تقارير
كيف ستتأثر واردات الغذاء وأسعار السلع في اليمن بعد تصنيف واشنطن للحوثيين كمنظمة إرهابية؟
في ظل الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن، يثير قرار الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية تساؤلات حول تأثيره المحتمل على واردات الغذاء إلى البلاد.
و يُعتبر اليمن من أكثر الدول اعتمادًا على الواردات لتلبية احتياجاته الغذائية، حيث يستورد نحو 90% من احتياجاته الأساسية.
يشير العديد من الخبراء إلى أن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وتعطيل الواردات الحيوية، بما في ذلك المواد الغذائية، نتيجة لتردد الشركات والمؤسسات المالية في التعامل مع الجهات المرتبطة بالمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، خوفًا من التعرض لعقوبات.
وفي هذا السياق، حذرت منظمات إنسانية من أن القرار قد يزيد من معاناة المدنيين ويعقد إيصال المساعدات بسبب الهجمات على البنية التحتية.
وبحسب منظمة أوكسفام البريطانية فإن خطوة تنصيف الحوثيين منظمة إرهابية قد تؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين اليمنيين، وتعطيل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود.
وقال سكوت بول، مدير السلام والأمن في منظمة أوكسفام أميركا، في بيان، إن "إدارة ترامب تدرك هذه العواقب التي ستؤثر بشدة على اليمن، وعلى الرغم من ذلك اختارت المضي قدماً على أي حال". وأكد بول أن إدارة ترامب "ستتحمّل مسؤولية الجوع والمرض الذي سيترتب على قرار إعادة التصنيف".
و وتتفاقم الأزمة الإنسانية في ظل إصدار وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في حكومة الحوثيين قراراً يقضي بمنع استيراد مادة الدقيق عبر موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة، كما دعت الشركات الملاحية إلى الالتزام بالقرار وعدم شحن أي كمية من الدقيق عبر موانئ الحديدة والصليف، محملاً إياها المسؤولية حال خالفت تلك التوجيهات.
وتُعَد الموانئ اليمنية، بما فيها ميناء الحديدة، شريان الحياة لواردات الغذاء إلى البلاد. ومع تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، قد تتردد شركات الشحن والتأمين في التعامل مع هذه الموانئ، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وبالتالي زيادة أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية كما أن القرار قد يهدد بتعطيل الواردات الحيوية ويزيد من معاناة المدنيين في اليمن.
ويرى بعض الخبراء أن القرار قد يكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد اليمني بشكل عام، وعلى واردات الغذاء بشكل خاص.
في المقابل يرى بعض المسؤولين أن القرار قد يسهم في تقليص القدرات المالية والعسكرية للحوثيين، مما قد يحدّ من قدرتهم على توجيه العمل الإنساني واستغلاله لأغراض سياسية أو عسكرية، ويدعم جهود الحكومة اليمنية لاستعادة دورها السيادي في الإشراف على المساعدات.
يقول جمال محفوظ بلفقيه، المنسق العام للجنة العليا للإغاثة التابعة للحكومة إن قرار إدارة ترامب تصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية عالمية "سينعكس ايجابياً على الجانب الإنساني من خلال تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لكل رقعة في اليمن عبر المناطق المحررة، إذ تطالب الحكومةالمنظمات الدولية بنقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وقرار الإدارة الأميركية سيساعد بشكل كبير في استعادة ثقة الدول المانحة بما يساهم في تنظيم العمل الإنساني والإغاثي".
وأضاف بلفقيه أن "قرار الإدارة الأميركية جاء مواكباً لتوجه مجلس القيادة الرئاسي لإعادة تشكيل اللجنة العليا للإغاثة بوصفها نافذة واحدة تنظم وتسهل العمل الإنساني ومساعدة المنظمات لتذليل الصعوبات وتسهيل عملها على مبدأ لامركزية العمل الإنساني والإغاثي، والاستفادة من 22 ممراً برياً وبحرياً لإيصال المساعدات لجميع المحافظات اليمنية، ورفع الاحتياج من أرض الواقع".
مخاوف وحلول ممكنة
في جولة ميدانية بأسواق صنعاء، عبّر العديد من المواطنين عن قلقهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. يقول أحمد، وهو أب لخمسة أطفال: “نحن نعتمد بشكل كبير على المساعدات والواردات لتلبية احتياجاتنا اليومية إذا تأثرت هذه الواردات، فسيكون الوضع كارثيًا على الأسر الفقيرة”.
من جهتها، تشير أم محمد، وهي ربة منزل، إلى أن “أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، فلن نتمكن من توفير احتياجاتنا الأساسية”.
لمواجهة التداعيات المحتملة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية على واردات الغذاء، يقترح الخبراء والمسؤولون إصدار استثناءات إنسانية: تعمل الولايات المتحدة على إصدار تراخيص واستثناءات تضمن استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والواردات الأساسية إلى اليمن، مع التأكد من عدم استفادة الحوثيين منها إلى جانب تعزيز دور المنظمات الإنسانية وتمكينها من العمل بحرية ودون قيود في جميع المناطق اليمنية، لضمان وصول المساعدات إلى المستحقين.
ويؤكد الخبراء على قديم ضمانات للشركات والمؤسسات المالية التي تتعامل مع اليمن، لتشجيعها على مواصلة نشاطها دون خوف من التعرض لعقوباب وأيضاً التنسيق بين المجتمع الدولي والحكومة اليمنية لضمان استمرارية تدفق الواردات الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى اليمن.
وارتفع عدد السكان اليمنيين المحتاجين للمساعدات الإنسانية والحماية في العام 2025 إلى 19.5 مليون، من 18.2 مليون شخص عام 2024، وفق ما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (أوتشا)، الشهر الماضي. وأكد حاجة خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2025 إلى 2.5 مليار دولار أميركي، علماً أن خطة الاستجابة الأممية للعام 2024 طلبت 2.7 مليار دولار أميركي، لكنها لم تحصل سوى على 47%، بواقع 1.4 مليار، وهو ما انعكس سلباً على تلبية حاجات السكان المستهدفين بالمساعدات، بل أدى ذلك لتوقف بعض البرامج.
وأشار تقرير "أوتشا" إلى أن مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن ستظل مرتفعة في عام 2025، وتشير التقديرات إلى أن 17 مليون شخص (نحو 49% من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف طارئة، وسيؤثر سوء التغذية الحاد على حوالي 3.5 ملايين شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.