تقارير

كُحل الإثمد'.. عادات قديمة تهدد حياة الناس بالعمى

30/04/2021, 21:17:24
المصدر : نشوان علي

في زوايا بوابات الجامع الكبير في صنعاء يجلس الحاج أحسن المطري (58 عاما) في انتظار من يأته من الصِّبية أو الشبان أو الطاعنين في السن، لأخذ دورهم في جلسة "كُحل الإثمد"، التي يقول رجال الدِّين على إنها "سُنّة" أوصى بها النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- على اعتبار أنها تجلو البصر، وتُنبت الشعر، كما في "صحيح الترمذي".

ليس الحاج أحسن المطري الوحيد، فهناك أمثاله متقدّمون في السن يجلسون على بُعد أمتار منه، ويمارسون العادة نفسها التي تصنّف بأنها الأقدم والأغرب في اليمن.

وبرغم الشمس الحارقة إلا أن الصِّبية يسابقون الكبار، ويتقدّمون الصفوف الأولى، يدفعهم طيش الطفولة والفضول لخوض التجربة، يسكبون -بعد أول "مِيل" يُوضع في أعينهم- دموعا غزيرة مع ضحكات، في مزيج بين الألم والفرح بتحقيق إنجاز، لتتكرر العملية نفسها مع آخرين. 

وراثة من أبيه 

يقول الحاج أحسن المطري لـ"بلقيس": "كان والدي -رحمه الله- يأخذني معه في رمضان من كل عام إلى هنا. وما زلت أتذكر أنه كحّلني بيديه، وورّثني ما صنعه قديما".

يُضيف الحاج أحسن ذو اللحية البيضاء الخفيفة كخيط على وجهه الممتلئ بالتجاعيد: "بعد صلاة الظهر أبدأ في استقبال الضيوف الجدد، الذين يأتون إلى الجامع الكبير، ويرغبون في الاكتحال".

بعد كل عملية اكتحال يؤديها الحاج المطري تبقى الدّموع -التي تتساقط من العيون- هي لغة الحديث، فيدخل المكتحل حالة صمت، وتتحدث عيناه بالدّموع، إلا أنها سرعان ما تتوقّف بعد أن تصفو العين بعد حُرقة شديدة، في جلسة تكاد تكون اعتقادا بأنها تُحافظ على صحة العين وصفائها. 

تردد واكتحال

يقول طامش يحيى الغادر (33 عاما) لـ"بلقيس": "ترددت كثيرا قبل الخوض في التجربة، إلا أنّي قررت أخيرا، وبعد أخذ وردّ، الجلوس أمام الحاج أحسن المطري في الانتظار، وحين وصل دوري، وأكملت الاكتحال، شعرت أني لن أستطيع أن أرى النور مرّة أخرى".

يضيف طامش، والدموع ماتزال عالقة في أجفانه، ضاحكاً: "عندما هدأت الحرقة، وبدأت أرى كل من حولي، قررت أن أكتحل مرة أخرى، لكن ليس الآن".

ورغم الزّحام العجيب أمام المسنين إلا أن هناك من كان يرفض الاكتحال بـ"الإثمد" خشية على عينيه، كالشاب عبدالحكيم مهدي (26 عاما)، الذي يرتدي نظارة سوداء بعدسات مضادة لضوء الشمس، حيث كان واقفا يستظل من أشعة الشمس، ويستمتع بمشاهد الدّموع والضحكات على مُحيا من خاضوا التجربة. 

حساسية

يقول عبدالحكيم لـ"بلقيس": "أعاني حساسية مُفرطة في عينيّ، والغبار يؤثر فيهما، فما بالك لو جربت هذا الشيء، الذي يحرق".

يضيف عبدالحكيم: "حتى لو كان سُنة عن النبي محمد، لكن الإنسان يجب أن يعمل العقل في هذا الجانب، فربّما تتأثر عيني وتتطوّر الحساسية لديّ، وربما أفقد البصر".

كانت أجابة الشاب عبدالحكيم منطقية، خاصة وأن "المِيل"، الذي يُستخدم في الاكتحال، هو نفسه لجميع الأشخاص الذين يرتادون المكان، ويخوضون تجربة الاكتحال.

يقول الطبيب الاستشاري في أمراض العيون، رمزي سلام، لـ"بلقيس: "العين عضو حساس جداً، ويجب الحذر، وتجنب مثل هذه العادات الضّارة، وهناك اعتقاد بأن 'الإثمد' يعالج التهاب العيون، ويساعد في التخلص من ضعف النظر، وهذا من المعتقدات الشائعة والخاطئة". 

مخاطر كبيرة

وأوضح الدكتور رمزي سلام أن "هناك أنواعا مقلّدة، منتشرة في السوق اليمنية، بسبب عدم وجود جهات رقابية، تسبب آلاما شديدة في العين، واحمراراً في العين، لاحتوائها على نسبة عالية من الرصاص والكادميوم والزرنيخ".

 

وأشار الدكتور سلام إلى أن "دراسات، أُجريت في هذا الجانب، أثبتت خطر كحل 'الإثمد'، وخاصة النوع المقلّد والمنتشر بكثرة في السوق المحلية"، مضيفا: "كما أن الاكتحال بنفس الميل قد يتسبب في نقل أمراض من شخص مصاب إلى شخص صحيح".

وحذّر الدكتور عبر "بلقيس" من "المخاطر الكبيرة في استخدام المستحضر الملوث بالرصاص والمعادن الثقيلة"، مؤكدا أن "استعماله لا يؤدي فقط إلى التهابات وحساسية في العين فقط، فمن الممكن أن يؤدي إلى إعتام القرنية، والتهاب شبكية العين، وغيرها من أمراض العيون، ويصل في معظم الأحيان إلى العمى".

تقارير

إغراق سفينتين خلال 48 ساعة.. تصعيد حوثي يثير القلق والتساؤلات؟

بعد غرق سفينة "ماجيك سيز"، أكدت مصادر أمنية بحرية أن سفينة الشحن "إترنيتي سي" التابعة لشركة يونانية، غرقت هي الأخرى في البحر الأحمر، بعد هجوم شنّته مليشيا الحوثي عليها، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين أفراد طاقم السفينة.

تقارير

ضبط قياديين حوثيين في المهرة وعدن.. ما وراء دعوات الإفراج عنهما؟

تطور جديد على صعيد المواجهة بين الشرعية والحوثيين، حيث أوقفت السلطات الأمنية في المهرة وعدن قيادات حوثية بارزة على خلفية انتمائهم لجماعة مصنفة "إرهابية"، في خطوة اعتبرها البعض بأنها تنطلق من الأساس القانوني الذي يخول الدولة حماية أمنها، وملاحقة العناصر المتورطة في أعمال عدائية أو جرائم جسيمة.

تقارير

كيف يمكن قراءة عودة الهجمات على السفن في البحر الأحمر؟

قالت ليبيريا إن اثنين من أفراد طاقم سفينة الشحن «ترنيتي سي» لقيا حتفهما جراء هجوم شنّته ميليشيا الحوثي باستخدام زوارق مسيرة وقوارب سريعة قبالة السواحل اليمنية. وأضاف وفد ليبيريا، خلال اجتماع المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن السفينة ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.