تقارير

كيف يمكن للأحزاب اليمنية أن تستعيد مصداقيتها في ظل هذا التناقض بين خطابها وسلوكها؟

23/02/2025, 09:08:15

رغم أن الأحزاب السياسية اليمنية كانت فاعلًا أساسيًا في المشهد السياسي، إلا أنها غابت عن أبرز التحولات التي عصفت بالبلاد، خاصة في العقد الأخير من تاريخه، حيث تنصّلت من مسؤوليتها عن الكوارث السياسية والاقتصادية التي ساهمت في تفاقم الأزمات الوطنية.

وعلى الرغم أيضًا من مشاركة الأحزاب اليمنية في تمرير الكثير من الأحداث السياسية دون رؤية وطنية واضحة، لا تزال بعض القيادات الحزبية تحاول تقديم نفسها كمعارضة صلبة، متناسية دورها المباشر في إنتاج الفشل الذي يعاني منه اليمن اليوم.

انخرطت الأحزاب والكيانات الأخرى، كالمجلس الانتقالي على سبيل المثال، في تقاسم السلطة ضمن محاصصة مناطقية وسياسية في مجلس القيادة الرئاسي، وأصبحت مشاركتها قائمة على المصالح الفئوية لا على أسس سياسية وديمقراطية.

ورغم تورطها في هذا الترتيب السياسي، تعود بعض القيادات الحزبية للظهور الإعلامي وكأنها ليست شريكة في تقويض الدولة، بل تصوّر نفسها كمعارضة تواجه الفساد والاختلالات، حتى أن الأمر التبس علينا فلم نعد نعرف من يشارك في الحكم، ومن هو في موقع المعارضة.

السلطة لا تمثل الأحزاب

يقول رئيس الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي في تعز، فهمي محمد: “في ظل الأحداث الجارية اليوم، وما تمر به البلاد، يكون السؤال العريض عن دور الأحزاب السياسية، باعتبارها الرافعة السياسية والجماهيرية لأي عمل وأي تطلعات سياسية وجماهيرية”.

وأضاف: “لكن عندما نريد أن نقيم دور الأحزاب السياسية في هذه الظروف، وفيما تمر به اليمن على وجه التحديد، علينا أن ندرك حقيقتين، الأولى تتعلق بالوضع الداخلي، والثانية تتعلق بالوضع الإقليمي”.

وتابع: “في نظري، أن الوضع الداخلي بعد أحداث الانقلاب والحرب وما مرت به اليمن، أفرز حالة موضوعية تكاد تكون نابذة للعمل السياسي والحزبي ومحاصرة للقوى السياسية الحزبية”.

وأوضح أن الانقسامات التي ترسم الجغرافيا اليمنية اليوم عسكريًا وبقوة السلاح، تقلص مساحة الحياة الحزبية، وتقلص دور الأحزاب السياسية.

وأشار إلى أنه في مناطق الحركة الحوثية الإرهابية، لا يوجد أي نشاط لأحزاب سياسية فاعلة، ولا يوجد دور سياسي وحزبي، فيما على مستوى الجنوب، وتحديدًا في ظل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، هناك أيضًا تضييق لمساحة العمل السياسي، ولم يُسمح للأحزاب السياسية أن تمارس دورها الطبيعي مع جماهيرها.

وأردف: “في تعز، تبقى هي المساحة الوحيدة الباقية للعمل السياسي والحزبي، وتتحرك فيها الأحزاب السياسية، لكن هذا ليس بكافٍ، لأن ما يوجد في تعز ليس القيادة السياسية الحزبية على المستوى الوطني. هذا يترافق مع رغبة دول الإقليم الداعمة للمشهد اليمني، حيث لديها حساسية من العمل السياسي والحزبي، وتعترض على أن تكون الأحزاب السياسية هي صاحبة القرار السياسي على المستوى الوطني”.

وزاد: “الأحزاب السياسية، بقدر ما تتلقى اليوم اللوم والتقصير، بقدر ما تجد نفسها محاصرة برغبات داخلية وخارجية، ترفض أن تكون هي صاحبة القرار السياسي والمتصدرة للمشهد”.

وقال: “أنا في اعتقادي، أن تركيبة السلطة السياسية القائمة لا تمثل الأحزاب السياسية، كما يذهب إليه الكثير من المحللين والنخبويين، فتركيبة السلطة القائمة، أي الشرعية، جاءت نتيجة توافقات ورغبات إقليمية، واختيار شخصيات تعاقبت على السلطة منذ نظام علي عبدالله صالح”.

وأضاف: “المجلس الرئاسي لا يمثل القيادة الحزبية، ولا يمثل الأحزاب السياسية”.

وتابع: “الشخصيات التي تنتمي للحزب، وعلى رأس هرم هذا الحزب وتشارك في السلطة الشرعية، سواء كانت في الحكومة أو حتى مستشارين لدى المجلس الرئاسي، هم محسوبون على الحزب، لكن علينا أن ندرك أن الوضع السياسي في اليمن يحتاج إلى قرار سياسي، سواء باستعادة مؤسسات الدولة، أو استعادة السيادة الوطنية، أو بإيجاد نموذج الدولة في المناطق المحسوبة على الشرعية”.

وأردف: “نحن بحاجة إلى قرار سياسي، والقرار السياسي بهذا الخصوص ليس بيد اليمنيين، لنكون واضحين، فتركيبة السلطة قائمة على قوى عسكرية أفرزتها الحرب، وتموضعت عسكريًا، وبالتالي، فإن المجلس الرئاسي انعكاس لهذه القوى”.

وزاد: “القرار السياسي وإصلاح مسار السلطة وإيجاد نموذج الدولة ما زال أمامه عقبات كبيرة، تتعلق برغبة الإقليم في التحكم بالملف اليمني، فالأوراق اليمنية لم تعد بيد اليمنيين، بل بيد القوى الإقليمية أكثر مما هي بيد اليمنيين، وهذه للأسف الشديد هي المشكلة الكبرى التي تواجه اليمنيين بشكل عام، سواء الأحزاب السياسية أو غيرها”.

حسابات خارجية

يقول رئيس مركز البلاد للدراسات والإعلام، حسين الصوفي: “ما يلخص هذا المشهد هو ما قاله الرئيس رشاد العليمي في مقابلة له، وربما هي المقابلة الوحيدة مع وسيلة إعلام يمنية، عندما سُئل: لماذا تراجعت عن القرارات الاقتصادية؟ فأجاب: لست مضطرًا أن أرضي الشعب، ولا أن أراعي عواطف الناس، لأني لن أنزل إلى الانتخابات. هذا هو مضمون كلامه”.

وأضاف: “تصريح العليمي هذا يلخص الوضع السياسي في اليمن، فالقائد السياسي والأحزاب السياسية تراعي الخارج أكثر مما تراعي الداخل، إذ لا ترى أن مشروعيتها تهتز برضا الشارع اليمني، بل تحسب حساب الخارج وكيف ستصل الرسائل إليه”.

وتابع: “بعض الكواليس السياسية تقول إن ما حدث في شبوة في أغسطس 2022 كان سوء تقدير من بعض القيادات السياسية، إذ ظنوا أن هذا ربما يحظى بقبول من السعودية والإمارات، وحينما ذهبوا إلى السعودية، وجدوا هناك غضبًا مما حدث في شبوة، وبالتالي، هذا يوضح كيف يُدار العمل السياسي في البلد”.

وأردف: “الحسابات الخارجية والإقليمية هي الحاضرة اليوم، فيما مصلحة البلد والمواطن، سواء الاقتصادية أو السياسية أو استعادة الدولة، ربما تكون غائبة عن ذهن العاملين والمشتغلين في النشاط السياسي”.

حالة شيخوخة

يقول الصحفي عبد العزيز المجيدي: “من المهم أن نعرف من هي الأحزاب القائمة الآن، وأعتقد أن هناك حالة شيخوخة وتهتك كبير لبنية هذه الأحزاب وهياكلها، مما انعكس على أدائها في كل المحطات المفصلية في تاريخ البلاد”.

وأضاف: “علينا أن نتذكر أن ثورة 2011 أخذت الأحزاب معها باتجاه مفاصلة تاريخية مع النظام، وذهبت إلى إسقاطه والاستعداد لبناء دولة جديدة تقوم على أساس المواطنة، لكن بفعل الضغوطات الخارجية، تحولت الثورة إلى أزمة، وتمت تسويتها بالطريقة التي شاهدناها”.

وتابع: “هذه الأحزاب كانت مسؤولة بصورة أو بأخرى، لأنها وقّعت على اتفاق ولم تأخذ الضمانات الكافية لضمان الانتقال السلمي للسلطة”.

وأردف: “للأسف، عندما تعود لتسأل نفسك من هي قيادة هذه الأحزاب، تجد أنك أمام قيادات مخلدة في الصف الأول لهذه الأحزاب، بعضها تأسست عندما تأسست الأحزاب، ولا تزال في مواقعها حتى اليوم”.

وزاد: “هناك شكل من أشكال الهيمنة والسيطرة على قرار هذه الأحزاب من قبل لوبيات وتشكيلات معينة، مما يجعل مشروعية هذه الأحزاب على المستوى الداخلي تكاد تكون منتهية”.

وختم: “يفترض أن تخضع هذه الأحزاب لشكل من أشكال المساءلة على مستوى هياكلها وأنظمتها الداخلية، فآخر حزب سياسي عقد مؤتمره العام الداخلي كان قبل 11 عامًا، ومع ذلك، فإن قياداته لا تزال متمسكة بالسلطة رغم الأداء المتردي”.

تقارير

زكريا.. قصة إلهام تتحدى الإعاقة من أجل الوصول إلى المدرسة في تعز

يواجه الطفل زكريا الخبتي (16 عامًا) من قرية بني علي في مديرية الوازعية بمحافظة تعز، تحديات كبيرة بسبب الإعاقة التي تعرض لها في عام 2020 نتيجة انفجار لغم فردي في أحد الجبال المطلة على قريته أثناء قيامه برعي الماشية. وقد أسفر الحادث عن بتر قدمه اليمنى، ما أدى إلى إعاقة مستديمة.

تقارير

في ظل التحشيد وانسداد أفق الحل السياسي.. هل ينتظر اليمنيون جولة جديدة من الحرب؟

وجّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، برفع الجاهزية القتالية للجيش، وذلك خلال اتصال هاتفي بوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، مشددًا على الاستعداد للتصدي الحازم للميليشيا الحوثية وأعمالها العدوانية ومخططاتها الإرهابية، والمضي قدمًا في معركة استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.