة الإنسان الذي يقتل مهما كانت الجريمة التي ارتكبها".
وأضاف: "نحن اليوم نتحدث عن شخص لا نعرف ما هي التهمة التي كانت موجهة له، ولا نعرف هل هو متهم؟ هل كان بريئا؟ وهذا شيء لا يهمنا نحن كمنظمات حقوقية، كمحامين وقانونين، ما يهمنا هو سلامة الإجراءات التي تتخذ في مواجهة الأشخاص، الذين تريد السلطة أن تتخذ ضدهم أي إجراءات، حيث يجب أن تكون هناك إجراءات سليمة وفقا للقوانين".
وتابع: "القوانين اليمنية، وحتى القوانين الدولية، التي صادقت عليها اليمن، حددت إجراءات تبدأ بعملية القبض، وحددت الجهات التي تصدر أوامر القبض، التي تنفذ أوامر القبض، وأيضا عمليات التحقيق، وتوجيه الاتهام والمحاكمة، وإنزال العقاب، وهذه من اختصاصات القضاء، أما دور الأجهزة الأمنية هو أن تساعد السلطة القضائية على تنفيذ القانون، لذلك سميت بأجهزة إنفاذ القانون".
وأردف: "اليوم نرى أن المؤسسة القضائية تتلاشى، ولم تعد موجودة في حياة الناس".