تقارير

كيف تحوّل الانتقالي الجنوبي إلى ورقة في لعبة نفوذ تدار من أبو ظبي والاحتلال الإسرائيلي؟

14/09/2025, 14:12:19
المصدر : تقرير خاص

وراء شعارات الاستقلال، يُساق اليمن، والجنوب منه خصوصاً، إلى حظيرة التبعية، ليس للسعودية والإمارات فحسب، ولا حتى للقوى العظمى المسيطرة على الملف اليمني كبريطانيا وأمريكا، بل صار شعار استقلال الجنوب مدخلاً للتعبئة للعدو التاريخي للأمة العربية والإسلامية، الكيان الصهيوني.

قبل أشهر، استضاف المجلس الانتقالي -بتنسيق إماراتي- وفداً من منتدى "دراسات الشرق الأوسط"، مكوناً من صحفيين اثنين، أحدهما يحمل الجنسية الإسرائيلية - الأمريكية والآخر إسرائيلي - بريطاني، وكلاهما معروف بانحيازه العقائدي الداعم لإسرائيل والمُعادي للتيارات الإسلامية.

وخلال الثلاثة الأشهر الماضية، كتب أحدهما مقالين، الأول موجه لسياسات الولايات المتحدة والآخر موجه للإسرائيليين والوسط السياسي المرتبط بهم، فيما كتب باحث آخر مقالاً ثالثاً، وكلها تصب في تفكيك الوضع اليمني وتقديم المجلس الانتقالي كحليف محتمل لإسرائيل في مواجهة إيران والحوثيين.

هذا التوظيف يضعف المجلس الرئاسي ويتركه خارج المعادلة ويمنح الحوثي فرصة لتعزيز سرديته كمقاوم محلي في وجه إسرائيل وحلفائها.

-دعم إسرائيلي لمشاريع الانفصال

يقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عادل المسني: "زيارة صحفيين إسرائيليين المجلس الانتقالي في عدن، منتصف يوليو، وفق تقارير صحفية نشرت في الثاني عشر من سبتمبر، هذا الخبر ليس جديداً فيما يتعلق برغبة الانتقالي، فهو لا يُخفي رغباته فيما يتعلق بهذا البُعد حتى إن بن بريك قال: سنستعين حتى بالشيطان، ويقصد بالشيطان نتنياهو".

وأضاف: "الإمارات أيضاً مطبِّعة مع إسرائيل، بل هي التي تروّج للتطبيع في المنطقة، ومن ثم لها تواجد مباشر في المضايق، وفي الجُزر المهمّة في اليمن، وكثير من الرحلات كنا نشهد فيها وجود حضور إسرائيلي، سواء عسكريين أو باحثين أو غيره".

وتابع: "هذا البُعد غير خفي، لكن يبدو الجديد هو في هذه التطورات الكبيرة التي جاءت في الإقليم، الحرب الإقليمية ومن ثم التدخل المباشر من قِبل إسرائيل لدعم الأقليات أو مشاريع الانفصال في المنطقة".

وأردف: "إسرائيل اليوم تلعب على المكشوف كما رأيناها مع الدروز، حيث تبنّت قضية الدّروز بشكل مباشر، رغم أيضاً الملاحظات الإقليمية والدولية مُمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تأبه بهذه الجهود، وذهبت أيضاً لقصف الجيش السوري، ومن ثم ضربت دمشق".

وزاد: "في الحقيقة، هذا شجع الأكراد، رغم أنهم كانوا قد وقعوا اتفاقا على الانخراط ضمن الحكومة في دمشق، لكنهم تمردوا بدعم من إسرائيل، وهذا -في تصوري- أيضاً أثار فضول الانتقالي، والآن هو يتمرد على الشرعية وعلى الاتفاقات والتفاهمات التي أقرها مع المجلس الرئاسي، ويتطلع إلى استدعاء الكيان الصهيوني، لا سيما وهو يرى أن اليوم كل بُؤر التوتر الموجودة المرتبطة بالانفصال تدعمها إسرائيل بشكل مباشر، من الدروز إلى الأكراد إلى السودان وحتى حفتر".

وقال: "الانتقالي اليوم يدخل على الخط ويتمرد على الشرعية بشكل مباشر محتمياً بالكيان الصهيوني، والكيان الصهيوني مدعوم بشكل مطلق من ترامب، بمعنى أن الشرعية الدولية والإقليمية هي مع الانفصال اليوم، ولهذا صعّد الانتقالي اليوم بشكل واضح وتمرد على المملكة العربية السعودية وعلى المجلس الرئاسي وعلى التفاهمات مع الشرعية ومع التحالف".

-التعامل بالصفة لا بالجنسية

يقول الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي صلاح السقلدي: "هذان الصحفيان هما أتيا بصفتهما عاملين في معهد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأول اسمه جوناثن يحمل الجنسية البريطانية والإسرائيلية، والآخر اسمه مايك".

وأضاف: "نحن نتعامل بالصفة، ولا أعتقد أن المجلس الانتقالي يعرف جنسيتهما أصلاً، فهو ضعيف، ولا يمتلك أي مراكز أبحاث تبحث عن ذلك".

وتابع: "منتدى الشرق الأوسط، كما نعرف، يهتم في الشأن اليمني تحديداً، في مسألة ما يخص أمن البحر الأحمر وباب المندب، ويشجّع أي قوة تحارب الحوثيين وتضعف من قدراتهم، ويرى أن المجلس الانتقالي هو القوة الأكثر جدية في محاربة الحوثيين".

وأردف: "أنا قرأت أكثر من مقال لكلا الصحفيين، وهما يشجعان المجلس الانتقالي بهذه النقطة وبهذه الزاوية، ولم يتطرقا على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد لمسألة التطبيع، ولا حتى لمسألة دعم المجلس الانتقالي والقضية الجنوبية في الانفصال أبداً".

وزاد: "هذا المنتدى نعرفه تماماً أنه يمثل السياسة الأمريكية ويوجهها، وهو بالتأكيد يخدم السياسة الأمريكية، ولو كنت أنا شخصياً أعرف أن المجلس الانتقالي يذهب إلى التطبيع مع إسرائيل لوقفت بإمكانياتي المتواضعة ضد هذا التطبيع".

وقال: "عندما أيد عيدروس الزبيدي التطبيع الذي قامت به الإمارات، أنا تكلمت على هذا وفندت كلامه، ورفضنا هذا الكلام في حينه، عندما تكلم لقناة روسيا حينها. ولكن أقول إن الذي يقوي الحوثيين فيما يتعلق بالموضوع الإسرائيلي وبالعدوان الإسرائيلي هو هذه السلطة الشرعية، لننظر إلى تغريدات وزير الإعلام الإرياني، فهو يؤيد الهجمات الإسرائيلية على صنعاء".

وأضاف: "السلطة الشرعية نفسها هي من تقوي الحوثيين، حتى إن أحد الصحفيين الأمريكيين اليوم قال إن هذه الشرعية ليست أكثر من ظاهرة على الورق، ولا تمتلك أي جدية في محاربة الحوثيين، وإن قدر لها أن تفاضل ما بين السيطرة على الجنوب والانتقالي، أو القاعدة والحوثيين، لفضلت أن تسيطر على المجلس الانتقالي".

وتابع: "هذا المنتدى، وهذان الصحفيان، أتيا ليسلطا الضوء على الدور الحوثي وضرورة محاربته وتشجيع القوى التي تحارب الحوثيين في مسألة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب. ولم أرَ على الإطلاق، وأنا قرأت لهم أكثر من مقالة، أنهم تحدثوا عن القضية الجنوبية أبداً، أو شجعوا المجلس الانتقالي على الذهاب إلى التطبيع أبداً. ونحن ضد أي تطبيع سواء أتى من طرف الإمارات أو من غير الإمارات، وسنتصدى له بكل ما أوتينا من إمكانيات، وإن كانت هذه الإمكانيات متواضعة".

-سياسة الإمارات لخدمة إسرائيل

يقول رئيس تحرير موقع المشهد الجنوبي، صالح اليافعي: "هذا الأمر ليس مستغرباً، وكان متوقعاً، لكنه انتشر لوسائل الإعلام، وفي الحقيقة هناك وفود وهناك تحركات للكيان الصهيوني في جنوب اليمن، وهناك تقارير معروفة كشفتها الصحف العالمية عن قواعد عسكرية وتخصصات للموساد بإيعاز من الإمارات".

وأضاف: "منذ الوهلة الأولى عندما أعلنت الإمارات اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، ومنذ اليوم الأول، خرج عيدروس الزبيدي يؤيد هذا التطبيع وكذلك نائبه هاني بن بريك، وقالوا إنهم مستعدون لفتح علاقات وتفاهمات مع إسرائيل في حال أنهم حصلوا على الاستقلال في الجنوب".

وتابع: "نحن اليوم نتكلم عن مكون أنشأته الإمارات يخدم مصالحها، لا يملك حتى قرارا، حتى إنهم لا يتنفسون إلا بأمر من الإمارات".

وأردف: "اليوم لو نظرنا إلى سياسة الإمارات فهي سياسة تقدِّم الإسرائيلي -بلا شك، وبالتالي المجلس الانتقالي هذا هو مكون تابع للإمارات، لا يمثل جنوب اليمن وإنما يمثل سياسة الإمارات ومطامعها ومشاريعها التدميرية والفوضوية في الجنوب".

وزاد: "الانتقالي لم يحقق شيئاً لأبناء الجنوب، بل إنه دمر الصف الجنوبي في سبيل المشروع الإماراتي وسياسة الإمارات في الجنوب، هذا هو الانتقالي لم يحارب إلا أبناء الجنوب الرافضين لمشروع الإمارات، الذي هو مشروع احتلال بامتياز".

وقال: "الانتقالي لا يستطيع أن يرفض التطبيع مع إسرائيل، إذا كانت الإمارات هي من أمرته بذلك، وبالتالي هذه العلاقة لا تمثل شعب الجنوب وإنما تمثل هذا المكون الذي يخدم الإمارات".

 

تقارير

ما أبعاد ومآلات استضافة المجلس الانتقالي لوفد إسرائيلي؟ (تحليل)

نحاول في هذه التناولة أن نحلل زيارة فريق من منتدى الشرق الأوسط منتصف يوليو إلى مدينة عدن، باعتبارها محطة فارقة تكشف عن طبيعة التفاعلات الإقليمية والدولية في اليمن؛ لا يقتصر التحليل على رصد مسار الزيارة في حدوده الزمنية، بل يتعداه إلى تفكيك هوية المشاركين، وخلفياتهم السياسية والفكرية،

تقارير

انعكاسات الأزمة داخل مجلس القيادة الرئاسي على مسارات الإصلاح الاقتصادي

يتجدد التوتر داخل مجلس القيادة الرئاسي، ومع عودة رئيس المجلس، رشاد العليمي، إلى العاصمة المؤقتة عدن، صعّد عضو المجلس عيدروس الزبيدي المشهد بإصدار قرارات لتعيينات في السلطة التنفيذية، متجاوزاً صلاحيات رئيس المجلس والتوافق الذي تشكّل على أساسه المجلس. وطالب المجلس الانتقالي بإعادة هيكلة الحكومة ومنحه مساحة أكبر في إدارة المحافظات الجنوبية.

تقارير

اليمنيون يستعدون لإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر رغم الانقسام في الجنوب وقمع المليشيا الحوثية

يستعد اليمنيون هذا العام للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بحكم الأئمة وأسست للنظام الجمهوري، وسط حالة من القمع غير المسبوق في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، إلى جانب حالة الانقسام السياسي في الجنوب والخلافات العاصفة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والتي اعادها إلى الواجهة مرة أخرى عضو المجلس عيدروس الزبيدي المدعوم من السعودية والإمارات بعد إصداره عدد من القرات والتعيينات الفردية وتجاوزه لصلاحية رئيس المجلس رشاد العليمي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.