تقارير
كيف حولت مليشيا الحوثي ملف الأسرى والمختطفين من قضية إنسانية إلى ورقة ابتزاز؟
جددت الحكومة اليمنية اتهامها لمليشيا الحوثي بالمسؤولية عن تجميد ملف الأسرى والمختطفين، وتحويله من قضية إنسانية ملحة إلى ورقة للابتزاز السياسي وتحقيق المكاسب الاقتصادية.
وفي تصريح صحفي لنائب رئيس الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، حسن القبيسي، قال إن الملف يشهد حالة من الجمود غير المبرر، مرجعًا ذلك إلى الاختلاف الجوهري في الرؤى.
وأكد القبيسي أن الحكومة تتمسك بالحل الشامل، بينما ميليشيا الحوثي تتعامل مع الأسرى كرهائن للمساومة، لافتًا إلى أن الجولات التفاوضية السابقة توقفت جميعها نتيجة تعنّت الميليشيا.
- اختطافات متواصلة
تقول رئيسة رابطة أمهات المختطفين، أمة السلام الحاج، إن ملف الأسرى والمختطفين هو ملف إنساني، لكنه أصبح في متناول الجميع كقضية سياسية، وخصوصًا جماعة الحوثي.
وأضافت: إذا كانت جماعة الحوثي قد حولت ملف الأسرى والمختطفين إلى ملف سياسي للابتزاز، فهذا لا يعفي الحكومة الشرعية من القيام بواجبها، لأن هؤلاء الأسرى والمختطفين هم أبناؤها، ولا بد أن يكون لهم حق في الرعاية والاهتمام.
وتابعت: نحن في الرابطة تحركاتنا مستمرة في كل مكان؛ من المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن إلى الشرعية وإلى الجميع، بحيث نحاول أن نحرّك هذا الملف الجامد الموجود على الطاولة، فيما الناس داخل السجون يموتون.
وأردفت: الحوثيون يواصلون اعتقال الناس بشكل كبير جدًا، فخلال الشهور الثلاثة الماضية كانت الأعداد متزايدة بشكل كبير، ونحن في الرابطة بدل أن نطالب بإخراج السابقين، نحاول العمل على جمع المعلومات الخاصة باللاحقين، وهذا أمر خطير جدًا على أبنائنا المختطفين.
وزادت: وصلنا إلى جميع الجهات وطرحنا كل هذه الرسائل والأنشطة والبرامج من أجل تحريك هذا الملف، وإحداث فعل إيجابي فيه، ولكن دون جدوى من الجميع.
وقالت: الحوثي يبتز الناس ويبتز الأمم المتحدة والجهات والدول، والجميع يعرف أن المسجونين يمنيون ولا أحد يأبه بهم، فهم ضعفاء ومساكين، ومصيرهم السجن والمحاكمة والاتهامات الباطلة.
وأضافت: هذه الاتهامات الباطلة تطال أشخاصًا بسطاء يعرفهم الناس جيدًا، وقد وثقنا حالات كثيرة لأناس بسطاء جدًا يعملون في وظائف عادية وتم اتهامهم بالتجسس وغيرها من التهم، ونخشى أن يكون مصيرهم كمصير أبناء الحديدة الذين تم اعتقالهم وإعدامهم بتهم باطلة ومحاكمات صورية.
وتابعت: الحوثي لا يهمه أبناء اليمن، وكذلك المجتمع الدولي لا يهمه اليمنيون الموجودون في السجون، ولو كانوا أجانب لتم الإفراج عنهم منذ زمن. وأنا هنا ألوم الشرعية، إذ لا بد أن يكون لها فعل حقيقي في الميدان، فهؤلاء أبناؤها، وهم أناس مسالمون لم يشاركوا في الحرب، ومع ذلك يتم نسيانهم والتخلي عنهم، وهذه جريمة في حق المواطن اليمني.
- ورقة ابتزاز
يقول الصحفي نبيل صلاح إن هذا الملف، ومنذ ما بعد أبريل 2023، لا يزال يراوح مكانه، وإن هذا الجمود ناتج عن تعنّت ميليشيا الحوثي التي تتعامل معه كورقة ابتزاز سياسي وإنساني.
وأضاف: الحكومة الشرعية قدمت تنازلات واضحة في عدة مناسبات ووافقت على مقترحات أممية وفق مبدأ "الكل مقابل الكل"، بينما تستمر الميليشيا في تجزئة الملف والتعنت فيه، ورفض تبادل الكل مقابل الكل، بل إنها ترفض الكشف عن معلومات بشأن مصير السياسي محمد قحطان، الذي يتعرض لأطول إخفاء قسري في تاريخ اليمن الحديث.
وتابع: ميليشيا الحوثي ترفض مجرد الكشف عن مصير السياسي محمد قحطان ومصير العديد من المخفيين قسريًا، وأمام هذا التلكؤ والتعنت هناك ضعف من جانب الأمم المتحدة ومن جانب الشرعية، حيث لا يوجد رد يرقى إلى مستوى ما تتعامل به الميليشيا، للضغط عليها وإجبارها على الاستجابة.
وأردف: أداء الحكومة الشرعية فيما يخص ملف المختطفين والأسرى ليس بالمستوى المطلوب، وإن كانت قد بذلت جهودًا وتنازلات، إلا أن هذه الميليشيا لا تتعامل مع الملف الإنساني بأي مسؤولية.
وزاد: قد تكون المشاكل البينية داخل الشرعية قد أبعدتها عن هذا الملف الإنساني الذي يجب أن يكون أولوية في المعركة الوطنية، لكن فريق التفاوض الحكومي لا يزال يمتلك ما يمكن فعله لمواجهة هذا التعنت.
وقال: على فريق التفاوض الحكومي إعادة ضبط قواعد التفاوض مع هذه الميليشيا، ووضع خط أحمر واضح بأن ملف الأسرى والمختطفين ملف إنساني لا يخضع للمناكفات السياسية أو الاستغلال، وأن أي محاولة حوثية لربطه بقضايا أخرى يجب أن تُرفض بشكل قاطع.
وأضاف: يجب على فريق التفاوض أيضًا نقل هذا الملف إلى مستوى أعلى من الضغط الدولي، في المداولات ومساعي السلام، لأن ميليشيا الحوثي لا تستجيب إلا تحت الضغط، ويجب على الفريق الحكومي تفعيل مجلس الأمن وآليات الأمم المتحدة بطلب رسمي لإصدار بيان أو قرار يدين اختطافات الأكاديميين والإخفاء القسري وتلفيق تهم الجاسوسية.
وتابع: يجب الضغط عبر مكتب المبعوث الأممي، عبر تقييم أدائه المخيب للآمال في هذا الملف، وإشراك الصليب الأحمر، ووضع استراتيجية وطنية تكشف للرأي العام تفاصيل هذا الملف، مثل إصدار تقرير دوري باللغتين العربية والإنجليزية يوضح العراقيل، إذ لا نرى تحديثات من قبل الفريق الحكومي، ولا توجد حتى منصة رقمية توفر قاعدة بيانات لأسماء المختطفين والمخفيين قسريًا.